في بداية العام 2025، لبنان يقف أمام مفترق طرق، إذ ثمة فرصة لإعادة بناء الدولة والاقتصاد، جذب الاستثمارات، واستعادة الثقة الداخلية، الإقليمية والدولية، أو الاستمرار في النفق الغامض من خلال دوامة الأزمات والصراعات والحروب.
في مطلع كل عام، يركّز جزء كبير من اللبنانيّين على المنجّمين والمبصّرين والمتوقّعين للمستقبل، ويَبنون أحلامهم أو كوابيسهم على توقعاتهم، أو حتى أنّ البعض يبني خططه واستراتيجياته على التنجيم.
أمّا نحن كاقتصاديّين ومستثمرين وسيدات ورجال أعمال، نبني رؤيتنا وخططنا واستراتيجياتنا على الوقائع والأرقام بكل موضوعية وشفافية.
لا شك في أنّنا بدأنا نرى ملامح النور في النفق الغامض الذي سلكناه منذ سنوات مؤلمة، وهناك اصطفاف الكواكب وفرصة ذهبية لتكون سنة 2025 من أهم السنوات على لبنان، سنة إعادة بناء الثقة، ودولة المؤسسات والعدل، لكن في الوقت عينه لا تزال ثمة مخاطر وكوابيس حيال الحروب والانقسامات الداخلية والخارجية التي تحوم فوق رؤوسنا.
لدينا فرصة ذهبية لهذا العام 2025، لإعادة بناء الركن الأساس لبلدنا وهو عامل الثقة، ولا سيما في ما بين اللبنانيّين، الثقة بين الشعب والدولة، الثقة بين الدولة اللبنانية والمجتمع الدولي، الثقة بدولة القانون والمؤسسات واحترام الدستور، والثقة بالجيش اللبناني المنتشر على كل الأراضي اللبنانية والحامي الوحيد للشعب والبلاد والحدود.
لدينا فرصة ذهبية لعام 2025 لملء كل الفراغات الدستورية، وبناء فريق عمل جدّي وفعّال، مع أولوية بناء خطة إنقاذ للبلاد وإعادة الإنماء، بعد سنوات من الإنهيار والتدمير الذاتي، والهدر والفساد والذلّ.
كذلك لدينا فرصة ذهبية لعام 2025 لنصل إلى اتفاق ترسيم الحدود البرية، بالطريقة عينها التي تُشبه ترسيم الحدود البحرية، على رغم من أنّنا أبناء السلام والمحبة والاحترام، الأفضل ألّا نختلف على التسمِيات ونقع في أفخاخ لعبة الكلمات والتسميات مثل التطبيع وغيره.
الأهم وأولويتنا تكمن بإعادة الاستقرار والسلام في جنوب لبنان وفي كل لبنان، وإعادة الإعمار يداً بيَد على أُسس متينة عبر طَيّ صفحة الحروب التدميرية، العدائية والكارثية.
لدينا فرصة ذهبية لعام 2025، بتحويل وقف إطلاق النار إلى اتفاق مستدام عبر الأمم المتحدة وتنفيذ القرار 1701، وإعادة بناء قطاعاتنا الإنتاجية، واحدة تلو الأخرى، ولا سيما قطاعنا السياحي الذي في إمكانه أن يجذب ما بين 4 و5 مليارات دولار في العام 2025.
إختبارنا الأهم، كان بَعد بضع ساعات من وقف إطلاق النار في أواخر العام 2024، حين تهافت اللبنانيّون على لبنان لتمضية فترة الأعياد في أرضهم الأم.
سنة 2025 ستكون سنة استثمارية بامتياز في كل القطاعات الإنتاجية بدءاً من السياحة، الصناعة، التجارة، مروراً بالزراعة ووصولاً إلى التكنولوجيا، ونتوقع نمواً ما بين 3% و5% إذا ما استفدنا من هذه الفرصة الذهبية بعيداً من ملوك الفرص الضائعة، ملوك الحروب والأيادي السود التدميرية.
في المحصّلة، إنّ هذه الأرض المقدّسة وبالعصا الإلهية، وفي ظل اصطفاف الكواكب داخلياً، إقليمياً ودولياً، لديها الفرصة الذهبية الأخيرة، لإعادة بناء البلاد، ليس فقط الحجر والزجاج، لكن إعادة بناء الشعب والأفكار والأهداف، ولا سيما إعادة بناء دولة القانون والمؤسسات والعدل، بعيداً من منطق الدويلات واللاقانون والمافيات.
علينا أن نستفيد من اصطفاف الكواكب هذه السنة الكبيسة الفريدة من نوعها، لإعادة بناء الإقتصاد الأبيض، وجذب من جديد المستثمرين والرياديّين والمبتكرين، والحدّ من الإقتصاد الأسود والفساد والتهريب والترويج. نتمنّى أن تكون سنة 2025 سنة بيضاء مثل الثلوج التي عمّت جبالنا في بدايتها.