أعلن رئيس المجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي شارل عربيد، عقب اجتماع عمل تشاركي دعا اليه مع اتحاد نقابات المهن الحرة في المجلس، اننا “لا نعلم بأيّ أتجاه ستذهب الأمور فيما خص ودائع الناس في المصارف اللبنانية”. وأشار نقيب المحامين ناضر كسبار عما أسماه “استلشاق” المسؤولين بتعب الناس وجنى عمرهم وتقاعدهم!.
بالحقيقة هذا هو الواقع المرير، لأن الناس لم تسمع سوى تحليلات ومواقف متضاربة من هنا وهناك، لكن ما هو موقف جمعية المصارف؟ خصوصا ان البنوك هي الجهة الاولى المسؤولة التي وثقت بها الناس واستودعتها أموالها، وحتى اليوم لمّا تزل الأمور ملتبسة! فما هي خطتها وكيف ستعيد أموال اللبنانيين الّتي تنهشها بعض البنوك باختراع رسوم ونفقات شهريّة خياليّة على المودع الّذي “لا ناقة له ولا جمل” باسترداد أمواله الّـتي تتآكل بفعل الضرائب والرسوم الضخمة؟!.
لكن في البداية ماذا عن أجواء اجتماع نقابات المهن الحرة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وكيف ستتابع؟.
يقول مصدر مطّلع عبر “النشرة” أن الاجتماع كان جيدا، وهناك قرار بمتابعة الاجتماعات لتضم الهيئات الإقتصادية والاتحاد العمّالي العام، والنية لعقد لقاء مع جمعية المصارف لتعلن فيه موقفها بوضوح بعد اللغط الّذي حصل وتعليق العضوية من الجمعية. وكيف سترد أموال الناس.
في هذا السياق يرى عضو هيئة مكتب المجلس د. أنيس بو دياب أن ودائع الناس مرتبطة فعليا بخطّة التعافي، ولا يمكن القول انّها طارت، لأنّه اذا كان هناك نيّة فعليّة للحل فهناك إمكانيّات لإعادتها!.
اذن، مع بصيص الأمل بإيجاد مصادر تمويل رغم الظروف الدوليّة الصعبة فهي متاحة برأيه، لكن القرار الداخلي حتّى الساعة لا يزال ضائعًا “للأسف الشديد حثيث ان أصغر الخطوات البديهية التي يجب القيام بها وهي اقرار الموازنة يخضع للتأخير. وكأن لدينا ترف الوقت”.
ويشير بو دياب الى انه لا بد لأيّة خطة إقتصادية ان تتضمن ليس فقط تحديد الخسائر التي باتت واضحة، بل اعادة الودائع وايجاد فرص نمو للاقتصاد لعودة ايرادات فعلية وفوائض في الميزان الاوّلي، لنتمكن من رد أموال الناس. ويوضح أنّه في حال لم يحصل إعادة ثقة بالقطاع المصرفي وبالقطاعات الاقتصادية لن تأتي اإاستثمارات وحينها تصبح الودائع في خبر كان، لا سيّما ان الممتلكات والاصول الموجودة لدى المصارف أقل من حجم الودائع، وبالتالي يلزمنا استثمارات جديدة لا يمكن ان تأتي الا بالثّقة، واستعادتها كفيلة بالحل، لكن حتى اليوم لم نلمس هذه النّية لدى السياسيين، الذين يتجاذبون المحاصصة في تشكيل الحكومة، وفي حين نبحث عن آلية تحديد وكيفية توزيع الخسائر نهمل ايجاد الفرص الفعليّة للنمو الاقتصادي. ويلفت الى ان كل استحقاق دستوري يحتوي على فرصة ويجب ان نستغلها لإستعادة الثقة.
وفي السياق عينه تترى المستشارة القانونية لجمعية “أموالنا لنا” المحامية مايا جعارة عبر “النشرة” ان المعضلة تكمن في ان توزيع المسؤوليات كما وضعته الحكومة لا يتطابق وتوزيع الخسائر، إذ يعترفون بالمسؤولية من جهة، الا انهم يسعون لتحميل الخسارة الكبرى للمودع وهذا غير مقبول، ولم يعد لدينا ترف الوقت، فالمودع بحالة مأساوية. مدّخراته تذوب، واذا ما اضفنا اليها التضخم الحاصل عالمياً ومحليّاً نكون عملياً امام تبخرّ شبه كامل للودائع.
إن المطلوب فوراً بحسب جعارة ان يصار الاتفاق على السماح للمودعين بسحب اموالهم بقيمتها الحقيقية بعملة الايداع دون أيّ انتقاص، وذلك لغرض التعليم (الاقساط المدرسية والجامعية كونها اصبحت الجزء الاكبر منها بالدولار الاميركي النقدي) كما لغرض الاستشفاء (وذلك بغرض دفع قيمة التأمينات الصحّية) لان معظم الشعب اللبناني اصبح دون تغطية وهذا ينبئ بوقوع بكارثة صحيّة كبرى.
كذلك طالبت جعارة ان يصار الى تعديل التعميم 158 ورفع قيمة السحب بإحتساب مبلغ الـ400 د.أ الذي يُسحب بالليرة اللبنانية بحسب هذا التعميم أقلّه على سعر صيرفة او على سعر السوق السوداء ليتطابق التعميم مع اسبابه الموجبة ولينصف بعض الشيء المودعين…
واذا لم تقرّ هكذا خطط بحسب جعارة فلن يبقى للمودعين ونقابات المهن الحرة الا إقامة الدعاوى والضغط بكل الاتّجاهات لإحقاق الحق ومواكبة القضاء على الأرض لدعمه في الحرب على الفساد والمفسدين.
اذا، وامام تخطّي المصارف لكافّة القوانين والبروتوكولات المصرفيّة، وامام اخطائهم الجسيمة من جهة وامام غياب الدولة ومصرف لبنان عن القيام بواجبهما من جهة اخرى، لم يبقَ للمودع سوى اللجوء الى القضاء لاقامة دعاوى والضغط بإتّجاه اقرار استقلاليّته، فالمودع صاحب حقّ ولا يموت حقّ وراءه مطالب…