على عين وزارة التربية، تتفنّن مافيا المدارس الخاصة في خلق الأبواب لتشليح الناس أموالهم. لعبة مكشوفة للاستمرار في مصّ دماء الأهالي بعناوين مختلفة، وفي هذه الظروف بالذات. «بزنس» لا أكثر ولا أقل. بعد فتح الملف وحجز المقعد الإجباري، والزيّ المدرسي والنقل والقرطاسية والدكانة، اختبأت بعض المدارس «الكبيرة»، هذا العام، خلف عنوان «التبرع» للمدرسة لفرض مبالغ غير قانونية بالـ«فريش دولار» ومن خارج الموازنة المدرسية السنوية، بحجة إنقاذ نوعية التعليم والتهديد بالإقفال. وتعزو السبب في ذلك إلى «أننا متروكون لمصيرنا لنكسر راسنا مع المافيا ووزارة التربية تتفرج، وفي أحسن الأحوال تطلب من الأهالي ولجان الأهل تقديم شكاوى إلى مصلحة التعليم الخاص، إلا أن التجارب السابقة على مدى السنوات الماضية لم تكن مشجعة، ولم يعد أيّ منا يؤمن بأن الاعتراض لدى الوزارة يمكن أن يجدي نفعاً.
مديرة مدرسة «الكوليج بروتستانت»، لينا الخال، قالت لـ«الأخبار» إنه لم يكن ممكناً الحفاظ على المستوى التعليمي نفسه من دون تعاون الأهل مع إدارة المدرسة «وما نطلبه من رسم دعم سيصرف داخل المدرسة وفي خدمة تلامذتنا ولن يذهب إلى جيوبنا». أما معادلة الـ«فريش» دولار ففرضها الواقع الاقتصادي المستجد، فالمدرسة تشتري كل مستلزماتها واحتياجاتها بالدولار، فمن أين ستأتي بكل هذه المبالغ لتقلّع في العام الدراسي؟ الخال أشارت إلى أن بيان الإدارة «كان واضحاً وصريحاً مع وزارة التربية والأهل لجهة الإقرار بعدم القدرة على الاستمرار إذا لم نحصل على الدعم»، لافتة إلى أن غالبية الأهالي دفعوا ولم تتلق شخصياً أي شكوى في هذا الخصوص، علماً بان المدرسة أبدت استعدادها لمساعدة الأهالي المتعثرين. ماذا عن هذه المبالغ، هل ستدرج ضمن بند المساعدة في الموازنة؟ الموازنة، بحسب الخال، «ليست من اختصاصي ويعدّها قسم المحاسبة في المدرسة، ولا أعلم ما إذا كانت ستدرج أو لا!».
لجان الأهل وصلت إلى حائط مسدود، بحسب رئيس لجنة الأهل في مدرسة زهرة الإحسان جو أبو زيد، وتنتظر تدخل الوزارة من خلال خطوات استباقية للموازنة مثل إصدار تعميم يمنع أي زودة من خارج الموازنة أو فرض مبالغ بالدولار، وأن تلزم المدارس هذه المرة بقطع حساب يفصل كل الإيرادات والمصاريف مع الفواتير، وليس ميزانية تتضمّن مبالغات في الأرقام من دون مبررات لها.
رئيس مصلحة التعليم الخاص في وزارة التربية، عماد الأشقر، أكد أن إجراءات المدارس الخاصة «غير مقبولة وغير مسموح بها قانوناً إلى حين تعديل قانون تنظيم الموازنات المدرسية الرقم 515/1996 وتعديل قانون النقد والتسليف، ولا يحق لأي مدرسة فرض أي زيادة قبل التواصل مع لجنة الأهل». وكشف «أننا سنعتمد هذا العام برنامجاً إلكترونياً ترسل إليه المدارس موازناتها إلى جانب النسخة الورقية، ومن شأن ذلك أن يفضح أرقام الموازنات المبالغ فيها». وفيما تعهد الأشقر بأن الوزارة ستذهب إلى النهاية في ملف الموازنات وستستخدم كل صلاحياتها المنصوص عليها في المادة 13 من القانون 515، شدد على أن مرسوم المجالس التحكيمية في ثماني مناطق تربوية وضع على نار حامية، وليس هناك أيّ مانع من إصداره الذي نتوقّعه قريباً.
المحامية ملاك حمية قالت: قالت إن وزارة التربية لا يجب أن تنتظر إعداد الموازنات كي تتدخل، وهي لا تحتاج إلى شكوى من أصحاب العلاقة أي الأهل أو لجان الأهل، لأنها أمام مصلحة عامة وليست قضية خاصة في مدرسة من المدارس، وبالتالي يجب عليها أن تتحرك حكماً انطلاقاً من مبدأ عدم مخالفة الانتظام العام، فتصدر تعميماً أو قراراً يمنع هذه الإجراءات، على غرار التعميم 23 بتاريخ 1/7/2020 الذي أصدره الوزير السابق طارق المجذوب والذي لا يزال ساري المفعول، ويحظر فيه على المدارس الخاصة تحديد القسط بغير الليرة اللبنانية، وعدم إلزام التلامذة بشراء الكتب واللوازم من المدرسة أو منعهم من استخدام الكتب المستعملة التي ما زالت صالحة للاستعمال.