أعلنت مستشفيات عدة أخيراً عن اقتراب موعد خروجها من الخدمة بسبب نفاد مخزونها من المازوت لتوليد الطاقة، ومنها المركز الطبي في الجامعة الأميركية، والذي صرّح أنّه «يواجه كارثة وشيكة قد تسبب الإغلاق القسري» وأنّ «أجهزة التنفس الاصطناعي وغيرها من الأجهزة الطبية المنقذة للحياة ستتوقف عن العمل». كما يؤثر انقطاع الكهرباء على مستشفى رفيق الحريري، فقد غرّد مدير المستشفى الدكتور فراس الأبيض قائلاً إنّ «المولّدات الها دايرة اكثر من 72 ساعة متواصلة. وصلنا مازوت من جهات مانحة دولية والجيش ومتبرعين، لكن الكميات تنفذ بسرعة». إلّا أنّ المشكلة لا تقتصر على القطاع الصحي فحسب، فقد تلقّى القطاع الزراعي ضربة قاسية جراء شح المازوت، وبالتالي عجز المزارع عن تشغيل المولّدات لاستخراج المياه لري الأرض، كما أدّى انقطاع الكهرباء عن برادات التخزين إلى تلف المحاصيل. أما مؤسسات المياه، فتحذّر من اقتراب توقف ضخ المياه نتيجة تقنين الكهرباء، كما تحذّر منظمة «اليونيسيف» من انهيار شبكة إمدادات المياه مع انهيار شبكة الكهرباء، فقد قدّرت أنّ أكثر من 71 في المئة من المقيمين في لبنان معرّضون لخطر فقدان إمكانية الحصول على مياه صالحة للشرب. وبمواجهة هذه التحدّيات، عُقد إجتماع في بعبدا أفضى إلى تسعير المحروقات على أساس 8000 ليرة للدولار.
الاشتراك المبنية على أساس سعر متدنٍّ للمازوت. فكانت صفيحة المازوت في لبنان مسعّرة بـ 2.8 دولار، والكيلوواط ساعة محدّد بـ 10 سنت قبل اجتماع بعبدا. وتحفّز هذه الهيكلية بيع المازوت في السوق السوداء بدلاً من استعماله لإنتاج الكهرباء، بحيث يرتفع الربح الصافي من بيع صفيحة المازوت في السوق السوداء إلى ما بين 8 و12 دولاراً للصفيحة؛ أما في المقابل، فيكون الربح من إنتاج الطاقة حوالى 2 دولار للصفيحة، وهذا ما يشرح عدم توفر المازوت لإنتاج الكهرباء. أما بعد اجتماع بعبدا، وإقرار التسعيرة على أساس 8000 ليرة للدولار، فأصبحت صفيحة المازوت مسعّرة بـ5 دولار، ولكنها ما زالت تحفز على بيع المازوت في السوق السوداء بدلًا من إنتاج الكهرباء، لأنّ الربح الصافي من بيع الصفيحة على التسعيرة الجديدة في السوق السوداء يتراوح ما بين 6 و- 10 دولارات، في وقت يبقى الربح من إنتاج الكهرباء حوالى 2 دولار للصفيحة. بالمحصلة، سيتكبّد أصحاب المولّدات خسائر، في حال أنتجوا كهرباء عن طريق شراء مازوت غير مدعوم، ومن هنا يأتي التقنين.
بعد مرور حوالى سنتين على الأزمة الاقتصادية، وخسارة لبنان حوالى ثلث الناتج المحلي، جاءت أزمة تقنين المولّدات لتقضي على ما تبقّى من مؤسسات في البلد. فبالإضافة الى المستشفيات والمولات والمصانع، أقفلت أعداد كبيرة من المؤسسات السياحية مثل المطاعم والفنادق أبوابها، جراء عدم توفر الكهرباء لها. وصرّح نائب نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري خالد نزهة، بأنّ «انقطاع المازوت كان بمثابة الضربة القاضية». وستبقى مادة المازوت غير متوفرة طالما استمر تسعيرها بأدنى من سعر الكلفة في لبنان، كما وستبقى المولدات مُطفَأة إذا بقيت تسعيرتها أدنى من كلفة إنتاجها للكهرباء.