ساهم قطاع السياحة والسفر بنسبة 30% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2023، بإيرادات بلغت 6 مليارات دولار في حين كان الناتج القومي 18 ملياراً. هذه الارقام يصعب تحقيقها هذا العام في ظل استمرار انخراط لبنان بحرب غزة. فكيف يمكن تعويض هذه الخسارة؟ وهل من يلتفت من المسؤولين للقطاع؟
بعد 3 سنوات من المعاناة بدءاً من أزمة الانهيار المالي وانهيار سعر الصرف وانفجار المرفأ الى وباء كورونا، تنفّس القطاع السياحي الصعداء في صيف 2023، مُدخلاً ما لا يقل عن 6 مليارات دولار من العملات الصعبة الى الدورة الاقتصادية ومُساهماً بما نسبته 30% من الناتج المحلي. الا ان هذه النهضة في القطاع لم تلبث ان انتكست مجددا متأثرة بحرب غزة التي بدّدت كل نمو مسجّل. وبينما نحن اليوم على ابواب الموسم السياحي لا بوادر ولا ترقبات ايجابية للقطاع لا سيما الفندقي منه الذي يستغيث بعدما دخل في المجهول، خصوصاً ان لا مؤشرات بعد على قرب انتهاء الحرب في غزة؟
في السياق، أكد الأمين العام لاتحاد النقابات السياحية في لبنان جان بيروتي لـ«الجمهورية» ان السياحية الداخلية ناشطة الى حد ما، وهي تتمثّل خصوصا بقطاع المطاعم والسهر، إنما السياحة الخارجية باتجاه لبنان تتعرض للاعاقة وذلك منذ ان بدأت حرب غزة في 7 تشرين الاول. فالاشغال الفندقي بأحسن الاحوال، لا يصل الى نسبة 10%، مع العلم انه بحاجة الى نسبة اشغال لا تقل عن 40% لتغطية مصاريفه التشغيلية.
وكشف بيروتي انّ مجمل خسائر القطاع منذ 8 اشهر حتى اليوم تصل الى حدود 2 مليار دولار، لافتاً الى ان القطاع يشغل نحو 369 الف عامل، 160 الفاً منهم يعملون في القطاع بشكل ثابت والبقية موسميين. وتالياً، اذا لم يكن هناك موسم سياحي هذا العام فسيتراجع توظيف اليد العاملة.
وقال: نحن اليوم أمام كارثة عمرها 8 اشهر ولا افق لهذه الازمة بعد، ولا نعلم كم يمكن لهذا القطاع ان يصمد؟ وكيف يمكن ان يكون هذا القطاع جاذباً للاستثمارات طالما ان أزمات البلد مفتوحة؟ ونتساءل الى اي مدى يمكن ان تصمد المؤسسات الفندقية ذات الاستثمارات الاجنبية خصوصاً بعد هذا التراجع الكبير بحجم الاعمال؟
ورداً على سؤال، قال بيروتي: في لبنان اليوم نحو 26 الف غرفة فندقية موزّعة على كافة المناطق اللبنانية، وهي تعاني جميعها من الازمة وتتأثر بها، بدليل انّ الحجوزات الفندقية تتراوح اليوم ما بين 5 و 10% كحد اقصى. لذا لجأ العديد من اصحاب الفنادق الى الاقفال من دون الاعلان عن ذلك رسمياً، او لجأ بعضهم الى إقفال أقسام من فنادقهم.
ولدى سؤاله اذا كان يمكن التوقّع منذ اليوم عن موسم الصيف المقبل؟ قال: في منتصف ايار من العام الماضي كانت نسبة الحجوزات في القطاع الفندقي لموسم الصيف تتراوح ما بين 60 الى 70% بينما اليوم لا تتعدى الـ 10 الى 15%، والاسوأ من ذلك ان ليست لدينا رؤية مستقبلية في ظل الحرب المستمرة جنوباً. صحيح انّ شبابنا سيأتون من الاغتراب كالعادة ككل عام، لكن حركة هؤلاء لن تنعكس على الاشغال الفندقي ولا تأجير السيارات ولا الادلّاء السياحيين لأنّ المغتربين يقيمون في بيوتهم او لدى ذويهم.
في السياق نفسه، لحظ تقرير أرنست أند يونغ حول أداء الفنادق ذات فئتَي الأربع والخمس نجوم في منطقة الشرق الأوسط، تراجعاً في معدَّل إشغال الفنادق في مدينة بيروت بـ17.1 نقطة مئويّة على صعيدٍ سنويّ إلى 19.7% في شهر كانون الثاني 2024.
واعتبر التقرير انّ لبنان ما زال لبنان يعاني وطأة توتّر الوضع الميداني على حدوده الجنوبيّة بحيث تراجع معدَّل إشغال الفنادق في مدينة بيروت بـ 17.1 نقطة مئويّة على صعيدٍ سنويّ إلى 19.7% في شهر كانون الثاني 2024، وهو أدنى معدّل يسجّل خلال شهر كانون الثاني منذ العام 2014 على الأقلّ، وبـ42.5 نقطة مئويّة مقارنة مع نسبة الإشغال في شهر أيلول 2023 أي قبل اندلاع الحرب في غزّة. من ناحية أخرى، زاد متوسّط تعرفة الغرفة بنسبة 187.8% على صعيد سنوي إلى 145 دولاراً في الشهر الأوّل من العام 2024. نتيجة لذلك، إرتفع مستوى الإيرادات المُحقَّقة عن كلّ غرفةٍ متوافرة (والذي يشكّل حاصل الضرب لمعدّل الإشغال ومتوسّط تعرفة الغرفة) بنسبة 54.1% على صعيدٍ سنويّ إلى 29.0 د.أ.
على صعيدٍ إقليميّ، سَجَّلت مدينة بيروت أدنى متوسّط نسبة إشغالٍ فندقيّ بين العواصم التسع التي شملها التقرير خلال شهر كانون الثاني 2024، بحيث تصدَّرت الدوحة لائحة عواصم المنطقة لجهة معدَّل إشغال الفنادق من فئتَي الأربع والخمس نجوم، والذي بلغ 88.2%، تبعتها أبو ظبي (87.7%) والقاهرة (75.5%).
في سياقٍ متّصل، سجّلت مدينة بيروت خامس أعلى متوسّط تعرفة للغرفة الواحدة (145 دولاراً) على لائحة العواصم في المنطقة تبعتها كلّ من المنامة (144 دولاراً) وعمّان (133 دولاراً) والدوحة (124 دولاراً). وقد سجّلت مدينة الرياض أعلى متوسّط تعرفة للغرفة الواحدة في المنطقة والذي بلغ 233 دولاراً، تلتها الكويت (199 دولاراً) والقاهرة (158 دولاراً).