ازدحمت الاسبوع الماضي المحطات الاقتصادية والمالية التي سلطت الضوء على المخاطر التي يواجهها لبنان، ما بين مواقف متشددة أطلقتها وكالتا التصنيف الائتماني “موديز” و”فيتش”، ومواقف أقلّ تشددا وإنما محفوفة بالحذر والقلق برزت على لسان رئيس بعثة صندوق النقد الدولي كرسي جارفيس، ونائب رئيس البنك الدولي لشؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا فريد بلحاج.
وباستثناء الكلام الواضح والمتفهم لوزير الاقتصاد والتجارة الذي غرد به على “تويتر” بعد الموقف الهجومي لوزير المال على تقرير “موديز”، وقال فيه إن “تحذيرات موديز جزء من عملها، وعلينا نحن ان نُنجز عملنا فلا نقع في محظور ما تشير اليه، وليس من مبرر للتهويل، ولبنان ملتزم كل تعهداته ولن يخلّ بها”، جاء تعليق خليل سياسيا بامتياز، تجاهل فيه موقعه المسؤول على رأس وزارة المال، إذ طرح “علامات استفهام كبرى على تقارير ومواقف المؤسسات الدولية او الوكالات لأنها تعتمد على التحليل السياسي المغلوط، وليس على الوقائع والاجراءات وما ينص في مجلس النواب والوزراء”، لافتا الى انه “ينظر بقلق الى هذا الأمر”.
وفات وزير المال أن أي تحليل أو فرضية تعتمدهما وكالات التصنيف او المؤسسات الدولية او الصحف يعود الى افتقادها القدرة على الوصول الى المعلومات، في ظل امتناع وزارة المال عن الإفصاح عن البيانات المالية التي درجت وزارة المال على إعلانها شهريا منذ أكثر من عقد ونصف عقد، علما أن وزير المال نفسه كان كشف قبل أشهر عن خطة لإعادة هيكلة الدين، ما لبث أن صححها باقتراح الجدولة، وهو الاقتراح عينه الذي تبنته “موديز”.
وإذا كانت تغريدة بطيش خففت قليلا من وقع كلام خليل، فهي لن تخفف تداعياته على التصنيفات المقبلة للوكالات للبنان، ما لم يقترن اقرار الموازنة سريعا في مجلس النواب بإجراءات فورية تخفض نسبة العجز، علما أن للنتائج المالية المحققة في الأشهر الستة الاولى من السنة دلالات كبيرة، يمكنها اذا كانت إيجابية وعكست التزاما رسميا بخفض الانفاق، ان تعطي إشارات جدية حيال المساعي الحكومية بمعالجة العجز المالي وتنامي كتلة الدين العام. والواقع أن كل المؤسسات والوكالات الداخلية والخارجية تدرك أن تقديرات الحكومة لنسبة العجز متفائلة جداً وغير قابلة للتطبيق.
في ظل هذا المناخ، برز إعلان قطر إعادة تحريك الاستثمار بقيمة ٥٠٠ مليون دولار في السندات اللبنانية. وكشفت مصادر قطرية لمؤسسة “بلومبرغ”، عن نيتها تنفيذ ما التزمته في القمة الاقتصادية في بيروت في كانون الثاني الماضي.
وقد أثار هذا الإعلان مجموعة تساؤلات في الاوساط المحلية عن سبب تحريك قطر هذا الاستثمار في هذا التوقيت رغم مرور أكثر من خمسة أشهر على إعلانه.
وعزت مصادر سياسية الامر الى أكثر من عامل، منها ذو طابع سياسي ومنها ما يتسم بطابع تجاري يتصل بالجاذبية التي باتت تتمتع بها السندات اللبنانية اليوم في ظل التراجع الكبير في أسعارها.
أما في الخلفية السياسية، فتنقل المصادر حرصا قطريا بدأ يتلمسه أكثر من مسؤول من خلال الحركة الديبلوماسية للسفير القطري في بيروت، للاضطلاع بدور على الساحة اللبنانية في ظل ما تعتبره الدوحة تقصيرا أو غيابا للحضور العربي الوازن والقادر على حماية الاستقرار اللبناني الداخلي وتحصينه أمام المواجهة الاميركية-الإيرانية في المنطقة.
ونقلت عن مصادر قطرية مفاتحتها عددا من المسؤولين في اقتراح يقضي باستضافة بيروت دورة رياضية، ما يعكس اهتماما قطريا بلبنان.