في زحمة المؤتمرات الدوليّة التي تتناول الوضع الإقتصادي والمالي للبنان، تبقى الأنظار إلى الشق العملي من المقرّرات التي نتجت عنها، خصوصاً أنها ستشكّل مؤشّراً إلى مدى نجاح أو فشل الحكومة.
مع بداية العام 2019، استضافت بيروت القمة العربية الاقتصادية في دورتها الرابعة، حيث دعت المجتمع الدولي إلى مضاعفة الجهود لتأمين عودة اللاجئين السوريين إلى بلدانهم وتخفيف العبء عن الدول المضيفة، في ظل غياب الغالبية الساحقة من الرؤساء والقادة العرب. فماذا استفاد لبنان من هذه القمّة؟
يرى الخبير الإقتصادي البروفسور جاسم عجاقة أنّه “مما لا شك فيه أن إنعقاد القمّة العربية الإقتصادية في بيروت أعطى نفساً جديداً للإقتصاد والمالية العامّة على الرغم من الإشكالات الداخلية وغياب مُعظم الرؤساء العرب عن القمّة”، مُضيفاً: “ما بين إعلان قطر شراء سندات خزينة لبنانية بقيمة 500 مليون دولار أميركي ورفع المملكة العربية السعودية حظر سفر الرعايا السعوديين إلى لبنان، أخذ الإقتصاد اللبناني نفساً عميقاً تمثّل بإرتياح في المالية العامّة في الشهر الذي تلى القمةّ”.
وقال، في حديث لموقع mtv: “اللبنانيون وعلى عادتهم لا يفوتون فرصة لتعطيل مجرى الأمور مع الخلافات على ملف النزوح السوري وملف الكهرباء وملف التعيينات، وهذه الخلافات إذا تطوّرت إلى صدام، مُرشحة لتُطيح بنتائج القمّة وحتى نتائج مؤتمر “سيدر”.
ولفت عجاقة إلى أنّ “السائح السعودي الذي كان يُشكّل 22% من إجمالي إنفاق السواح في لبنان في العام 2012، لن يعود إلى لبنان في ظل سيناريو تعطيل سياسي أو توتر أمني ناتج عن تحويل الصراع السياسي إلى صراع على الأرض، كما أنّ التعطيل السياسي قد يُطيح بالإستثمار القطري نظراً إلى إرتفاع المخاطر السيادية”.
وتابع عجاقة: “الإقتراح الكويتي بإنشاء صندوق للإستثمار في الشركات الناشئة والصغيرة والمُتوسّطة الحجم، سيسمح للكثير من الشركات اللبنانية الإستفادة من هذا الدعم، أمّا في ما يخص المقررات والإقتراحات الأخرى، فلا ترجمة فعلية لها في الوقت الراهن على الساحة اللبنانية”، مُردفاً: “من هذا المُنطلق نرى أن القمّة العربية أرست أربع نقاط إيجابية على لبنان، فهي أظهرت الثبات الأمني في لبنان وهو أساسي للإستثمارات، ودفعت قطر إلى الإستثمار في سندات الخزينة اللبنانية، ورفعت الحظر على سفر السعوديين إلى لبنان، وفتحت الباب أمام عدد من الشركات اللبنانية للإستفادة من قروض الصندق العربي لدعم الشركات الناشئة، لكن هذه النتائج مُهدّدة بالخلافات السياسية وبتعطيل الحكومة التي قد تُطيح بها”.