إتجهت الأنظار في الأيام الأخيرة إلى النشاط السياحي الذي شهده لبنان خصوصاً في شهر ايار المنصرم، والمتوقع ان يستمر خلال الصيف المقبل. وكأنّ هذا «النشاط السياحي» جاء كخشبة خلاص في بحر الأزمات الاقتصادية اللبنانية، وسط حقبة زمنية أنهكت لبنان بمختلف قطاعاته الاقتصادية ومجالات العمل. إذ أضحى القطاع السياحي المنفذ الوحيد لإعادة بناء هيكلية اقتصادية متينة، تُخرِج لبنان من هاوية شح العملة الصعبة وفي مقدّمها الدولار الاميركي.
طمأن وزير السياحة وليد نصار في حديث لـ»الجمهورية»، إلى «نشاط» حركة السياح في الآونة الاخيرة ونشاط العملية السياحية قائلاً: «إنّ لبنان موعود بصيف سياحي ناشط جداً، ومن المتوقع وصول ما بين 10 و 15 الف وافد يومياً، أي ما يعادل مليون ومئتي الف سائح خلال صيف 2022». ويضيف، أنّ 75 % من السياح هم من المغتربين اللبنانيين، في حين يشكّل الأجانب نسبة الـ 25% المتبقية، «ونأمل في أن تساهم الحملات الدعائية التي تقوم بها وزارة السياحة والرزم السياحية التي ستطلقها بالتعاون مع الجهات المعنية، في زيادة عدد الوافدين».
وفي ما يخص الحجوزات والفنادق وبيوت الضيافة، يؤكّد نصار انّ الحجوزات في الفنادق والمجمعات السياحية شبه مكتملة حتى نهاية الموسم السياحي الصيفي «ونشهد حركة ناشطة جداً في القطاع المطعمي، وذلك بفارق كبير عن العام الماضي، ويعود السبب إلى تخفيف الإجراءات الوقائية بعد جائحة كورونا من جهة، وإلى تدني الأسعار بالنسبة الى المغتربين مقارنة بالدول الأخرى من جهة ثانية»، مضيفاً انّ القطاع السياحي هو أحد الركائز الأساسية للاقتصاد اللبناني، بحيث أنّ نشاط القطاعات السياحية، على اختلاف انواعها، يساهم في إدخال العملة الصعبة (الفريش دولار) الى لبنان ما يؤدي حكماً إلى إنهاض القطاعات الأخرى، كرفع معاشات الموظفين في هذه القطاعات ورفع إنتاجية القطاعات الصناعية والزراعية التي تلبّي حاجات المؤسسات السياحية.
من جهة ثانية، أصدرت وزارة السياحة اللبنانية تعميماً سمحت بموجبه للمؤسسات السياحية خلال الفترة الممتدة من الخميس 2 حزيران حتى نهاية أيلول 2022 بإعلان لوائح اسعارها بالدولار الأميركي، على أن تصدر الفاتورة مسعّرة بالدولار والليرة معاً، وهو ما كان غير مسموحٍ به من قبل. إذ برّرت الوزارة قرارها بسبب تقلّب سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية لحسن مراقبته ومقارنة الأسعار. ويشكّل هذا التعميم «طاقة فرج» لأنّه سيدعم المؤسسات السياحية لتعويض جزء من خسارتها المحققة.
ويؤكّد نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر لـ»الجمهورية»، أنّ التعميم كان أحد المطالب الأساسية للعمال في خلية القطاع السياحي، في ظلّ تقلبات سعر صرف الدولار، وهو سيؤمّن الحماية من التلاعب بالأسعار. وهذا التعميم، برأيه، لن يحرم اللبنانيين الذين يتقاضون راتبهم بالليرة من التمتع بالسياحة الداخلية في المنتجعات والمطاعم والفنادق. أي إنّ السياحة لن تكون حكراً على الأجانب أو لمن يمتلك العملة الصعبة فقط، بل على عكس ذلك، يُعتبر التعميم ورقة رابحة على كل الاصعدة، لأنّه سيمكّن وزارة السياحة من مراقبة الأسعار والتدقيق بها واعتمادها، ويساهم في تخفيف الصعوبات والتحدّيات التي تنجرف إليها المحلات والمنتجعات السياحية يوماً تلو الآخر، والتي تتمثل أولاً في إهمال الدولة نداء عمّال هذا القطاع. إذ إنّ الحكومة، ومنذ تشكيلها وحتى استقالتها، لم تُقدِم على تنفيذ أي خطة انقاذية لحل مشكلات تأمين الكهرباء والمياه في شكل مستمر لأصحاب هذا القطاع. وردّها كان، دائماً، أن «لا حصرية للكهرباء»، فوزارة الطاقة لا تؤمّن الكهرباء لساعات كافية، وذلك يؤثر حتماً على خدمة السياح. لذلك أصبح صاحب المنتجع أو المطعم ملزماً بطريقة غير مباشرة باللجوء إلى تأمين طاقة بديلة كالطاقة الشمسية لتعويض النقص الحاصل».
وأضاف الاشقر: «انّ المشكلة المروعة تكمن في منهجية عمل الدولة العاجزة التي تعرقل حياة اللبنانيين وتدهور شتى مجالات العمل، ليس في القطاع السياحي فحسب، فحتى الآن لا تزال أموال المودعين محجوزة (منذ 3 سنوات) ولم يُطبّق قانون «الكابيتال كونترول» كما حصل في قبرص وإسبانيا واللتيْن تمكنتا من تخطّي الأزمة المالية بواسطة تطبيق قانون «الكابيتال كونترول» خلال ثلاثة أيام فقط!!».