يعتبر إستقرار أو ثبات الدولار على ما هو عليه هو الهمّ الأساس لدى أغلب مكونات الدولة اللبنانيّة، خصوصا وأن مصرف لبنان ومنذ حوالي العامين إستطاع أن يحافظ على هذا الاستقرار ولجم الدولار ليبقى بحدود 90 الف ليرة، ولا يمكن التغاضي عن أن العدوان الاسرائيلي على لبنان أثّر بشكل كبير على الاقتصاد وسيكون له تأثيره على سعر الصرف.
بحسب تقرير البنك الدولي كلفة الحرب في لبنان تصل الى حدود 8 مليار دولار. بدوره الخبير الاقتصادي محمود جباعي يشير الى أن سياسة المصرف المركزي المتبعة كانت مبنية على شقّين: الأول منع الحكومة من الحصول على مبالغ من احتياطات مصرف لبنان في مقابل ان تستعمل من حساب 36 ما لديها حسب الموازنات التي تضعها كل سنة، أما التوجه الثاني فيعود الى الاتفاق مع وزارة المالية الذي حصل في شباط 2023، والذي سمح للحكومة بأن تدفع رسومها وضرائبها بالليرة، وهذا أعطى مصرف لبنان إدارة الليرة والدولار وسمح له بأن يزيد من احتياطاته بالدولار، وبالتالي يكون قد حافظ على الكتلة النقدية بنفس القيمة، وقام بسحب الليرة، ورفع الاحتياطي بالدولار من 8.5 مليار دولار الى 10.5 مليار دولار، 500 مليون دولار منهم للدولة اللبنانية و10 مليار لمصرف لبنان”.
“مداخيلنا بالدولار كدولة تراجعت خصوصاً وأن دولارات المغتربين خفّت، و”حزب الله” كان يؤمن الدولار للسوق لأنه كان يدفع الرواتب للموظفين لديه”. هذا ما أكده الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة، لافتا الى أن “أغلب الظن اليوم أنه حوّل الدولار للإنفاق العسكري”، مشيرا الى أنّ “المداخيل بالعملة الخضراء انخفضت، معناه ان الكتلة النقدية بالدولار تضاءلت وأصبحت تتبع العرض والطلب ونحن نشتري الدولار مقابل الليرة، وإذا خفّ الدولار سيحصل تلقائياً الشحّ والإهتزاز بالسعر”. ويلفت محمود جباعي الى أننا “دخلنا بأزمة لأنه أصبح لدينا استعمال للموجودات ومصرف لبنان أعطى مع بداية الحرب ثلاث دفعات للمودعين في اطار التعاميم ومن ثم عاد وأعطى دفعتين وبالتالي أنفق 250 مليون دولار كما أن الدولة استعملت جزءا من الاموال لتدفع رواتب الموظفين وصل الى حدود 200 مليون دولار”، ويؤكد جباعي أن “انخفاض الاحتياطي لا يدعو للقلق لأنّ مصرف لبنان يرد أموال المودعين وعندما تنتهي الحرب سيعود الى السياسة القديمة وتعود الشركات لدفع الضرائب والرسوم وطلب الدولار من السوق”.
يعود جاسم عجاقة ليشير الى أن “لبنان يحتاج الى الدولار للاستيراد بحدود 200 مليون دولار يضاف اليهم 250 مليون دولار سيؤمنهم مصرف لبنان للحكومة. ويسأل من أين يتم تأمنيهم”؟ ويتابع اذا “تراجعت الكتلة النقدية بالدولار نكون أمام ثلاثة إحتمالات: إما أن يستعمل مصرف لبنان احتياطاته، وهناك قسم ملك للحكومة وقسم خاص بمصرف لبنان، وهناك أموال المودعين، وإذا تمّ المسّ بالاحتياطي سيبدأ بالانخفاض، وقد انخفض نتيجة تمويل التعاميم 158 و166، والاحتمال الثاني هو عدم الدفع للقطاع العام بالدولار، والاحتمال الثالث أن ينسحب مصرف لبنان من السوق ولا يعود له تعاطي بالعملة الخضراء وعندها سيرتفع سعرها”.
“حتى الان لا خوف على الدولار والسبب أنه لم يتحقق أي شيء من السيناريوهات”. هذا ما يؤكده عجاقة، معتبرا في نفس الوقت أنه “اذا طالت الحرب وحصل حصار اسرائيلي مُطبق على لبنان هنا يبدأ الخوف الجدّي”. هذا ما يشدد عليه جباعي أيضا، لافتا الى أنه “طالما الكتلة النقديّة بالليرة مجمّدة ومصرف لبنان لم يقم بطباعتها، والتحويلات قائمة ولا وجود لحصار بحري فبالتالي لا خطر على عودة ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة”.