منذ أيام أصدرت وكالة فيتش تقريراً يتضمن تخفيضا جديدا للتصنيف الائتماني الطويل الأجل بالعملات الأجنبية للبنان وذلك بسبب حالة التخلف عن الدفع المقيدة.
وقد خفّضت التصنيف الائتماني الطويل الأجل بالعملة المحلية من CC إلى حالة التخلف عن الدفع المقيدة.
كما خفّضت التصنيف الائتماني قصير الأجل بالعملة المحلية من C إلى حالة التخلف عن الدفع المقيدة.
فلماذا اصدرت الوكالة هذا التقرير وماذل يعني هذا التصنيف وما هي تداعياته؟
في هذا الإطار يقول الخبير الاقتصادي الدكتور بلال علامة في حديث للديار :
ربما أتى تقرير وكالة فيتش الأخير خارج سياق التوقعات ، لكنه أعاد التذكير بحالة لبنان المنهارة وبالتدهور المالي والاقتصادي السريع لا سيما بعد الأخبار التي روجت عن بدء التعافي خاصة بعد زيارة عدد كبير من المغتربين والمنتشرين اللبنانيين لبنان خلال الصيف لقضاء العطلة الصيفية في ربوع الوطن.
ويتابع: وكأن الوكالة أرادت التذكير بجميع التقارير التي أصدرتها سابقاً والتي تضمنت تخفيضا تدريجيا للتصنيف الائتماني للبنان مع توصيات تتعلق بكيفية البدء بالتعافي للخروج من الأزمة عبر ضرورة إقرار حزمة من الإصلاحات والتي عجزت أو أحجمت السلطة السياسية عن طرح وإقرار أي من بنود هذه الحزمة علماً بأن السلطة السياسية تدرك أن عدم إقرار هذه الإصلاحات سيطيح ما تبقى من قدرات وإمكانات اقتصادية للبنان.
ويشير علامة الى ان مضمون التقرير لم يقتصر على تخفيض التصنيف الإئتماني بالعملة الأجنبية بل تناوله وتناول هذه المرة العملة المحلية أي الليرة اللبنانية في إشارة الى خطورة الوضع المالي اللبناني والناتج من التضخم الجامح الذي يصيب لبنان .
ولفت الى ان الوكالة أشارت إلى استمرار تقصير سندات “اليوروبوند” حيث لا يزال لبنان في حالة التخلف عن سداد دينه الحكومي بالعملات الأجنبية، بعد فشل الدولة السيادية في سداد أصل السندات الدولية المستحقة في 9 مارس 2020. كما عمدت بعده الحكومة الى إيقاف خدمة مخزونها المستحق من سندات “اليوروبوندز” بانتظار إعادة هيكلة الديون.
وووفقاً لعلامة كان اللافت في مضمون التقرير إشارة الوكالة الى تنفيذ لبنان البطيء لإصلاحات صندوق النقد الدولي بعد توصل لبنان ووفد صندوق النقد إلى اتفاق على مستوى الموظفين في نيسان 2022 الى إتفاق أولي بشأن تسهيل تمويل ممدد مدته أربع سنوات بنحو 3 مليارات دولار لدعم برنامج شامل للإصلاح الاقتصادي والمالي.
علماً بأن صندوق النقد الدولي حدد 10 إجراءات مسبقة لازمة للحصول على موافقة مجلس الإإدارة الصندوق ولم تستطع السلطة الانتهاء سوى من أربعة إجراءات فقط، بما في ذلك اعتماد ميزانية 2022 في أواخر سبتمبر 2022. كما اعتمد البرلمان قانون السرية المصرفية، لكن صندوق النقد يقدر أن لبنان لا يفي بمتطلباته ويحتاج إلى تعديل.
واردف علامة : قالت وكالة فيتش في تقريرها : “لقد تم الانتهاء من التدقيق الخاص لصافي الاحتياطيات الدولية لمصرف لبنان ومن المتوقع نشره قريبًا”.
وتشمل الإجراءات المتبقية ضمن شروط الصندوق، اعتماد البرلمان لتشريع قرارات الطوارئ المصرفية، والشروع في إجراء تقييم لكل بنك على حدا، والموافقة على استراتيجية مالية واستدامة الديون متوسطة الأجل، واعتماد قانون تقييد رأس المال وحدود سحب الودائع وتوحيد أسعار الصرف وكلها إجراءات ما زالت سلطة لبنان السياسية بشقيها التنفيذية والتشريعية بعيدة عن إقرارها وإعتمادها.
وختم علامة بالقول : قد يبدو للبعض أن تقرير وكالة فيتش هو تقرير روتيني ولكن الحقيقة أن هذا التقرير يعتبر الأهم بالنسبة للبنان ليس لأن مضمونه يذكر بعجز السلطة السياسية عن النهوض بالوضع المالي والإقتصادي اللبناني بل لأنه يؤشر الى المستقبل الأسود الذي ينتظر الوضع اللبناني في ظل استمرار منظومة السلطة الحالية في مراوغتها لاعتمادها على الطرق الملتوية في إدارة البلاد والقضاء على العباد.