يتجه لبنان إلى التواصل مع شركة استشارات دولية لاستئناف جهود تدقيق حسابات المصرف المركزي، في خطوة للفت أنظار المانحين للحصول على مساعدات خارجية بعد إقرار البرلمان رفع السرية المصرفية لمدة عام.
وتعتزم الحكومة اللبنانية التواصل مع شركة استشارات لاستئناف التدقيق الجنائي في الهندسة المالية للمصرف المركزي الذي توجه إليه مسؤولية انخرام الاقتصاد في ظل محاولات شاقة لإقناع المانحين بتقديم مساعدات.
قال وزير المالية اللبناني في تصريحات صحافية الأربعاء إن “البلاد ستتواصل مع شركة استشارات لاستئناف تدقيق جنائي بشأن المصرف المركزي، وهو شرط أساسي للحصول على مساعدات خارجية متعثرة”.
ووافق البرلمان هذا الأسبوع على رفع السرية المصرفية لمدة عام، وذلك بعد انسحاب شركة الاستشارات المتخصصة في عمليات إعادة الهيكلة من التدقيق، قائلة إنها لم تتلق المعلومات التي طلبتها.ونقل مكتب وزير المالية غازي وزني عنه القول بعد لقاء مع الرئيس “تقرر استنادا إلى قانون مجلس النواب وقرارات الحكومة، التواصل مع شركة ألفاريز آند مارسال لمتابعة التدقيق الجنائي المالي”.
وفي وقت لاحق، نقل بيان من الرئاسة عن وزني القول إن “الشركة أرسلت في الآونة الأخيرة خطابا إلى المصرف المركزي يبدو فيه استعدادها لاستئناف العمل مع الحكومة اللبنانية”.
ومثل هذا التدقيق ضمن قائمة من الإصلاحات التي يطالب بها مانحون قبل مساعدة لبنان للخروج من أزمته المالية، والتي تعود جذورها لعقود من الهدر والفساد بالدولة.
وقال حاكم المصرف المركزي رياض سلامة الشهر الماضي إنه يحبذ إجراء تدقيق، لكن الكشف عن حسابات البنوك المحلية سيتطلب تغييرا تشريعيا.
ويتهمه بعض المسؤولين اللبنانيين بالتذرع بالسرية المصرفية لتبرير حجب المعلومات.
وفي وقت سابق، قالت شركة استشارات إعادة الهيكلة ألفاريز آند مارسال إنها قررت الانسحاب من مهمتها في التدقيق في حسابات مصرف لبنان المركزي ما أحرج لبنان أمام المانحين.
وكان البنك المركزي، الذي يواجه تدقيقا مكثفا منذ أن بدأت الأزمة المالية في أكتوبر 2019، قال إنه قدّم حساباته الخاصة للتدقيق وإنه يتعيّن على الحكومة أن تقدم حسابات الدولة كي تجنب البنك المركزي مخالفة قوانين السرية المصرفية الملزمة قانونا.
ويضغط صندوق النقد الدولي والمانحون الأجانب لاسيما فرنسا من أجل إجراء التدقيق لمعالجة الهدر والفساد المتوطّنين في الوقت الذي يكابد فيه لبنان أزمة مالية تسببت في تخلفه عن سداد ديون سيادية، وانهيار العملة وشل القطاع المصرفي.
كما يطالب صندوق النقد الدولي من خلال النقاشات التي يجريها مع السلطات اللبنانية بضرورة إجراء تدقيق محاسبي ومالي لميزانية مصرف لبنان المركزي من أجل تقييم أصوله والتزاماته.
وعرقل عدم توفير جميع المعلومات بخصوص حسابات المصرف المركزي اللبناني مهام شركة ألفاريز آند مارسال في التدقيق في ملابسات انهيار النظام المصرفي والمالي الذي تسبب في دمار الاقتصاد.
وكان لبنان شرع في محادثات مع صندوق النقد في مايو لكنها توقفت في يوليو وسط خلافات بين الحكومة والأحزاب السياسية والبنوك على حجم الخسائر في القطاع المصرفي، المساهم الرئيسي في تمويل الدين العام الضخم.
وتدعو خارطة إصلاح وضعتها فرنسا إلى تطبيق قانون لحركة رؤوس الأموال يسانده صندوق النقد والشروع في تدقيق محاسبي للبنك المركزي وإطلاق إصلاحات لقطاع الكهرباء.
ويشير خبراء إلى دور حزب الله في محاولة تشتيت الأنظار من خلال توجيه الرأي العام نحو إشكاليات جانبية فيما بان بالكاشف دور الحزب الأساسي في هذه الأزمة.
وتشير الأوساط إلى أنه فضلا عن الموقف الغربي من نتيجة سياساته الإقليمية وارتهانه للأجندة الإيرانية والذي يحول دون مد المجتمع الدولي يد العون للبنان، فإن حزب الله اليوم هو أحد أبرز المتورطين في تفشي وباء الفساد والهدر.
وتحت وطأة جبل من الديون، تعثر النظام المالي في لبنان في عام 2019 ومنعت البنوك زبائنها من الحصول على ودائعهم في حين راحت العملة المحلية تفقد قيمتها.
وتخلف لبنان هذا العام عن سداد ديونه السيادية للمرة الأولى. وتفاقمت الأزمة جراء الانفجار القوي الذي وقع في أغسطس الماضي في مرفأ بيروت ودمر قطاعا كبيرا من المدينة.