لعل أكثر ما تخشاه القطاعات الانتاجية والخدماتية هو أن “تعمي” تدابير الإلتفاف على المقاطعة الخليجية الوضع الاقتصادي، بدلاً من أن “تكحّله”. وعلى الرغم من اتجاه المصدرين الى فتح أسواق تصريف جديدة للمنتجات اللبنانية، فإنهم لا يرون في الأفق بديلاً جدياً عن الأسواق الخليجية. فالأخيرة يتمتع مواطنوها بقدرة شرائية مرتفعة تساهم بتسويق البضائع اللبنانية، على عكس تركيا التي يحاول المسؤولون اللبنانيون تسويقها كوجهة بديلة. إذ عدا عن غزارتها الانتاجية وتمتعها بكلفة انتاج منخفضة، فهي تدعم أكلافها التصديرية ما يغرق الأسواق ويجعل منافسة بضائعها عملية شبه مستحيلة. وهو الأمر الذي يدفع الصناعيين لتشبيهها بـ”الصين” بالنسبة الى “الشرق الأوسط”.
وبحسب الارقام فإن الانفتاح على تركيا في العام 2010 ورفع التأشيرات وتخفيف المعوّقات التجارية لم تصب في مصلحة لبنان. حيث بقي الميزان التجاري اللبناني عاجزاً بقيمة فاقت 930 مليون دولار للعام 2019 وحوالى 750 مليون دولار للعام 2020. هذا مع العلم أن “الصادرات اللبنانية إلى تركيا تنحصر بكسر الورق والبلاستيك وبعض المنتجات ذات القيمة المضافة المنخفضة”، ذلك أنه من المستحيل على أي مصدّر لبناني تسويق منتجاته في الأسواق التركية”، بحسب مصادر صناعية.
في المقابل يواجه التصدير إلى العراق كلفة العبور الباهظة في سوريا. أما التصدير إلى دول شمال أفريقيا فيواجَه بمعوقات وحواجز جمركية كبيرة، وغياب مبدأ المعاملة بالمثل. أمام هذا الواقع تبقى الأسواق الخليجية المتنفس الأساسي للصناعة والزراعة اللبنانية. أما إذا كانت هناك نية جدية لاستفادة لبنان من السوق التركية الواسعة، فعلى المسؤولين العمل على تحفيز الصناعة الابداعية التي يمتاز فيها لبنان وتطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات، ما يساعد على رفع قيمة الصادرات وخلق فرص عمل ودعم الاقتصاد بالدولار النقدي.