ترك الحكم الصادر عن محكمة ابتدائية في قطر، تردّداته في الأوساط اللبنانية. فبين المتّهمين في القضية ثلاثة لبنانيين ملاحقين بقضية «غسل أموال»، اثنان منهم على علاقة وثيقة بمبنى CITY DEVELOPMENT القائم على العقار 1526 في الباشورة.
وللذين خانتهم الذاكرة، مبنى CITY DEVELOPMENT في الباشورة هو المبنى الذي لم تطوَ حتى الآن صفحة فضائح استئجار البلوكين BوC منه، ومن ثم عملية شرائهما بموجب صفقات أجرتها وزارة الاتصالات لمصلحة شركة MIC2 أو «تاتش». وقد أظهر ديوان المحاسبة هذه الفضائح في تقرير مفصّل أصدره في نيسان الماضي، فتح الباب على ملاحقات مالية وجزائية للمتورّطين فيها، ومن بينهم المساهمون في ملكية CITY DEVELOPMENT.
من بين الأسماء الواردة في الوثيقة القضائية في قطر اسم نبيل كرم وهو شريك بملكية شركة CITY DEVELOPMENT، الى جانب ورود اسم ابن شقيقه وشريكه في المبنى فرنسوا سمير كرم، علماً أنّ اسم نبيل كرم ذُكر في تقرير ديوان المحاسبة، كمالك أيضاً لمعظم أسهم شركة BC1526، وهي إحدى شركتين «وهميتين» تأسّستا قبل شهرين فقط من إبرام صفقة استئجار البلوكين B وC من مبنى CITY DEVELOPMENT، الى جانب شركة AC REALITY التي تنازل المساهم الأبرز فيها حسن عياش عن حصته الكبرى من أسهمها بعد شهر من إتمام صفقة استئجار وزارة الاتصالات المبنى، لمصلحة شقيق ثالث لآل كرم مساهم في شركة «سيتي ديفلوبمنت»، وذلك بالتزامن مع بيع المأجور من الدولة.
وأورد تقرير ديوان المحاسبة تفاصيل هذه العمليات، وتحدّث عما رافقها من «شبهات حول تحقيق منافع غير مشروعة لقاء مساهمة محتملة لبعض الأشخاص في إبرام صفقة الإيجار، وحول إجراء هندسات قانونية من أجل إخفاء منافع غير مشروعة». وقد استند الديوان في إبراز هذه التفاصيل إلى دعوى جزائية مرفوعة منذ عام 2019 أمام النيابة العامة المالية، ومن ثم أمام قاضي التحقيق الأول، وما زالت قيد متابعة حتى الآن، علماً أنه من خلال هذه الدعوى يقاضي رئيس مجلس إدارة «تاتش» سابقاً وسيم منصور، كلاً من وزيري الاتصالات السابقين جمال الجرّاح ومحمد شقير، ومدّعى عليهم آخرين، بجرائم «صرف نفوذ وتبييض أموال وإساءة استخدام السلطة والإهمال الوظيفي. ومن بين المدّعى عليهم أيضاً سمير كرم بصفته رئيس مجلس إدارة CITY DEVELOPMENT وأحد المساهمين فيها.
ما يعني الرأي العام اللبناني من خلال الإضاءة على هذه القواسم المشتركة، أنّ الواردة أسماؤهم في الحكم الصادر عن محكمة البداية القطرية، هم أيضاً شركاء لمنظومة من وزراء الاتصالات الذين تعاقبوا على إتمام صفقتي استئجار، ومن ثم شراء البلوكين BوC من المبنى الذي يملكه آل كرم، وما رافقهما من شبهات بهدر المال العام، معزّزة بالمستندات.
جمال الجرّاح ومحمد شقير وطلال الحواط وجوني القرم، هم الوزراء الذين حدّد ديوان المحاسبة في تقريره المذكور، مسؤولياتهم وحجمها بالنسبة الى الارتكابات التي أحاطت الصفقات المعقودة حول مبنى الباشورة الذي يملكه آل كرم، على أن تصدر القرارات الاتهامية في حق هؤلاء وغيرهم عند استكمال النظر في الدفوعات التي قدّمها كل منهم لدى الغرفة الناظرة في هذه الملفّات. إلّا أنه في ظل الحكم الصادر في قطر، وإمكان أن تعقبه عقوبات مالية بالحجز، رأى مصدر متابع أنّ ديوان المحاسبة يكون أيضاً قد جنّب الدولة وخزينتها الخسارة الكلية للأموال العامة التي بدّدت في الصفقات المعقودة حول مبنى «تاتش» في الباشورة. وهو حقّق ذلك بمبادرته إلى وضع إشارة عقد بيع لمصلحة شركة «تاتش» أو MIC2 على عقار المبنى المذكور، بهدف منع التصرّف به وحمايته، وذلك قبل تدارك التقصير من قبل وزارة الاتصالات في استكمال عملية تسديد الأقساط المستحقة من السعر المحدّد لشراء المبنى، والذي لا يزال قيد تثبت ومتابعة من قبل الجهات الرقابية المختصة.