لبنان ينتظر الاستثمارات لتحريك الاقتصاد

رغم الغموض الذي يكتنف التطورات المحتملة على الجبهة الجنوبيّة، عقب تمديد مهلة الـ 60 يوماً، واقتراب موعد انتهاء مهلة التمديد في 18 الجاري، يبقى الأمل الذي أرساه انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس للحكومة قائماً في حصول نهضة اقتصاديّة ترتكز على جذب الاستثمارات من الخارج، في المرحلة المقبلة.

هناك ما يشبه الإجماع على أن جذب الاستثمارات يبدأ بترميم العلاقة مع الخارج، سيّما مع الخليج العربي والدول الصديقة، لكنه يحتاج قبل ذلك إلى ورشة إصلاحات مطلوبة من الحكومة.

الخبير الاقتصادي باتريك مارديني يوضح لـ “نداء الوطن”، أنّ “المطلوب إصلاح العلاقة مع دول الخليج وسوريا، لأنّ التبادل التجاري مع الخليج يمرّ عبر سوريا، كما أنّ دول الخليج لديها رؤوس أموال وقد تكون مهتمّة بالاستثمار في لبنان. وقد رأينا أنها بدأت تظهر بوادر في هذا الاتّجاه. وبالتالي، نحتاج إلى وزير خارجية ورئيس حكومة يستطيعان ترميم هذه العلاقة التي توترّت بشكلٍ كبير في الآونة الأخيرة، لأسباب تتعلّق بالشق الأمني. ورئيس الجمهورية يعي هذا الأمر بشكل جيّد. وجزء آخر له علاقة بالشقّ القضائي من عمليات التهريب وغيرها ورئيس الحكومة المكلف لديه خبرة في هذا المجال”.

تفكيك الاحتكارات

يُشير مارديني أيضاً إلى “أهميّة تفكيك الاحتكارات والتي تحدّث عنها رئيس الجمهورية في خطاب القسم، ومنها تعيين الهيئات الناظمة في قطاعيْ الكهرباء والاتصالات وغيرهما… والتي يقوم عملها على فتح باب المنافسة. بدل أنْ يكون لدينا مثلاً شركة واحدة فقط “مؤسسة كهرباء لبنان” لإنتاج الكهرباء على صعيد لبنان، يمكن إبقاء هذه الشركة ومحاولة إصلاحها، مع إدخال شركات أخرى دوليّة أو محليّة بالتوازي، تُنشئ معامل، وتوزّع الكهرباء على السكان، ويُصبح المواطن أمام خيارات وعروض متعدّدة كما في معظم دول العالم، فيختار الأفضل والمناسب. وبالتالي، يجب تفكيك الاحتكارات في كل المجالات كالإنترنت والاتصالات والطيران والريجي والكازينو…”، مُعتبراً أنّ “من شأن ذلك أنْ يُنعش العجلة الاقتصادية ويحسّن الخدمات الأساسية للمواطنين ويُساعد في إنشاء بنى تحتيّة ضرورية لتنميّة الاقتصاد مُجدّداً، إذْ لا يمكن أنْ يكون للبنان صناعة أو زراعة أو سياحة أو خدمات في غياب البنى التحتيّة في الحدّ الأدنى”.

وتطرّق مارديني إلى عملية إعادة الإعمار، مشيراً إلى أنّها “أولويّة ويمكن أن تُنفّذ من خلال طريقتيْن متوازيتين: أوّلاً جذب الاستثمارات وثانياً الهبات”.

الاستثمارات والهبات

في موضوع الاستثمارات، يرى مارديني أنّ “هناك الكثير من القطاعات التي لا معنى لأن تنفق الدولة عليها الأموال، لأن التكنولوجيا تغيّرت والعالم تبدل. فلا ضرورة مثلاً لأن تبني الدولة معامل كهرباء أو أنْ تُكبّد الخزينة أعباء مالية لتأهيل “مؤسسة كهرباء لبنان”، والاستعاضة عن ذلك بإعطاء تراخيص لشركات تقدم هذه الخدمات وتتقاضى الفواتير بنفسها، ما يعني جباية أفضل وتغذية أحسن”، مشدّداً على “دور الهيئات الناظمة التي تعطي التراخيص، لكنّ جزءاً من الإعمار يجب أن يكون عن طريق جذب الاستثمار وليس الإنفاق العام، ويمكن البدء من الجنوب”.

وعن الهبات يقول: “على لبنان الشروع في عملية إعادة الإعمار عن طريق المساعدات. فقد مرّ لبنان بفترة كان مناوئاً للمناخ الدولي، اليوم تبدل الوضع، وأصبح هناك شعور من قبل الدول الخارجية بأن لبنان سيعود إلى المنظومة الدوليّة من خلال رئيسيْ الجمهورية والحكومة، وعدم إبقائه ضمن الدول المارقة، بما سيؤدّي إلى عودة المساعدات، لكن الأهمّ أنْ تصل إلى مكانها الصحيح لا أنْ تذهب في دهاليز الهدر والفساد كما كان يحصل في الماضي، في كل المشاريع العامّة”.

قانون الشراء العامّ

ويُشير إلى أنّه “للوصول إلى هذا الهدف يجب التشدّد في قانون الشراء العام واحترامه وإصلاحه حيث يجب. إذ من غير المقبول أنْ تتم الصفقات العموميّة في لبنان عن طريق عارض وحيد من دون أي منافسة حقيقيّة، أو أنْ يختار الوزير الشركة التي ستلتزم هذا أو ذاك المشروع. بالعكس، يجب اعتماد المنافسة الحقيقيّة ووضع دفتر شروط واضح وشفّاف وإجراء إعلان داخل وخارج لبنان لإعلام الجميع بالمشاريع المنوي تنفيذها، وليقدّم الجميع العروض وليربح الأفضل، من خلال العرض الأفضل والكلفة الأقل، لأنه بالطريقة التي كانت تدار فيها من خلال عارض وحيد يختاره الوزير كنا نحصل على نتيجة رديئة بكلفة مرتفعة، ولم يكن لدينا خيار آخر. وبالتالي فإن تحفيز المنافسة في الشراء العام والصفقات العموميّة هي أيضاً من الأمور الجوهريّة”.

مصدرنداء الوطن
المادة السابقةانخفاض اسعار المحروقات
المقالة القادمةكيف يقود مصرف لبنان معركة مكافحة التبييض وتمويل الإرهاب؟