حتى منتصف ليل أمس لم يكن مدير إهراءات القمح في بيروت أسعد حداد قد تمكّن من معاينتها، بسبب الطوق الأمني المفروض على المرفأ. لكن الصور التي خرجت من المرفأ، تؤكد أن دماراً شاملاً لحق بالإهراءات، مع وجود مفقودين ومصابين بين العاملين فيها، لم يتم التأكد من عددهم.
لكن قبل التأكد من حجم الكارثة التي لحقت بالإهراءات أسوة بكل المرفأ، وبمجرد الشك باحتمال أن تكون الإهراءات قد تضرّرت، شهدت الأفران توافداً للخائفين من انقطاع القمح وبالتالي فقدان الخبز من الأسواق.
والضرر لم يطاول الإهراءات، بصوامعها والمكاتب الإدارية والماكينات فحسب، بل طاول أيضاً باخرتَي قمح كانتا تفرغان حمولتيهما في المرفأ. فأصيب عدد من البحارة على متنهما، كما تعرّضت الشفاطات التي تسحب القمح منهما إلى الإهراءات للضرر.
بصرف النظر عن حجم الأضرار التي طاولت الإهراءات، فإن المشكلة تكمن، أولاً في تلف كل المخزون المتوفر، وثانياً في عدم القدرة على تخزين القمح لفترة طويلة، وثالثاً في عدم القدرة على استقبال بواخر قمح جديدة في المدى المنظور. لكن نقيب مستوردي القمح أحمد حطيط يطمئن إلى أنه لن تكون هنالك أزمة قمح لأن البدائل متوفرة. فالإهراءات كانت شبه فارغة، وهي لا تحتوي على أكثر من ١٥ ألف طن، لأن المطاحن، ونظراً إلى البطء في فتح الاعتمادات، تضطر في الغالب إلى تحميل الشحنات التي تصل إلى المرفأ مباشرة في الشاحنات لنقلها إلى المطاحن.
المخزون المتوفر في المطاحن حالياً كافٍ لتأمين حاجة السوق لشهر ونصف شهر
أما المخزون المتوفر في المطاحن حالياً فكافٍ لتأمين حاجة السوق لشهر ونصف شهر. كما يوجد في عرض البحر ٤ بواخر لم تتمكن من التفريغ إما بسبب تأخر فتح الاعتمادات أو بسبب انتظار دورها للتفريغ. وهذه البواخر تحتوي على 28 ألف طن من القمح. وإذا كان صعباً تفريغ حمولتها في مرفأ بيروت قريباً، فإن مرفأ طرابلس جاهز لاستقبال شحنات القمح. وهو مهيّأ لذلك تقنياً، أضف إلى ذلك أنه يستقبل شحنات قمح بشكل دوري. المشكلة أنه لا يملك قدرات تخزينية عالية، كما أن كلفة النقل منه ستكون أكبر على المطاحن. وتلك مشكلات يصفها حطيط بالبسيطة بالمقارنة مع احتمال عدم القدرة على استيراد القمح. على الأقل، يمكن تلبية حاجات السوق لأشهر من خلال مرفأ طرابلس، إذ أن القدرة التخزينية للمطاحن الـ11 العاملة حالياً تصل إلى 125 ألف طن، أي ما يكفي لشهرين ونصف شهر. أما بشأن تأمين مخزون استراتيجي، فذلك لن يكون ممكناً مع الدمار الذي طاول الإهراءات. لكن لا بدّ من الإشارة هنا، إلى أن الإهراءات لم تكن تحتوي على مخزون استراتيجي في الأساس، فبسبب تقليص الاعتمادات المفتوحة للاستيراد، كانت الكمّيات التي تصل إلى لبنان تذهب مباشرة إلى المطاحن.