ارتفعت العقود الآجلة للنفط الخام خلال الأسابيع القليلة الماضية، متحدية الاتجاه المعتاد لجني الأرباح قبل عطلة أعياد الميلاد. وتم تداول خام برنت عند 52.40 دولار، فيما بلغ خام غرب تكساس الوسيط مستوى مرتفعاً عند 49.20 دولار في جلسة يوم الجمعة، وهي مستويات شوهدت آخر مرة في فبراير قبل انهيار أسعار النفط.
بطبيعة الحال، فإن السؤال المهم بالنسبة لمعظم المتداولين في هذه المرحلة، هو ما إذا كان هذا الارتفاع لديه القدرة على الاستمرار في فترة الأعياد وما بعدها.
وعلى أساس تقني بحت، سجل النفط الخام ارتفاعات أسبوعية عليا منذ أبريل. وقد جاءت الذروة الأخيرة في 10 ديسمبر.
وتقع مستويات المقاومة عند أعلى مستوى سجل في منتصف فبراير (54.50 دولار)، بالإضافة إلى قمة عام 2020 عند 65.65 دولار.
وقد ارتفع مؤشر النفط والغاز، Energy Select Sector SPDR Fund (XLE)، بنسبة 12% خلال الثلاثين يومًا الماضية مقارنة بمكاسب بنسبة 4% لمؤشر S&P 500.
وفيما يلي ثلاثة أسباب رئيسية تبرر التفاؤل بشأن أسواق النفط في الفترة المقبلة، بحسب ما أورده موقع Oil Price المتخصص:
1. لقاحات Covid-19
يعد توفر سلسلة من لقاحات Covid-19 أحد الأسباب الرئيسية وراء ظهور قطاع الطاقة في أفضل أداء على مدار الأسابيع القليلة الماضية. وقد بدأ إطلاق لقاح Pfizer-BioNTech المستند إلى تقنية mRNA في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي.
يشير مسار اللقاح حتى الآن إلى أن غالبية سكان الولايات المتحدة من المرجح أن يتلقوا اللقاح بحلول نهاية فبراير، أفضل من الهدف الذي سبق للدكتور منصف السلاوي، رئيس عملية Warp Speed، توقعه.
وفي الوقت نفسه، أطلق الاتحاد الأوروبي برنامج التطعيم الخاص به. وقبل أيام قليلة، أعلنت شركة Moderna أن المفوضية الأوروبية طلبت شراء 80 مليون جرعة إضافية من لقاح COVID-19، مما أدى إلى توسيع نطاق الشركة بالتزام إجمالي يصل إلى 160 مليون جرعة.
كل ذلك غرس الكثير من التفاؤل في أسواق النفط.
2. حزم التحفيز
بعد كل التنبؤات السلبية، يبدو أن الاقتصاد العالمي يتعافى من الوباء المدمر بوتيرة أسرع من المتوقع.
وفي الواقع، عادت حفنة من القطاعات في الولايات المتحدة والاقتصادات الأخرى الأساسية إلى مستويات النشاط التي كانت عليها قبل الأزمة، مدفوعة بسبب رئيسي للتعافي السريع وهي حزم التحفيز غير المسبوقة.
بعد وقت قصير من إعلان منظمة الصحة العالمية (WHO) أن Covid-19 جائحة عالمية، كشفت الحكومات عن محفزات مالية ضخمة (أكثر من 15 تريليون دولار على مستوى العالم)، في محاولة لمنع حدوث تداعيات اقتصادية. وتدخلت الحكومة الفيدرالية الأميركية بمجموعة واسعة من الإجراءات، بما في ذلك حزمة بـ 2.3 تريليون دولار مصممة لدعم الأسواق المالية، والحكومات المحلية، وأرباب العمل، والأسر.
وبعد اعتراض، وقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مساء الأحد بضغط من النواب، خطة تحفيز جديدة للاقتصاد قيمتها 900 مليار دولار، تمنح إعانات للأسر والشركات الصغيرة المتضررة من وباء كورونا. كما صادق ترمب على قانون تمويل الوكالات الفيدرالية، وهو ما سيمنع حصول إغلاق حكومي.
ورغم تحذير قطاع عريض من المحللين من أن الحزم السخية قد تتسبب في تضخم مفرط، إلا أن الحوافز الحكومية أثبتت أنها أداة فعالة، على الأقل في المدى القصير.
3. اتفاقية أوبك+
قبل أسبوعين، اجتمع أعضاء أوبك+ لمناقشة خطط الإنتاج المستقبلية مع قرب انتهاء مدة التخفيضات الحالية أواخر العام.
وكان المضاربون على الارتفاع يأملون في أن يمدد التكتل المنتج للنفط تخفيضات الإنتاج الحالية البالغة 7.7 مليون برميل يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى على الأقل. وبدلاً من ذلك، تلقوا هزة كبيرة بعد إعلان أوبك+ أنها ستزيد الإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يوميًا بدءًا من يناير، مما سيؤدي فعليًا إلى خفض إجمالي تخفيضات الإنتاج في بداية عام 2021 إلى 7.2 مليون برميل يوميًا.
المثير للدهشة أن أسعار النفط استمرت في الارتفاع منذ الإعلان بعد انخفاض أولي. ويشرح محلل أسواق النفط في Rystad Energy باولا رودريغيز ماسيو قائلاً: “500 ألف برميل في اليوم ليس السيناريو الكابوس الذي تخشاه السوق، لكنه ليس ما كان متوقعًا بالفعل قبل أسابيع.. تتفاعل الأسواق الآن بشكل إيجابي وتسجل الأسعار زيادة طفيفة حيث إن 500 ألف برميل من العرض الإضافي ليس مميتاً للأرصدة”.
بمعنى آخر، تتفاءل السوق لجهة أن المنظمة المكونة من 23 عضواً تتوخى الحذر في إنتاجها. وثمة علامة مشجعة أخرى، فيبدو أن الأبطال الرئيسيين، المملكة العربية السعودية وروسيا، يقرأون من نفس الصفحة هذه المرة. ونظراً لأن الدروس القاسية من انهيار أسعار النفط في أبريل لا تزال حاضرة في الذهن، فمن غير المرجح أن تعود أوبك+ إلى حصصها السوقية وحروب الأسعار في أي وقت قريب، بحسب تعبير Oil Price.