يقوم الاقتصاد اللبناني على التنوع وحرية التجارة وكل القطاعات الاقتصادية الاخرى تقوم على هذا النموذج. لقد اعتمد الاقتصاد بشكل اساسي على القطاع الخاص في مجمل قطاعاته وتنوعها بشكل مستدام الى ما قبل الأزمة.
وبالعودة الى الواقع الاقتصادي والانهيار المؤلم واسبابه المباشرة، وأهمها العجز الثلاثي: العجز الكبير السنوي في موازنة الدولة والذي أرهق الاقتصاد الوطني وقد بلغ ثلث حجم الموزانة في السنوات الاخيرة. والعجز الاصعب والاخطر في ميزان المدفوعات والذي بدأ في العام 2011 وأخذ مسارا تصاعديا سريعا بما أدّى حتماً الى خسارة الودائع الدولارية وذوبانها في تمويل الاستيراد للاستهلاك، وفي تثبيت سعر الصرف وفي تمويل القطاع العام على مدى ثلاثة وعشرين عاما، بما أدّى الى نشوء فجوة كبيرة في الاموال المودعة في مصرف لبنان وفي النظام المصرفي اللبناني.
اما العجز في الميزان التجاري، وهو عجز مزمن وتاريخي، فقد كان يعوّض من خلال ميزان المدفوعات عبر عوامل عدة، منها تحويلات دولارية كبيرة من المغتربين اللبنانيين او من الودائع غير المقيمة، ومن بعض الاستثمارت الاجنبية فضلاً عن القروض الدولية ان كانت من دول او من البنك الدولي او من جهات مانحة.
هنا لا بد من اعادة رسم سياسة اقتصادية ومالية ونقدية تحاكي الواقع الجديد تأخذ في الاعتبار حجم الاقتصاد المنكمش والمتراجع بنسبة تفوق 65 بالمئة، والخسارة في الاقتصاد سوف تنعكس سلباً على مداخيل الدولة، من هنا أصبح من الضروري معالجة العجز في الموازنة والحد من النفقات غير الإستثمارية، وهذا اول مدماك يوضع في طريق الاصلاح والنهوض.
في الختام، لا يجوز تحميل القطاع الخاص والاقتصاد الحرّ أسباب الانهيار والأزمات المتعددة التي ضربت لبنان بل إنّ هذا الانهيار قد أصاب أولاً القطاع الخاص في الصّميم، وأدّى الى اقفال الكثير من الشركات والمؤسسات المعمرة والجديدة، والى خسارة الوظائف بما أسفر حكماً عن فقدان الاستقرار الاجتماعي للكثير من المواطنين. نحن مع المنافسة الفعّالة ولا سبيل لخفض الاسعار والمحافظة على الجودة الّا بالمنافسة ولكن ضمن معايير واضحة تنطبق على واقعنا،