مجلس النواب وصندوق النقد… حوار الطرشان!

يزداد مشهد التفاوض الحاصل بين لبنان وصندوق النقد الدولي تعقيداً، مع دخول البلاد في فترة الفراغ الرئاسي والحكومي، والإنتظار على قارعة التسويات الاقليمية والدولية، إلى حين يأتي دور لبنان في ترتيب أوضاعه الداخلية والاقليمية. في هذه الفترة سترتفع وتيرة النقاشات الداخلية، حول صلاحية حكومة تصريف الأعمال في توقيع الاتفاق، وستُستعمل كوسيلة للصراع السياسي، المتفاقم بين أكثر من حزب وتكتل. علماً أنه قبل الفراغ، لم تكن درب التفاوض مزروعة بالورود، بل بمماطلة هذه القوى على مدى 3 سنوات، قبل القبول بإقرارهم قوانين «مفخخة»، وخالية من المضمون الاصلاحي الحقيقي. والمثال الأبرز هو قانون السرية المصرفية وموازنة 2022. لكن المؤشر الأهم الى أن درب توقيع لبنان، مع الصندوق النقد قد يصبح سالكاً وآمنا، هو إقرار قانون إعادة هيكلة المصارف وما يشمله بشكل مباشر أو غير مباشر من مبادئ خاصة بتوزيع الخسائر. مشروع القانون هذا الجاري تحضيره حكومياً لتحويله إلى مجلس النواب حالياً يشكل مدار تباين حقيقي بين القوى السياسية من جهة، وبين قسم منها وجمعية المصارف من جهة ثانية، وبين كل هذه القوى ووفد صندوق النقد من جهة ثالثة. بناءً على هذا المشهد، يصبح السؤال مشروعا عن فرص لبنان، بالتوصل إلى إتفاق مع الصندوق، بعد الهدر في الوقت بالأشهر والسنوات، وانعكاس ذلك سلباً على المودعين والوضع الاقتصادي ككل. وفي ظل الشك بقدرة المجلس النيابي الحالي على تحقيق الإصلاحات، في ظل تجنب الأطراف المتنافسة تحمل أعباء «الإصلاحات البنيوية من جهة»، و»البرامج التقشفية» من جهة أخرى، في ظل فكر سائد، ينظر إلى الدولة كـخزنة للمغانم، أو كما اشتهرت بـ»البقرة الحلوب».

لكن في ظل هذه المعطيات «المُحبطة»، يحرص الفريق اللبناني المفاوض برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي على إشاعة أجواء من التفاؤل بأن الاتفاق ممكن، وإن كان يسير ببطء. وأن «حكومة تصريف الأعمال يمكنها التواصل، مع مجلس صندوق النقد بعد إنجاز الإصلاحات، حتى إذا لم يُنتخب رئيس للجمهورية أو تُشكَّل حكومة». ولفت الشامي النظر إلى أن «الاتفاق المبدئي مع الصندوق لا يزال صالحاً. ولكن إذا طال الوقت يمكن أن نعيد النظر ببنود الاتفاق، مع التأكيد أن العناصر الأساسية فيه لن تتغيّر».

من المفيد التذكير أن القوانين الاصلاحية الاربعة، المطلوبة من صندوق النقد، هي تعديل قانون السرية المصرفية والموازنة العامة (تمّ إقرارهما)، والباقي هو قوانين الكابيتال كونترول (التحكم برؤوس الأموال تحويلاً وسحباً)، وإعادة هيكلة المصارف، بالاضافة إلى مجموعة من إجراءات لا بد منها مثل توحيد سعر الصرف، والانتهاء من تقييم موجودات مصرف لبنان للتأكد من أنها تتطابق مع القيم المعلنة. وبحسب الخبراء الاقتصاديين، «في حال فشل الإتفاق لا يعود أمام لبنان إلا التوجه إلى البنك الدولي والدول والمنظمات المانحة لا سيما انسانياً، والمفاوضة على برامج الدول الأكثر فقراً، والتي تهدف إلى البقاء على قيد الحياة ومنع موت المجتمع، وليس بدء مسار النمو والاستقرار المالي والاقتصادي».

الجولة على آراء الكتل النيابية، حول حظوظ لبنان للتوصل لإتفاق مع صندوق النقد، والمسافة المتبقية قبل بلوغ خط النهاية، تُظهر أن أيا من الكتل لا يجرؤ على التفاؤل أو الجزم بقرب التوقيع، ولكنهم يسلمون بضرورة حصول الاتفاق ويستبعدون فشله، لأنه ليس أمام لبنان حل آخر، ولذلك يجب تجاوز العوائق التي لا تزال أساسية مثل إعادة هيكلة المصارف.

كرم: المنظومة تبحث عن مصالحها في الإتفاق… وليس إنقاذ الاقتصاد

يعتبر عضو كتلة الجمهورية القوية النائب فادي كرم «أن التوقيع مع الصندوق أمر ضروري جداً»، ويشرح لـ»نداء الوطن» أن»المعطيات التي تبحثها المنظومة الحاكمة في المفاوضات هي لتأمين مصالحها، وليس لاستخدام دعم صندوق النقد الدولي لإعادة الإقتصاد الى الطريق الصحيح وإنقاذ الوضع المالي». مشدداً على أنه «من هذا المنطلق، نحن نناقش بدقة ككتلة مع المنظومة كي لا يتحول دعم الصندوق للبنان مجرد هدر وليس لإنقاذ الوضع الإقتصادي». يضيف:»نحن في مسار دراسة البنود والشروط، للتأكد من أنها تصب في مصلحة لبنان. وهذه هي مهمة الاطراف السياسية لمراقبة المنظومة الحاكمة، ومدى تطبيقها للإصلاحات، عندها نكون في الطريق الصحيح لتوقيع الاتفاق». ويختم: «بالنسبة لي ليس المهم توقيع الاتفاق بل على ماذا نوقع. والمعيار الاساسي: هل سنعدل ونضع خطة شاملة لإعادة إنقاذ الوضع الاقتصادي والمالي؟ عندها نكون وصلنا إلى إتفاق جيد مع صندوق النقد. أما إذا لم ننجح في وضع خطة متكاملة لصالح الاقتصاد والشعب اللبناني هنا يكون التوقيع سيئاً حتى ولو حصل».

علامة: كل المشكلة تكمن في من سيتحمّل الخسائر وبأي نسب؟

يصف عضو كتلة التنمية والتحرير النائب فادي علامة التفاوض مع صندوق النقد بأنه «ليس سهلاً»، ويقول لـ»نداء الوطن»: «بحسب ما يردنا من معلومات نحن نقترب من صيغة حل معين، وأساس المشكلة هو من سيتحمل الخسائر وبأي نسب. وعلينا أن ننتظر لنرى إذا كان صندوق النقد لديه حلول أخرى حول توزيع الخسائر»، مشيراً إلى أن «هناك من يريد تحميلها إلى طرف واحد، أي المصارف والمودعين، وهذا الامر غير ممكن لأنه ليس هناك إتفاق بين القوى السياسية على هذا الأمر. وككتلة تنمية وتحرير نحن حريصون على أموال المودعين، مهما كان حجمهم وليس فقط المودعين الصغار». ويرى أنه «يجب التفريق بين مودعين إستثمروا في المصارف، بالرغم من معرفتهم بالمخاطر العالية لجني الارباح، ومودعين وثقوا بالمصارف ووضعوا جنى أعمارهم فيها، وليس ذنبهم أن ودائعهم كبيرة». ويختم: «هناك خطوات ثابتة تمت ولكن لا شيء محسوم، والامور عالقة عند قانون هيكلة المصارف، وتوزيع الخسائر على المودعين».

البزري: لا بد من الصندوق… ولن يغنينا عن ذلك انتظار الغاز

يعبر النائب عبد الرحمن البزري لـ»نداء الوطن» عن «قناعته بأن لبنان ذاهب نحو توقيع الاتفاق مع صندوق النقد والتأخير لن يفيد، وليس صحيحاً ان أي مردود للنفط والغاز سيغنينا عن التوقيع مع الصندوق»، معتبراً أن» قيمة الاتفاق هو فتح الباب لعودة الفرص والاستثمارات، والمساعدات التي تنتظر الاتفاق للتحرك نحو لبنان» .

يضيف: «الاتفاق مرتبط بإلإصلاحات وبالقرارات التي أقرها مجلس النواب، ولكن هناك إصلاحات أخرى لها علاقة بالنظام المصرفي، والسرية المصرفية والتي يبدو أن هناك تردداً كبيراً بشأنهما لدى المسؤولين الممسكين في هذا الملف». ويختم: «قناعتي أنه كان من المفروض أن نكون في مرحلة متقدمة أكثر، ولكن عوامل الوضع السياسي والشغور الرئاسي والحكومي ساهمت في التأخير. ومع تفاؤلنا، لم نجتز اكثر من منتصف الطريق».

عبدالله: سنواجه صعوبات في هيكلة المصارف والكابيتال كونترول

يصف عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبد الله « قرار توزيع الخسائر بين الدولة ومصرف لبنان والمصارف، بأنه قرار سيادي ولا علاقة لصندوق النقد فيه». شارحا لـ»نداء الوطن أن « المشكلة هي أن كلاً من الدولة والمصارف يريد تحميلها للمودعين، ولهذا لم تمر هذه القوانين في مجلس النواب. وبحسب معلوماتي، فإن المجلس لن يقبل، إلا بتوزيع عادل للخسائر، وبحفظ أموال المودعين».

يضيف:»الخطوة الاولى نحو الاتفاق مع الصندوق تمت عبر التوقيع على مستوى الموظفين، ويبقى أن نستكمل هذا المسار ولبنان له مصلحة في ذلك. ليس فقط بسبب قيمة المبلغ المرصود، بل أيضا ليعيد الثقة الدولية بلبنان ومؤسساته. وهذا لا يتم إلا عبر الاتفاق»، لافتا إلى أن «المفاوضات جارية والمطلوب إقرار قانون إعادة هيكلة المصارف، لكن العوائق لعدم التوصل إلى إتفاق تكمن في عجزنا عن إقرار الاصلاحات و تنفيذها، والاستعصاء السياسي الموجود والسلطة «العظيمة» التي نحن في رحابها خلال السنوات الماضية».

لا يستبعد عبد الله أن «يكون هناك قرار سياسي من قبل صندوق النقد بالتباطؤ في إنجاز الاتفاق، فهو ليس جمعية كاريتاس بل هو جزء من المؤسسات العالمية، ويمكن أن تدخل إليه الاعتبارات السياسية. وصحيح أننا مسؤولون عن التلكؤ في إجراء الاصلاحات منذ بداية الازمة، لكن هناك جزءاً مسؤولاً عنه صندوق النقد، ربما بانتظار تغير سلطة او بروز معطيات سياسية جديدة».

ويختم: «لا أعرف كم قطعنا من الشوط، لكن قانون إعادة هيكلة المصارف ليس سهلاً إنجازه في لبنان، وايضاً قانون الكابيتال الكونترول».

حاصباني: حظوظ نجاح تطبيق الإتفاق مع الصندوق أقلّ من 50%

يشرح عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب غسان حاصباني لـ»نداء الوطن»، أنه «لم يعد معروفاً ما هو الهدف من توقيع الاتفاق بين لبنان وصندوق النقد، علما أنه أمر إيجابي وأساسي في مسار الخروج من الازمة. لكن هذه الخطوة ليست الحل لوحدها بل هي جزء منه. هي ستزيد عامل الثقة بأن مالية الدولة اللبنانية ستصبح تحت مراقبة وانتظام عمل»، لافتا إلى أن «ما نراه يضرب بعرض الحائط مفاعيل أي تفاهم مع الصندوق، لأن مضامين العمل الذي تقوم به الحكومة حتى اليوم، إن كان من ناحية التشريعات المطلوبة، أو من ناحية عدم وجود أي خطوة إصلاحية في القطاع العام، تزيد من الخسائر».

ويوضح أن «الحل الذي يمكن أن يأتي عبر صندوق النقد، أي إحداث توازن في المالية العامة وتعزيز ماليتها، يقابله هدر لا يزال مستمراً في مداخيلها من خلال التهرب الجمركي وتفلّت الحدود. وهذا يعني أنه على أرض الواقع لن يُحدث الاتفاق التوازن المطلوب أو يشكل سداً حقيقياً للعجز في خزينة الدولة». يضيف: «ما يحصل هو إالتفاف واحتيال على المقاربة، التي يضعها الصندوق كشرط لتوقيع الاتفاق، وتتم الامور بطريقة شكلية وليس فعلية من قبل الحكومة. لكن حظوظ الاتفاق لا تزال قائمة بفعل القوانين التي يتم إقرارها في مجلس النواب، وهناك أوراق عمل بين الحكومة والصندوق قد توصل إلى تفاهم ورقي»، مشيراً في المقابل إلى أن «الصندوق لن يمنح لبنان الاموال مباشرة، بل بعد تطبيق المعايير المطلوبة تدريجياً، وإذا لم تُطبق لن يستفيد لبنان وسيتحول الاتفاق إلى حبر على ورق». ويشدد حاصباني على أن «ما يهمنا هو مفاعيل الاتفاق على الارض. والى اليوم لدينا الموازنة التي كانت أرقامها وهمية وغير قابلة للتطبيق، ورفع السرية المصرفية الذي إذا لم يُستخدم لأهدافه يكون مصيره النسيان. كما ان قانون الكابيتتال كونترول يتضمن بنوداً تنسف الهدف منه ويحتاج الى تنقيح». ولفت إلى «قانون لم يرد بعد إلى مجلس النواب من الحكومة وهو هيكلة المصارف، كما هناك عدة نسخ لخطة الحكومة للتعافي وهي غير مفصلة. لذلك لسنا امام سلة متكاملة تشريعية وإصلاحية من قبل الحكومة، ما يعني أن حظوظ التوقيع مع الصندوق تتضاءل، وحتى لو حصل التوقيع حظوظ نجاح تطبيق الاتفاق ضئيلة إذا استمر هذا النهج». ويختم: «الى اليوم 50% لدينا حظ بتوقيع الاتفاق، وهناك حظوظ أقل من 50% بالنجاح، لأنه ليس هناك إصلاحات قائمة في القطاع العام، لأن مقاربة الحكومة في خطتها مرتبطة بالقطاع المصرفي والمالية العامة، التي ترجعنا إلى العام 2020، ولكنها لا تحل المشكلة الاساسية التي سببت الانهيار».

حنكش: نراوح مكاننا ولا تقدم… لا بل يفرغون الإصلاحات من مضمونها

على ضفة كتلة «الكتائب النيابية» يشرح النائب إلياس حنكش لـ»نداء الوطن» أن «أي جهة دولية تعتزم توقيع اتفاق مع لبنان، تريد إظهار جدية منه لتطبيق الاصلاحات المطلوبة. في عيون المجتمع الدولي، ومسؤولي صندوق النقد، لبنان في تخبط مستمر وهرطقة دستورية وإقتصادية»، لافتاً إلى «الموازنة التي أقرت، والاصلاحات المطلوبة مثل السرية المصرفية، والتي تم التعاطي معها بشكل منفرد، وتفريغها من مضمونها الإصلاحي. وهذا يعني أن لا جدية في الاداء».

ويشدد على أن «الاتفاق ضروري ليس فقط للحصول على الدعم المادي، بل أيضا لاستعادة الثقة الدولية. وطالما أنه ليس هناك حوكمة حقيقية أو رؤية واضحة، وتصرف واضح من قبل المسؤولين اللبنانيين عن هذا الملف، واستمرار محاولات الغش والالتفاف على الاصلاحات، فلن يحظى لبنان بالاهتمام والدعم من الصندوق ولن تمر محاولات الالتفاف عليه».

ويختم: «نحن لا نزال مكاننا ولا تقدم، لأن الاصلاحات هي سلة واحدة، وليست خطوات منفردة بل يجب أن تأتي ضمن خطة تعافٍ متكاملة».

فياض: مسار الاصلاحات شائك ومرتبك… والتقدم بطيء وربما متعثر

من جهة كتلة الوفاء للمقاومة، يرى عضو الكتلة النائب علي فياض لـ»نداء الوطن» أن «مسار إقرار القوانين الاصلاحية والمرتبطة بخطة التعافي، هو مسار مرتبك ومتباطئ ، ولا يتم التعاطي معه بطريقة طارئة تتماشى مع وقوع أزمة مالية – إقتصادية (بهذا الحجم)»، معتبرا أن «المطلوب التعجيل في إقرار هذه القوانين، والامثلة هي قانون السرية المصرفية، التي مضى على طرح نسخته الاولى نحو سنتين حتى تم إقراره مؤخراً، وقانون الكابيتال كونترول الذي كان يجب إقراره منذ ثلاث سنوات». يضيف: «حزب الله هو الطرف الوحيد الذي أعلن، أنه يجب إقرار الكابيتال كونترول بعد خضوعه لتعديلات جذرية، ولا يجوز تأجيله تحت أي مسمى. بينما هناك كتل أساسية في البرلمان تدفع في اتجاه عدم إقرار هذه القوانين. وتم إقرار الموازنة التي تعرضت أيضاً لضغوط لعدم إقرارها، وكذلك قانون السرية المصرفية». مشيرا إلى أنه «لا يزال أمامنا الكابيتال كونترول، وإعادة هيكلة المصارف وتوزيع الخسائر وهو الاهم. وهذ الأخير تّم فصله إلى قانونين، أحدهما تمت تسميته مشروع قانون إستعادة التوازن المالي، ولم تتم إحالته بعد إلى مجلس النواب، وهو محاولة لمعالجة الفجوة المالية وإعادة الودائع، وهناك مشروع قانون إعادة هيكلة المصارف، الذي يحدد كيفية التعاطي معها وتحديد الملاءة وشروط الاستمرارية».

يصف فياض «مسار إقرار القوانين الاصلاحية بالشائك، علما أنه في خطة التعافي كان أعلن أنه في شهر أيلول (الماضي)، يكون تم الإنتهاء من التدقيق بوضعية كل مصرف على حدة، وفي آخر تشرين الثاني يكون تم إنجاز هيكلة المصارف»، معتبراً أن «هذا يُظهر أن المسار متباطئ إن لم يكن متعثراً. وهناك توزع في المسؤولية بين الحكومة، وبين كتل موجودة في البرلمان مهمتها إعاقة هذه القوانين، بدل الاسراع في إقرارها في ظل الازمة، كونها مرتبطة بخطة التعافي. علماً أننا ككتلة لدينا ملاحظاتنا على الخطة وعلى القوانين المطروحة، وحريصون على إدخال تعديلات جذرية، تأخذ بعين الإعتبار حقوق المودعين ومكافحة الفساد، وتحقيق أعلى درجات الشفافية في قواعد الحوكمة». ويختم: «هناك كتل لا تريد مناقشة الكابيتال كونترول من دون ربطه بخطة التعافي، ونحن نقول إنه من الافضل التلازم بين الاثنين لكن ذلك ليس شرطاً نهائياً لان خطة التعافي هي شأن الحكومة. والخلاصة أن مسار التفاوض متباطئ إن لم نقل متعثراً، ولم ننجز أكثر من 40% حتى نصل إلى توقيع الاتفاق مع الصندوق».

عطية: مافيا لا تريد الكابيتال كونترول… ولا رفع السرية المصرفية

يوضح عضو كتلة الاعتدال الوطني سجيع عطية لـ»نداء الوطن أن «لبنان لديه حظوظ بتوقيع الاتفاق مع صندوق النقد إذا طبقنا الاصلاحات، عندها يصبح الصندوق جاهزاً لمساعدتنا، في منحنا قرضاً على 3 سنوات وفي استجرار الغاز لتوليد الكهرباء من الاردن ومصر»، معتبراً «أننا استغرقنا وقتا طويلاً لإقرار هذه القوانين بسبب الخلاف السياسي بين الكتل النيابية. كما أن هناك مافيا كبيرة قد لا يكون لها مصلحة في إقرار تطبيق الكابيتال كونترول والسرية المصرفية، ولهذا افتعلت جدلاً سياسياً أدى إلى تأخر مجلس النواب في إقرار هذه القوانين».

ويختم: «نتمنى الاتفاق على صيغة لإقرار القوانين الاصلاحية، كي نتمكن من التقدم تباعاً في توقيع الاتفاق، لأننا لا نزال في منتصف الطريق ولم نقطع سوى 50% من الطريق التي توصلنا إلى توقيع الاتفاق».

عون: المشكلة الأصعب في توجه الصندوق لتحميل الخسائر للمودعين والمصارف

يشرح عضو تكتل لبنان القوي ، النائب آلان عون لـ»نداء الوطن» أن «لبنان لا يزال في منتصف طريق التفاوض مع صندوق النقد، ويملك الفرصة للتوصل للإتفاق، لكنه يخطو خطوات بطيئة وغير حاسمة. وإلى الآن لم يتجاوز لبنان الـ50 % من مسار التفاوض». لافتاً إلى أن «هناك قناعة عند الجميع أنه لا خيار لنا إلا الاتفاق مع الصندوق. والمطلوب الوصول إلى حل معقول من خلال إقرار ما تبقى من قوانين من اجل إنجاز الاتفاق». يشدد عون على أن «توزيع الخسائر من أهم التحديات والملفات التي تؤخر إنجاز الاتفاق، وهو قانون دقيق جداً ويُشكل الاختبار الاصعب لمجلس النواب. والسؤال عن مدى قدرة الكتل النيابية على تجاوزه أم لا»، معتبراً أن «هذا الملف حساس جداً وصعب، وهناك امكانية للإتفاق حوله، لكننا نحتاج إلى مفاوضات قاسية مع صندوق النقد، لأن مقاربته في هذا البند جذرية جداً، ولا يريد تحميل الدولة أي خسائر، وهذا يعني ان هذه الخسائر سيتحملها المودعون». ويختم: «هناك فجوة بـ70 مليار دولار يجب أن يتم توزيعها، لكن صندوق النقد يريد تحميلها للمودعين والمصارف وتحييد الدولة. وهنا على الكتل النيابية مقاربة هذه النقطة بشكل عادل، كي لا تكون الخسارة كبيرة على المودع».

ضو: 3 عوائق… اللوبي المصرفي وصراع المصالح وتموضع لبنان

في المقابل يرى عضو تكتل النواب التغييريين مارك ضو أن «الحظوظ جدية جداً لتوقيع اتفاق بين لبنان وصندوق النقد، لأن لا طريقة لحل الازمة اللبنانية غير التوقيع معه، والا نكون نحكم على لبنان بالاعدام الاقتصادي للجيل القادم». شارحا أن «هناك 3 عوائق حالت إلى الآن دون التوصل إلى اتفاق، الأولى هي لوبي القطاع المصرفي، الموزع بين حاكمية مصرف لبنان والمصارف الذي عطل بشكل كبير جداً القوانين والاجراءات الاساسية للخروج من الازمة. واهمها إعادة هيكلة القطاع المصرفي، الذي لم يقدم حتى الآن بصيغته النهائية، بالرغم من مرور 3 سنوات على الازمة». ويلفت إلى أن «هذا اللوبي أجهض إقتراح حل الازمة في خطة لازار ايام حكومة الرئيس حسان دياب، وأعاق إقرار الكابيتال كونترول، وأسقط 3 محاولات لإقرار قانون رفع السرية المصرفية. وهذا يعني أن هناك مصالح للقطاع المصرفي تحاول جاهدة ضرب اي حل إقتصادي يحمله المسؤولية». يضيف: «العائق الثاني متمثل بمصالح الطبقة السياسية مباشرة، وله علاقة بالصراع السياسي الحاصل في البلد، وبمن يتحكم بموارد الدولة ومؤسساتها، ويتحكم بالخسائر، وهناك أيضاً ما يتعلق بإصلاحات قطاع الكهرباء. أي الصراع السياسي على الحصص داخل الدولة والسيطرة على مراكز القرار»، لافتاً إلى أن «العائق الثالث هو التموضع السياسي للبنان، لأن أي خطة لصندوق النقد، بحاجة إلى علاقات دولية قوية، وخاصة مع الدول العربية والغربية، كونها الممول الوحيد لإي خطة إنقاذ والاتفاق مع صندوق النقد. فالاتفاق لا ينص فقط على تمويل الصندوق، بل ينص أيضاً على تمويل إضافي يأتي من جهات مانحة للبنان». ويختم:»نحن ملزمون حكماً بتوقيع الاتفاق، مهما حاولنا المماطلة وبنسبة مئة بالمئة، لأنه لا يمكن الإستمرار من دون مداخيل وموارد».

 

مصدرنداء الوطن - باسمة عطوي
المادة السابقةلعنة النفط والغاز في لبنان… مثل غانا والموزمبيق!؟
المقالة القادمةحماية صغار المودعين فقط خشبة خلاص للمصارف؟