رغم استمرار التراجع في حركة قطاعات التجارة بالتجزئة، أظهر “مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة” للفصل الثاني من سنة 2024 (Q2 –2024 ) أن التراجع مستمر، إنما التفاؤل سيطر على الأسواق، ليسجّل المؤشّر 39.69 نقطة.
شيء من الاستقرار
وجاء في تقرير الجمعية أنه إلى جانب التراجع “اتّسمت أرقام أعمال بعض القطاعات بشيء من الاستقرار إن لم يكن من التحسّن الخجول خلال الفصل الثاني لهذه السنة. وتكمن هذه النتيجة الإيجابية النسبية في أن المستهلك اللبناني بات متأقلماً مع نمط استهلاكي جديد وسط تلك الأوضاع الاقتصادية، وفي أن نسبة التضخم تراجعت ما بين الفصل الثاني لسنة 2023 والفصل الثاني لسنة 2024 الى مستوى + 41.78 بالمئة، في حين انخفضت نسبة التضخم الفصلية (أي ما بين الفصل الأول والفصل الثاني لسنة 2024) الى مستوى + 2.04 بالمئة، لذا كان التراجع في الحركة وبالتالي أرقام الأعمال في معظم الأسواق التجارية، أقلّ مما كان عليه في الفصول السابقة”.
وأضاف التقرير أن التجار “مع استمرار الحالة المتأزّمة إقليمياً وعدم إنجاز أي تقدّم ملموس في الأوضاع السياسية والاقتصادية الداخلية، حيث سادتهم آمال كبيرة إزاء تحسن الحركة الاستهلاكية، لم يتراجعوا عن التحضير لصيف يجذب المغتربين والزوّار، كما في السنة الماضية، للإستفادة من هذا الزخم الموسمي المنشود”.
هذا الجوّ من الإيجابية، وفق التقرير، دعمه “زيادة في إحتياطيات البنك المركزي من العملة الأجنبية، لتقارب حدود الـ10 مليارات دولار، وعن الزيادات المرتقبة في كتلة تحويلات المغتربين من الخارج، التي قد تلامس الـ7 مليار دولار، ممثلةً بذلك نسبة مئوية مرتفعة من إجمالي الناتج المحلي المرتقب، كما وشبه الثبات في سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي وجاءت كل تلك العوامل، بالتزامن مع انخفاض نسبة زيادة مؤشر الغلاء (+ 41.78 بالمئة بين الفصل الثاني لسنة 2023 والفصل الثاني لسنة 2024، بالمقارنة مع + 70.36 بالمئة في الفصل السابق)، لتساهم في تباطؤ التراجع في أداء الأسواق خلال الفصل الثاني من هذه السنة بالمقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية”.
التضخّم في القطاعات
وتضمّن التقرير معدّلات التضخم السنوي في كل قطاع على حدة، ما بين الفصل الثاني لسنة 2023 والفصل الثاني لسنة 2024. ففي قطاع التعليم بلغ التضخّم 587.67 بالمئة (589.23 بالمئة في الفصل الأول) وبلغ 47.24 في قطاع الصحة (45.01 بالمئة في الفصل الأول) وبلغ 38.06 بالمئة في قطاع الإستجمام والتسلية والثقافة (70.76 بالمئة في الفصل الأول) و31.10 بالمئة في قطاع الإتصالات (28.89 بالمئة في الفصل الأول) و29.58 بالمئة في قطاع المواد الغذائية والمشروبات غير الروحية (51.37 بالمئة في الفصل الأول) و26.74 بالمئة في قطاع الألبسة والأحذية (39.48 بالمئة في الفصل الأول) و23.77 بالمئة في قطاع المطاعم والفنادق (30.86 بالمئة في الفصل الأول) و16.76 بالمئة في قطاع المشروبات الروحية والتبغ (36.20 بالمئة في الفصل الأول) و18.55 بالمئة في قطاع النقل (13.22 بالمئة في الفصل الأول) و-7.31 بالمئة في قطاع الأثاث والتجهيزات المنزلية (9.50 بالمئة في الفصل الأول).
والملفت للنظر في تلك النسب، وفق التقرير، أنها ما زالت أدنى بكثير مما كانت عليه في الفصول السابقة، بعد أن بدأ التضخم بتسجيل تباطؤٍ ملفت إبتداءً من الفصل الأول لهذه السنة، بإستثناء ما يشهده قطاع التعليم من تضخم شديد جداً يلامس منذ فترة الـ600 بالمئة كنسبة سنوية، الأمر الذى سوف يكون له عواقب كارثية على مستقبل الأجيال الناشئة، إن في المدارس، أو في المعاهد والجامعات.
كما تضمّن التقرير معدّلات التضخم الفصلي في كل قطاع على حدى، ما بين الفصل الأول والفصل الثاني لسنة 2024. واستناداً إلى أرقام إدارة الإحصاء المركزي، بلغ التضخّم 6.66 بالمئة في قطاع المطاعم والفنادق (2.56 بالمئة في الفصل الأول) و5.31 بالمئة في قطاع الألبسة والأحذية (1.44 بالمئة في الفصل الأول) و5.12 بالمئة في قطاع النقل (4.69 بالمئة في الفصل الأول) و1.90 بالمئة في قطاع المشروبات الروحية والتبغ (8.05 بالمئة في الفصل الأول) و0.61 بالمئة في قطاع الصحة (1.03 بالمئة في الفصل الأول) و0.32 بالمئة في قطاع التعليم (0.59 بالمئة في الفصل الأول) و0.07 بالمئة في قطاع الإتصالات (- 0.20 بالمئة في الفصل الأول) و0.36 بالمئة في قطاع المواد الغذائية والمشروبات غيرالروحية (5.80 بالمئة في الفصل الأول) و-4.15 بالمئة في قطاع الإستجمام والتسلية والثقافة (6.18 بالمئة في الفصل الأول) و-9.14 بالمئة في قطاع الأثاث والتجهيزات المنزلية (2.00 بالمئة في الفصل الأول).
بين التحسّن والتراجع
وتضمّن التقرير أيضاً أرقاماً عن القطاعات التي شهدت تحسناً في أرقام أعمالها بين الفصلين الأول والثاني. وجاءت النتائج على الشكل التالي: السلع الصيدلانية (+ 51.07 بالمئة)، التبغ ومنتجاته (+ 27.96 بالمئة)، الأجهزة المنزلية الكهربائية، والراديو والتلفزيون (+ 19.11 بالمئة)، العطور ومستحضرات التجميل (+ 18.16 بالمئة)، الأثاث والمفروشات (+ 17.71 بالمئة)، السوبرماركت والمواد الغذائية (+ 10.56 بالمئة)، الأحذية والسلع الجلدية (+ 7.62 بالمئة)، الكتب، والصحف والمجلات (+ 4.15 بالمئة).
أما تلك التي ظلت تسجل تراجعاً بين الفصلين الأول والثاني، فكانت على الشكل التالي: معدّات البناء (- 67.85 بالمئة)، المجمّعات التجارية (- 12.51 بالمئة)، الساعات والمجوهرات (- 9.79 بالمئة)، الأجهزة الطبية (- 9.36 بالمئة)، الملبوسات (- 4.89 بالمئة)، المشروبات الروحية (- 3.25 بالمئة)، المخابز والحلويات (- 3.14 بالمئة)، المطاعم والسناك بار (- 0.34 بالمئة).
واستناداً إلى تلك الأرقام، ورغم استمرار انخفاض “مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة” – الذى كان متواضعاً نسبياً في الفصل الثاني من سنة 2024، يمكن القول إن الاقتصاد اللبناني كاد أن يبدأ باكتساب نوع من التأقلم مع الأزمة التى يتعايش في ظلّها، علماً بأن عوامل متعدّدة، منها استقرار العملة ومنها أيضاً عدم حدوث تغيّرات جوهرية في الوضع المحلي والإقليمي، قد ساهمت في تباطؤ المسار التراجعي للحركة الاقتصادية.