وقع المحظور وانتقل لبنان في أقل من أسبوع من السيئ الى الأسوأ الذي سيتفاقم يومياً. فما قبل اجتماع بعبدا المالي ليس كما بعده، ونحن نشهد حالياً تداعيات القرارات الخنفشارية التي صدرت عنه، والتي قد تكون ساهمت في تسريع تدهور سعر صرف الليرة بشكل دراماتيكي. إذ مع إيقاف عمل منصّات التسعير وملاحقة الصرافين الشرعيين، بات الكل لاعباً في السوق السوداء، بدليل تدهور الليرة من 10 آلاف الى 15 الفاً في أسبوع.
وقد رسم هذا الواقع مشهدية جديدة في حياة المواطن اللبناني تُلخّص “بالذل”، وبعد ان كان الذلّ محصوراً في المصارف انتقل الى السوبرماركت، حيث التقاتل على المواد المدعومة وما تيسّر على الرفوف من مواد غذائية، قبل ان تسجّل مزيداً من الارتفاع، ومنه الى باقي القطاعات الاقتصادية. فالطوابير طويلة امام محطات المحروقات، التي لا تزال توفّر مادة البنزين للحصول على ليترات محدودة. اما غالبية المحلات التجارية مقفلة بانتظار استقرار الصرف، والجديد تهديد نقابة اصحاب الافران بالتوقف القسري عن الإنتاج ريثما تستقر الأسعار.
أما في ما خصّ بيع المحروقات، فلفتت المصادر الى انّ اكثرية المحطات باتت تعتمد اليوم سياسة التقنين في البيع، للحدّ من خسارتها قبل ارتفاع سعر صفيحة البنزين كل يوم اربعاء. والملاحظ انّ هذا التقنين أدّى بالمستهلكين الى التوجّه نحو الأرياف، حيث لا تقنين، لأنّ الضغط على الطلب أقل، كذلك انتشرت ظاهرة باصات البنزين التي تجوب المناطق لبيع البنزين بالغالونات بأسعار السوق السوداء، أي مضاعفة عن الأسعار الرسمية.
أضف الى ذلك، توجّه غالبية المصارف الى رفض قبول شيكات الدولار، والتي سبق للمصرف المركزي ان فرض تأمينها بنسبة 10% كشرط من شروط فتح اعتماد لاستيراد المحروقات. أما المصارف التي تقبل شيكات الدولار فتفرض تجميد التصرف بها لمدة عام، بما من شأنه ان يزيد من تفاقم الأمور مستقبلاً.
في السياق، تؤكّد مصادر مطلعة لـ”الجمهورية”، انّ لا سقوف للدولار بعد اليوم، ولا شيء سيحدّ من تدهور الليرة الّا سلطة بديلة من خارج نظام الطوائف، وذلك في حال كانت هناك نية لبقاء البلد وليس زواله.
وقالت المصادر: “لا نعلم اذا كنا دخلنا الأسوأ ام بعد، لكن اللعب والترقيع في الحلول من دون الإنصراف الى خطة شاملة من اساسياتها ترشيد الدعم، هو بمثابة بيع أوهام. كذلك الحديث عن البطاقة التموينية التي لم تصدر حتى الآن، والتي أصبحت لا تمثل أكثر من 10 الى 15 في المئة من القوة الشرائية التي خسرها المستهلك اللبناني”. وأبدت المصادر خشيتها من اننا وصلنا الى نقطة اللاعودة، لا بل نحن في صلبها، والمشكلة انّ البديل لم يولد بعد. فالأزمات في لبنان تتراكم وتتفاعل لدرجة انّ معالجتها ما عادت ممكنة مع هذا النمط او المستوى من الحكّام.