كثيرا ما نسمع عن ضرورة تطبيق الإصلاحات من أجل الخروج من الأزمة الاقتصادية و المالية و النقدية التي تعصف بلبنان منذ أكثر من أربع سنوات ومن أجل النهوض بالاقتصاد وإعادة النمو .
وكثيراً ما نسمع أن هذه الإصلاحات هي كما طلبها صندوق النقد الدولي من أجل إبرام اتفاق مع الدولة اللبنانية للحصول على ٣ مليارات دولار : إعادة الانتظام إلى القطاع المالي إعادة هيكلة المصارف تعديل قانون السرية المصرفية إعادة هيكلة القطاع العام وقانون الكابيتال كونترول.
إلا أن الخبير الاقتصادي الدكتور باتريك مارديني يرى ان “هناك ثلاثة إصلاحات مطلوبة من أجل النهوض بالاقتصاد وإعادة النمو، وهي المحافظة على استقرار سعر صرف الليرة اللبنانية عن طريق تثبيت سياسات حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري ضمن قوانين واهمها عدم إقراض الحكومة و عدم طباعة الليرة، والإصلاح الثاني وضع قاعدة للنفقات تقضي بألا تكون النفقات أكثر من النمو او توازن النفقات مع الواردات، و الإصلاح الثالث السماح للشركات في القطاع الخاص بإنتاج الكهرباء على المستوى البلدي بالتعاون مع البلديات دون الرجوع إلى السلطة المركزية”.
مارديني رأى في حديث للديار”أن السبيل الوحيد لنهوض الاقتصاد ونموه هو تطبيق الإصلاحات، مؤكداً أنه بعد أربع سنوات من الأزمة وصلنا إلى مرحلة استقرار بمعنى أننا ” ارتطمنا بالقعر” .
ويشرح مارديني “عندما نرتطم بالقعر يصبح هناك أمل في أن يحصل عودة سريعة إلى القمة او الاستمرار في القعر لفترة طويلة، مشدداً على ضرورة تنفيذ الإصلاحات التي تحرر الاقتصاد وتسمح له بالإنطلاق وتتيح الخروج من القعر، وعدم القيام بالإصلاحات تجعلنا نبقى في القعر”.
وركّز “على أهمية طبيعة الإصلاحات إذ ليس كل القوانين التي تصدر عن المجلس النيابي والتي تتم عنونتها على أنها إصلاحية هي فعلاً الإصلاحات المطلوبة “.
وعدّد مارديني الإصلاحات المطلوبة وأولها الإصلاحات النقدية أي إصلاحات مصرف لبنان، مشيراً “أن الحاكم بالإنابة وسيم منصوري يتصرف بسياسة نقدية ممكن تصنيفها أنها إصلاحية كالتوقف عن إقراض الحكومة بالليرة اللبنانية وبالدولار والتوقف عن طباعة الليرة اللبنانية فضلاً عن الاستمرار في عدم أخذ الودائع من المصارف ، مشدداً على ضرورة ان تتحول هذه السياسات الإصلاحية إلى قوانين إصلاحية لأن السياسة يمكن الرجوع عنها في أي وقت وبالتالي نعود إلى التضخم وانهيار سعر الصرف “.
ورأى مارديني “أنه يجب تعديل قانون النقد و التسليف وتحديداً توقف المصرف المركزي عن إقراض الحكومة وطباعة الليرة اللبنانية وأخذ الودائع من المصارف التجارية، مؤكداً أنه عند وضع هذه الأمور ضمن قوانين نكون قد حولنا سياسات نقدية أعطت نتيجة في استقرار سعر الصرف إلى قوانين، ” وهذا سيكون إنجازا مهما جداً للبنان”.
والإصلاح الثاني الذي يجب أن يحصل وفق مارديني هو “الإصلاح في السياسة المالية للدولة مشيراً أن الموازنات التي أقرت كلها خاطئة لما تتضمنه من عجز بحيث كانت النفقات اكثر من الواردات، ” والإنفاق المتمادي تسبب بالفجوة المالية التي تم تمويلها في مرحلة معينة عن طريق طباعة الليرة التي أدت إلى إنهيار سعر صرف الليرة او عن طريق الاحتياطي في مصرف لبنان”.
واعتبر مارديني “تصفير العجز في موازنة ٢٠٢٤ خطوة إيجابية وإن كان هذا الأمر غير صحيح لكن يدل على وعي المسؤولين لأهمية تصفير العجز، ولذلك يؤكد مارديني على ضرورة وضع قاعدة مالية ضمن القوانين، لها علاقة بالإنفاق تقضي بعدم السماح للحكومة أن تزيد إنفاقها عن النمو المتوقع سنوياً ،” ويطلق على هذا القانون اسم سقف على الإنفاق وهو طبق في بعض البلدان و يمكن أن يضمن لنا التوازن في الموازنة العامة “.
أما الإصلاح الثالث فهو الكهرباء يقول مارديني “فالكهرباء هي قطاع حيوي جداً لأنه يؤثر في كافة القطاعات التي هي بحاجة إلى الكهرباء لما لها من تأثير في تخفيض الكلفة التشغيلية كالصناعة والزراعة والسياحة والتكنولوجيا “.
و إذ شدد مارديني “على ضرورة معالجة مشكلة الكهرباء من اجل السماح لاقتصاد البلد بالانطلاق والعودة إلى النمو، رأى ان هذا الأمر يمكن الوصول إليه عن طريق السماح للبلديات التعاون مع القطاع الخاص لإنتاج الكهرباء، أي السماح لشركات القطاع الخاص بإقامة مزارع طاقة شمسية على المستوى البلدي، ومن ثم تقوم ببيع الكهرباء للشركات والناس على ان تمنحها البلدية التراخيص دون اللجوء إلى وزارة الطاقة او الهيئة الناظمة”.
ورأى “أن تعزيز دور البلديات من أجل السماح بتعدد منتجي وموزعي الكهرباء للانتقال إلى قطاع كهرباء يتمتع بالمنافسة يضمن على المستوى المحلي أن يصبح لدى الشركات والمؤسسات والمصانع والفنادق والمزارعين طاقة ( نظيفة) و بسعر أرخص بحيث نتمكن أن ننهض بالاقتصاد”.
يتم قراءة الآن