حافظت وكالة التصنيف العالمية “فيتش” على تصنيف لبنان عند درجة RD والذي أطلقته منذ إعلان حكومة الرئيس حسان دياب تعثّر لبنان عن تسديد ديونه لحَملة سندات الـ”يوروبوندز“.
والأخطر في سمعة لبنان ومستقبله الاقتصادي والمالي، قرار الوكالة وقف إصدار تصنيفات للاقتصاد اللبناني نتيجة غياب الأرقام والمعلومات المالية المطلوبة التي توقفت وزارة المال عن إصدارها في الفترة الأخيرة!
هذا التطوّر يعكس فقدان لبنان الشفافية المالية المطلوبة في نظر المؤسسات المالية الدولية، بما يمنع عليه الاستدانة من الخارج أكان من الحكومات أو المؤسسات والصناديق المالية العالمية، الأمر الذي يطرح في الموازاة، مصير اتفاق لبنان المأمول مع صندوق النقد الدولي… في ظل المشادات السياسية والحزبية وغيرها التي تغيّب الإرادة الصادقة في المضي بالإصلاحات المشروطة كخطوة أولى في مسار التعافي الاقتصادي والمالي.
مستشار رئيس الحكومة للشؤون الاقتصادية الدكتور سمير ضاهر يشرح لـ”المركزية” الأسباب التي لا تزال تؤخّر عملية التوقيع ليس رغبةً في تحصيل الـ3 مليارات دولار فحسب، بقدر ما أن هذا الاتفاق في حال توقيعه، يفتح باب الاستدانة أمام لبنان من المؤسسات المالية الدولية ومن الحكومات الداعمة له.
…الإصلاحات في قائمة الأسباب التي لا تزال تعرقل الاتفاق مع صندوق النقد، كونها الشرط الأول الذي طرحه الأخير للمضي في الإقراض، “وحتى الآن لم تنطلق الحكومة اللبنانية في إجراء الإصلاحات المطلوبة في الإدارات والمؤسسات العامة” بحسب ضاهر.
لكنه لا يخفي سبباً جوهرياً يكمن في “تغيّر الأوضاع المالية والاقتصادية بما يحتّم إجراء تحديث للشروط المُدرجة في الاتفاق الأوّلي الموقَّع منذ العام 2022. علماً أن السلطتين التشريعية والتنفيذية لم تتوصّلا للأسف، إلى إقرار القوانين المطلوبة من الصندوق، كقانون الـ”كابيتال كونترول” والسريّة المصرفية، وإعادة هيكلة المصارف…”.
وينفي ضاهر في السياق، أن يكون الصندوق يشترط شطب الودائع، ويوضح أن “وظيفة صندوق النقد في الدرجة الأولى العمل في القضايا النقدية ومنها المصرفية، ويقرّ بأن غياب الدور المصرفي في تحقيق النمو والتمويل سيخلق اقتصاداً نقدياً Cash Economy ما يوفّر بيئة مؤاتية لتبييض الأموال والتهرّب الضريبي، الأمر الذي يعارضه صندوق النقد بالتأكيد. من هنا، لا يجوز الحديث عن نيّة الصندوق بالقضاء على القطاع المصرفي، فهذا غير صحيح إطلاقاً! وإذا كانت حجّة هذا الكلام بأن الصندوق يعمل على تقليص عدد المصارف العاملة في لبنان وفروعها، فالسوق هي التي تحدّد ذلك وليس صندوق النقد”.
…تدهور سعر صرف الليرة والانهيار النقدي “كان بمثابة الضربة القاضية للاقتصاد اللبناني وأصابت القطاع المصرفي في الصميم وجعلته عاجزاً عن تسديد الودائع الدولارية عجزاً تاماً… وبالتالي شكّل هذا التدهور سدّاً منيعاً أمام صياغة الاتفاق النهائي مع صندوق النقد” يقول ضاهر “هذه الأزمة أحدثت عدداً من أسعار الصرف، من “رسمي” إلى “صيرفة” فالسعر المصرفي، وصولاً إلى السوق الموازية. لكن الجدير قوله إن الخسائر حصلت، وبقدر ما نستعجل إعادة الهيكلة بقدر ما نسرّع في جدولة الودائع وتحديد آجال استردادها”.
لا يزال صندوق النقد “على استعداد لاستكمال المفاوضات مع لبنان وصولاً إلى الاتفاق المنشود، إنما مسودّة الاتفاق تتطلب إعادة تقييم مقارنةً بالمستجدات والتطورات التي طرأت منذ عامين حتى اليوم، وفي المقابل على الحكومة التقيّد بالالتزامات المطلوبة منها للحصول على الـ3 مليارات التي لا تحمل أي أهمية في حدّ ذاتها، إنما توقيع صندوق النقد بمثابة شهادة “حسن سلوك” للدولة اللبنانية على أنها جادة في القيام بالإصلاحات المطلوبة” يختم ضاهر.