كورونا يعجّل بنقل زخم سوق الصفقات إلى المنطقة العربية

كشفت مؤشرات المؤسسات المالية العالمية عن فورة في سوق الصفقات بالمنطقة العربية خلال النصف الأول من العام الحالي، نتيجة هجرة رؤوس أموال صناديق الاستثمار المباشر، وفوائض الاستثمارات للشركات الناشئة بالمنطقة. وساهم الوباء في تعجيل عملية هجرة أموال “الحيتان” للمنطقة، حيث نالت انعكاسات الفايروس من الهياكل المالية للاستثمارات في جميع أنحاء دول العالم.

وعززت ثقة هجرة الأموال لدول المنطقة توقعات صندوق النقد الدولي بأن تتصدر اقتصاديات المنطقة العربية قائمة المناطق الأكثر تعافيا من تداعيات كورونا، عبر معدلات نمو مرتقبة بنحو 3.3 في المئة خلال عام 2021.

وقالت منصة الشركات الناشئة ماجنيت، إن المنطقة العربية شهدت نحو 251 اتفاقية تمويل خلال النصف الأول من العام الحالي، وحصدت الإمارات نصيب الأسد منها بنسبة 59 في المئة، من إجمالي قيمة الاستثمارات، تلتها مصر في المركز الثاني بنحو 19 في المئة. وعلى صعيد عدد الصفقات كشفت المنصة عن تصدر مصر المركز الأول، تلتها الإمارات، وحلت السعودية ثالثا، ثم سلطنة عمان والأردن.

وتواصلت قفزات استثمارات الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال الستة أشهر الماضية لتصعد بنحو 35 في المئة مسجلة 659 مليون دولار، بما يعادل 95 في المئة من إجمالي استثماراتها في المنطقة العام الماضي.

وتقتنص الأموال عابرة الحدود فرص الاستثمار البديلة في مقاصد النمو، لتعويض البعض من فرصها الضائعة بسبب الوباء، وفي ظل توقعات تراجع الاستثمار المباشر، والذي رصد انكماشه تقرير أونكتاد بنحو 40 في المئة عالميا.

وأعلن الصندوق الدانماركي للاستثمار في الدول النامية أي.أف.يو، ومؤسسة بروباركو، ذراع تمويل القطاع الخاص التابعة للوكالة الفرنسية للتنمية ومؤسسة التمويل الدولية، عن اتفاقيات تمويل بقيمة 108.5 مليون دولار لصندوق الاستثمار هيومانيا التابع لمجموعة بيت البترجي السعودية، لتدشين مشروعات في مصر والمغرب.

وكشف عن نشاط حركة الأموال الباحثة عن مقاصد استثمارية قوية تصدّر مجموعتي؛ إيميرجنغ ماركتس بروبرتي غروب، التي تقدم حلولا في مجال العقارات، وكيتوبي في مجال المطاعم، ومقرهما دولة الإمارات العربية، المركزين الأول والثاني، بعد أن جمعتا تمويلا بقيمة 150 مليون دولار و60 مليون دولار على التوالي، وجاءت شركة فيزيتا للخدمات الصحية المصرية بتمويل قدره 40 مليون دولار في المركز الثالث.

ما يعزز نشاط سوق الصفقات في المنطقة إجراءات هيئات الرقابة المالية على الأسواق والتي سمحت أيضا للشركات المحلية بشراء البعض من حصصها بشكل مباشر، بعيدا عن بيروقراطية الموافقات. وطبّقت هذه الآلية هيئتا الأوراق المالية في كل من مصر والإمارات، الأمر الذي جعلهما مركزا لسوق الصفقات.

وحفز هذا الإجراء مجموعة “بايونيرز القابضة للاستثمارات المالية” والتي تمتلك استثمارات في السوقين السعودية والمصرية على تنفيذ خمس صفقات استحواذ على حصص مكملة لنسبة 90 في المئة من أسهم خمس شركات بالسوق المصرية.

وتعد صفقات استحواذ “بايونيرز” سابقة فريدة من نوعها في السوق المصرية والأسواق العربية أيضا، وتم بموجبها الاستحواذ على خمس شركات دفعة واحدة من خلال عمليات مبادلة أسهم.

وعبر هذه الخطوة رفعت “بايونيرز” ملكيتها إلى 90 في المئة في رأسمال شركات القاهرة للإسكان والتعمير، والمتحدة للإسكان والتعمير، والكابلات الكهربائية المصرية، والصعيد العامة للمقاولات والاستثمار العقاري، الجيزة العامة للمقاولات.

وقال أيمن أبوهند، الشريك المؤسس بشركة أدفيسبل ويلث إنغينز الأميركية للاستثمارات، إن أزمة كوفيد – 19، أنعشت صفقات الاندماج والاستحواذ خلال الربع الثاني من العام الجاري.

وتوقع في تصريح خاص لـ”العرب”، استمرار انتعاش سوق الصفقات خلال الأشهر المقبلة بالقطاع المالي وتحديدا المصرفي، وسعي المستثمرين إلى بناء كيانات جديدة تضم أصولا كبرى تتحمل تراجع أسعار الفائدة المستمرة، وبناء كيانات ذات ملاءة مالية عالية قادرة على منح قروض للمؤسسات الضخمة.

وتشير حركة السوق إلى أن نشاط حركة الصفقات تتجه بشكل قوي نحو قطاع التكنولوجيا، لقدرته على النمو المتسارع، فضلا عن أن قطاع شركات الخدمات التكنولوجية في المنطقة العربية صغيرة الحجم، بالتالي فإن فرص نموّها عالية.

وأصبح هذا النوع من الشركات دائما محط أنظار استثمارات شركات رأس المال المخاطر العالمية، لأنها تمتلك فوائض مالية عالية وتسعى لتضخيم العائد عليها. ويعد قطاع الرعاية الصحية من القطاعات المؤهلة للنشاط عبر عمليات إعادة الهيكلة وصفقات الاندماجات في ما بينها، ويعكس ذلك تزايد السعودية والإماراتية على قطاع المستشفيات والمعامل الطبية في مصر.

وقنصت مجموعة ليفت سلابمؤخرا نحو 85.2 في المئة من شركة الوفاء للاستثمار السياحي. وقال محمد سامح، رئيس الاتحاد العربي للاستثمار المباشر السابق، إن مصر ستكون مركزا لصفقات الاندماجات والاستحواذات الفترة المقبلة، وسيكون جزء كبير منها عبر سوق المال بعد تراجع أسعار الأسهم بالبورصة لمستويات جاذبة ومشجعة على تنفيذ الصفقات.

وأوضح لـ”العرب”، أن وتيرة نشاط الصفقات في منطقة الخليج قد تهدأ نسبيا، بسبب التوترات الإيرانية، فضلا عن تفاقم الأزمة في اليمن، وهي نقاط قد تجعل رؤوس الأموال تتجه إلى السوق المصرية.

ترتهن السوق المصرية بالأوضاع في ليبيا، وحال تصاعد تعقيدها سوف تتزايد سخونة المنطقة، وقد تعصف بتدفقات الاستثمار المباشر، وتدفع أموال “الحيتان” للبحث عن وجهه أقل سخونة.

ورشح سامح، نشاط الصفقات في قطاعي العقارات، والشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تداعى بعضها تأثرا بتفشي وباء كورونا وبات في حاجة لمشاركات أو الاندماج في كيانات مالية تعزز قدرته على الصمود.

وكشفت لقاءات الاتحاد عن صفقات مرتقبة بين شركات عقارية مصرية ومستثمرين من أوروبا والصين، أبدوا نيتهم دخول السوق المصرية قريبا، وكشفوا عن ذلك عبر لقاءات نظمها الاتحاد عن بعد بتقنية زووم الأيام الماضية.

وتعزز هذه الرؤية توقعات بنك الاستثمار فاروس التي تشير إلى تراجع حركة مبيعات الشركات العقارية بنحو 70 في المئة العام الحالي بسبب وباء كورونا، ما يزيد من أعبائها ويضاعف حاجتها للسيولة النقدية.

وكشف فاروس عن سيطرة حالة الانتظار والترقب على شرائح المستهلكين، واستبعد ظهور قوى بيعية للوحدات التجارية بالمشروعات، لأنها غالبا تتم من خلال مؤسسات أعمال لا ترغب في المخاطرة.

العرب اللندنية – محمد حماد

المادة السابقةسكرية يطالب الحكومة بكسر الإحتكار وفتح باب الإستيراد التنافسي
المقالة القادمةهل تضع السيارات المتصلة حدا للحوادث الخطرة على الطرق