انتشرت دراسة مؤخراً لتحديد سعر صرف الدولار، لم يعرف مصدرها، تقوم بقسمة كمية الليرات في التداول، أي حوالي 54 تريليون ليرة، على كمية الدولارات في السوق التي قاموا بتقديرها بـ1.8 مليار دولار فتكون نتيجتها أن سعر الصرف يجب أن يكون حوالي 30000 ليرة. هذه الدراسة ليست صحيحة. إذ إن السوق هي من يحدّد سعر الصرف. وهو عبارة عن توازن العرض والطلب عند سعر صرف معيّن وبالطبع نتيجة توازن ميزان المدفوعات الذي هو باختصار كمية الدولارات التي تدخل وتخرج من بلد. هذا إذا لم يكن هناك تلاعب في سعر الصرف.
في الماضي القريب، كان رياض سلامة حاكماً لمصرف لبنان، وكان يطبع كميات مهولة من الليرة يغرق بها السوق لشراء الدولار ليتلاعب بسعر الصرف، وينتج عن هذا انهيار بسعر الصرف يدفع ثمنه الشعب بأكمله من خلال انعدام القدرة الشرائية لمعظم المواطنين. وقد قام قبل رحيله ببضعة أشهر بشراء الليرة من جديد مغرقاً السوق بالدولارات فنزل سعر الصرف من 140000 إلى 90000. رافقته وزارة المال بدولرة كلّ الضرائب والرسوم كما رافقته وزارة الاقتصاد بدولرة كلّ القطاعات!
اليوم الاقتصاد مدولر ولم يعد يهم ما هو سعر صرف الليرة، إذ إن الليرة تبهدلت لمرحلة لم يعد يحملها أحد في جيبه كون أكبر فئة من العملة وهي 100000 تساوي تقريباً دولاراً واحداً. ولم يعد أحد بحاجة إليها إلا لتسديد الضرائب والرسوم. وكان يوجد حديث جدي بإلغائها في مرحلة ما. ولكن بالطبع لا يستطيعون فعل ذلك لسبب كبير وهو أنه يوجد ودائع بقيمة 90 مليار دولار لا يوجد مقابلها سوى 9 مليارات دولارات حقيقية في النظام المصرف بأكمله بين مصرف لبنان والمصارف، والذهب الذي يساوي 18 مليار دولار فيصبح المجموع 27 مليار دولار. وبالتالي من دون توزيع الخسائر ولتحديد سعر صرف الليرة يجب تحويل 90 مليار «لولار» ودائع إلى ليرة على سعر صرف 15000 وقسمتها على 27 مليار دولارات حقيقية في النظام، فيكون سعر الصرف حوالي 50000 ليرة. أما اليوم فلماذا لا ينخفض سعر الصرف إلى هذا المستوى؟ ذلك كونه يوجد قرار سياسي بإبقائه عند مستوى 90 ألفاً. وذلك لكي نعرف أن في لبنان عصابة صغيرة من السياسيين تقوم بالتحكم بسعر الصرف، ولو كان ذلك على حساب تحلّل القطاع العام وضرب القدرة الشرائية للقوى المسلحة والجيش وكل مواطن ما زال يقبض راتبه بالليرة.