كشفت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» ان النواب الثاني والثالث والرابع للحاكم رياض سلامة حسموا أمرهم بعدم الاستقالة، وان هناك ضغوطا على النائب الأول وسيم منصوري لدفعه الى الاستقالة لكنه لا يزال يمتنع. واشارت إلى البحث في إمكان عقد جلسة تشريعية ولو بنصاب 65 نائبا لتأمين التغطية القانونية لنواب الحاكم على امتداد ثلاثة اشهر من أجل صرف 150 مليون دولار شهريا على الرواتب وأدوية الامراض المزمنة والالتزامات القسرية التي لا مفر منها.
ولفتت المصادر إلى ان انعقاد مثل هذه الجلسة يتطلب مشاركة تكتل «لبنان القوي» لتأمين النصاب حتى لو لم يصوت مؤيّداً للمشروع، معتبرة ان موقف رئيس التكتل النائب جبران باسيل في هذا الاتجاه او ذاك لن يكون سهلاً.
لكن مصادر مواكبة لأزمة مصرف لبنان قالت لـ«الجمهورية» ان لعبة شراء الوقت شارفت على الانتهاء ولا تزال الصورة ضبابية في ازمة حاكمية مصرف لبنان واذا كان تطيير النصاب قد اطاح جلسة مجلس الوزراء التي بُثت فيها اجواء تعيين بثاً من دون تحديد بند واضح على جدول الاعمال فكيف بجلسة تشريعية هدفها واضح هو اعطاء غطاء قانوني للصرف من التوظيفات الالزامية عدا ان الكتل المسيحية الكبرى اعلنت مرارا وتكرارا عدم مشاركتها في أي جلسة تشريعية، وتتبَدّل بين ساعة واخرى الاجواء بما خص قرار استقالة نائب الحاكم الاول والثاني فرادا او الاربعة جماعة لكن الاكيد ان كل الطرق ستؤدي الاثنين الى استقالة النائب الاول … وللبحث صِلة.
وقالت مصادر نواب الحاكم لـ«الجمهورية» ان امكانية عقد جلسة تشريعية لا تزال فرصها قائمة لإقرار سلفة موقتة او قرض بقيمة ٢٠٠ مليون دولار شهريا لتأمين الحد الادنى للموظفين لحمايتهم، كَونهم الطبقة الاكثر هشاشة وتأمين رواتبهم بالدولار لمدة زمنية تتراوح بين ٣ الى ٦ اشهر حسب ما يقدر مجلس النواب، بالاضافة الى تغطية مستلزمات الدواء والامور الاساسية لتأمين سير عجلة الدولة. وما يريده منصوري هو تأمين الموظف وحمايته من تقلّب سعر الصرف حيث سيتمكن المصرف المركزي من التحكم به عالبارد فيُقلّل من حجم الناس المتضررة، كما ان الارقام النقدية تحدّ من تحرك السوق من حيث المبدأ والمعروف ان التقلبات السياسية تحركه، وهنا نستطيع التعويل على انتاجيته وعمله في الجباية. وتبلغ قيمة السلفة المطلوبة ٢٠٠ مليون دولار شهرياً، اي مليار و٢٠٠ مليون دولار على ٦ اشهر تشمل رواتب الموظفين (٨٠ مليون دولار شهرياً) والادوية ومصاريف الدولة وتثبيت سعر القطع اي السير في صيرفة لكن ضمن آلية شفافة فلا تُلغى نهائيا بل تصبح لها ضوابط جديدة لا يستفيد منها المحتكرون».
واكدت مصادر نواب الحاكم «انهم سينتظرون نتيجة الاتصالات وعلى اثرها يحدد المؤتمر الصحافي الذي سيعقده منصوري ولكن ليس قبل الاثنين، علما ان الفترة الزمنية التي سيصار فيها الى عقد جلسة تشريعية ليس بالضرورة ام تكون قبل الاثنين المقبل حيث تنتهي ولاية سلامة، فيكفي ان تكتمل ظروفها وعناصرها ونصابها وتكون هناك نية حقيقية لمشاركة الكتل النيابية في تحمل المسؤولية ولدينا كل شهر آب لعقدها»… واكدت المصادر نفسها ان نواب الحاكم «لن يقبلوا بقرار صادر عن مجلس الوزراء، فأي صرف لا نسير به الا بقانون».
ودعت المصادر الى «اعطائهم فرصة فيسترجعون هذا الدين من خلال السير في اصلاحات وطريقة استرداد القرض بالتعاون بين الحكومة والمصرف المركزي».
وأشارت معلومات «الجمهورية» الى ان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ينتظر قرار منصوري ويسأله عنه مراراً ما اذا كان سيتسلم مهمات الحاكم ام لا، اذ يستند ميقاتي الى تفسير خاص للمادة ٢٧ من قانون النقد والتسليف وهو ان النائب الثاني للحاكم يستطيع ان يتسلم مهمات الحاكم اذا رفض النائب الاول تسلمها، لكنّ ميقاتي يصطدم بهذا التفسير مع بعض المرجعيات التي تؤكد له ان هذه المادة لا تلحظ الشغور انما فقط الغياب بداعي ظروف او سفر فقط وليس انتهاء الولاية او الاستقالة.
وكان ميقاتي قد اجتمع بعد ظهر امس مع نواب حاكم مصرف لبنان للمرة الثالثة، وعلمت «الجمهورية» انه اقنعهم بعدم الاستقالة واستجابوا رغبته. وقالت مصادر اطلعت على الاجواء ان ميقاتي كان يدرك ان لا امكانية لتعيين حاكم جديد في الظروف الراهنة ولذلك عمل بصمت وركّز منذ اللحظة الاولى على نواب الحاكم لجهة إقناعهم بعدم الاستقالة التي لوّحوا بها في بيانهم الشهير، نظراً لما تنطوي عليه هذه الاستقالة من مخاطر على الوضعين النقدي والمالي وعلى البلد عموما في ظل الانهيار القائم، وقد نجح في النهاية بمعالجة الموقف عبر التزام قانون النقد والتسليف الذي يحكم عمل مصرف لبنان وفق التسلسل الدقيق.
وقال ميقاتي خلال اللقاء أن «المرحلة الراهنة تتطلب تعاون الجميع للحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي النسبي وعدم تعريضه للاهتزاز، وان هناك مسؤولية وطنية ملقاة على عاتقنا جميعًا، في حال لم يُصَر الى تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي».
وشدد على ان «المحاذير التي عبّر عنها نواب الحاكم في البيان الذي أصدرو قبل أيام مشروعة، وان الخطة الموضوعة من قبلهم تنسجم مع الخطة الحكومية، والحكومة ستتعاون مع المجلس النيابي لاقرار التشريعات الضرورية لحسن سير عمل المؤسسات في المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان، وفق الاصول المنصوص عنها في قانون النقد والتسليف».
أما نواب الحاكم فشددوا على أنهم «يقومون بواجباتهم الوطنية والوظيفية ضمن الاصول القانونية»، مؤكدين ان «البيان أصدروه لِحَضّ الجميع على تأمين المتطلبات القانونية والتنفيذية للحفاظ على الحد الادنى من الاستقرار الذي لا يقتضي المَسّ به اليوم»، مثمنين «تجاوب القوى السياسية لتأمين المتطلبات حكوميا ونيابيا وقانونيا».
وكان ميقاتي قد قال، إثر عدم انعقاد جلسة مجلس الوزراء لتعيين الحاكم لمصرف لبنان: «كانت أمامنا اليوم فرصة لمعالجة موقّتة لملف مرتبط بالوضعَين المالي والنّقدي، وآسف أنّ الحسابات السّياسيّة للأفرقاء المعنيّين داخل الحكومة، لها الأولويّة على ما عداها؛ فليتحمّل كلّ فريق المسؤوليّة عن قراره». وأعلن «إنّني سأستمرّ في القيام بواجبي الدّستوري والوطني، والعمل الجادّ لسير عمل المؤسّسات العامّة وخاصّةً مصرف لبنان، من دون كلل».
وحَض نواب حاكم مصرف لبنان على «عدم الاستقالة»، موضحًا أنّ «في حال الشّغور، يتسلم النّائب الأوّل للحاكم، أمّا في حال تقاعسه فيجب أن يتسلم النّائب الثّاني». وأعلن «انّني لا أخشى حصول قفزات كبيرة في سعر الصّرف، ويُمكن استيعاب الكتلة النّقديّة بسرعة».
مغازلة: أما “الانباء الالكترونية”، فاعتبرت ان رغم كل المساعي التي بذلها رئيسي مجلس النواب نبيه بري وحكومة الرئيس ميقاتي لتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، مُنع الحل من قبل القوى المقاطعة وذلك بعدما تم تطيير نصاب الجلسة الحكومية أمس.
في السياق، اجتماع لافت ومطوّل عقده ميقاتي مع نواب حاكم “المركزي” الأربعة، شدّد على إثره ميقاتي على أن المرحلة تتطلّب تعاوناً للحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي، وأكّد أن ثمّة مسؤولية ملقاة على عاتق الجميع، ثم لفت إلى أن خطّة النواب الأربعة لمصرف لبنان تنسجم مع الخطة الحكومية، في حين ثمّن النواب تجاوب القوى السياسية لتأمين المتطلبات حكومياً ونيابياً وقانونياً.
التصريحات تُشير إلى أن ميقاتي وضع نواب حاكم “المركزي” أمام مسؤولياتهم، وطلب منهم الاستمرار في عملهم، وغازلهم موافقاً على الخطّة التي قدّموها قبل أيام واشترطوا اعتمادها، فيما كان للنواب أيضاً موقفاً لافتاً حول تأمين المتطلّبات الضرورية للمرحلة المقبلة، وهي تتلخّص بالغطاء القانوني الذي طلبوه لإقراض الحكومة، وذلك منعاً لتحميلهم مسؤولية أي مال يُنفقه مجلس الوزراء.