مجموعة السبع في معركة لتقليل اعتمادها على الصين

تسود قناعة بين المحللين بأن الصين ستكون هي “الفيل في القاعة” خلال اجتماعات قادة مالية مجموعة السبع (جي 7)، الذين سيسعون لتنويع سلاسل التوريد بعيدا عن ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

لكن العامل الأهم الذي ركزت عليه ثلة من الخبراء قبل هذه القمة، التي تأتي في وقت يمر فيه العالم بأجواء مضطربة تمتزج بين اقتصاد عالمي كئيب وتوترات جيوسياسية متنامية، هو أن المجموعة ستحاول أيضا الحصول على تعاون بكين في حل مشاكل الديون العالمية.

وتأتي الأهداف المتضاربة على رأس نقاط الضعف التي تواجهها بلدان مجموعة السبع، التي تضم إلى جانب الولايات المتحدة واليابان كلا من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وكندا، بسبب اعتمادها الشديد على الصين، ثاني أكبر حائز خارجي للديون الأميركية.

وكانت الصين أكبر مستثمر في سندات الخزانة الأميركية على مدى سنوات، إلا أن اليابان تفوقت عليها اعتبارا من يونيو 2019، بعد أن عصفت حرب تجارية بالعلاقات الاقتصادية بين واشنطن وبكين.

ووفق بيانات الخزانة الأميركية الشهر الماضي، تبلغ حيازة الصين في تلك السندات نحو 848.8 مليار دولار، مقابل أكثر من تريليون دولار لليابان.

ويُلقي تزايد مخاطر التخلف عن سداد ديون الولايات المتحدة، والذي قد يزعج الأسواق المالية المتوترة بالفعل بعد الإخفاقات الأخيرة للقطاع المصرفي، بظلاله على القمة التي تستمر ثلاثة أيام بداية من الخميس في مدينة نيغاتا اليابانية.

وبينما ستنضم وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين إلى محادثات القادة الماليين للمجموعة، أشار الرئيس الأميركي جو بايدن الثلاثاء الماضي إلى فرصة لإلغاء رحلته إلى هيروشيما لحضور قمة الأسبوع المقبل إذا لم يتم حل مشكلة الديون.

وقالت يلين الاثنين الماضي، في تحذير من الضرر الذي قد يلحقه التخلف عن السداد بالاقتصاد الأميركي والأسواق المالية، “يُنظر إلى الدولار وسندات الخزانة كأصل آمن أساسي في النظام المالي العالمي بأكمله”.

وأضافت أنه “موثوق به، وهو الأصل الآمن المطلق، والفشل في رفع سقف الديون وإضعاف التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من شأنهما أن يعرّضا ذلك للخطر. وهذا مصدر قلق حقيقي”.

وتمثل أزمة الديون الأميركية صداعا لليابان التي تتولى رئاسة جي 7 هذا العام، حيث تعد أكبر مشتر لديون الولايات المتحدة.

وقال مسؤولون يابانيون إن القضايا الرئيسية الأخرى التي ستتم مناقشتها تشمل طرق تعزيز النظام المالي العالمي وخطوات لمنع روسيا من التحايل على العقوبات بسبب غزوها لأوكرانيا والمخاطر الاقتصادية العالمية وأهمها التضخم.

وبصفتها الدولة المضيفة وضعت اليابان قائمة طويلة من المواضيع الأخرى، التي من المحتمل أن تترك لصانعي السياسات القليل من الوقت للاستمتاع بنبيذ الأرز الثمين، والعديد منها مرتبط بالصين.

ومن بينها خطة للاتفاق بين دول جي 7 على بيان طموح لتنويع سلاسل التوريد “بعيدا عن دول مثل الصين”، وذلك عبر شراكات مع دول منخفضة ومتوسطة الدخل.

وكانت مصادر قد ذكرت لبلومبرغ أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني أبلغت رئيس مجلس النواب الأميركي كيفين مكارثي أثناء اجتماع في روما الأسبوع الماضي أن بلادها تعتزم الانسحاب من اتفاق الاستثمار المثير للجدل مع الصين قبل نهاية 2023.

وانضمت إيطاليا إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية الضخمة في 2019، عندما كان جوزيبي كونتي رئيسا للوزراء، لتصبح الدولة الوحيدة من بين جي 7 التي تشارك في الاتفاق. وتتجدد الشراكة تلقائيا في عام 2024 إلا إذا انسحبت روما من الاتفاق.

وتأثرت إيطاليا، مثل معظم بلدان أوروبا، بالتوترات المتصاعدة بين واشنطن وبكين، والتي تفاقمت بسبب الدعم الصيني المستمر لروسيا.

وتأكيدا على رغبته في كسب “الجنوب العالمي” دعا وزير المالية الياباني شونيتشي سوزوكي رئيس الاتحاد الأفريقي هذا العام جزر القمر إلى اجتماع موسع سيعقد غدا الجمعة.

وتمت دعوة خمس دول أخرى، بما في ذلك البرازيل والهند، العضوان المؤسسات لتكتل بريكس، وإندونيسيا، ولكن ليس الصين، العضو الآخر المؤسس لبريكس، رغم أن مشاكل ديون الدول الناشئة ستحتل مكانة عالية على جدول الأعمال.

ومع ذلك تغازل طوكيو بكين للانضمام إلى اجتماع الدول الدائنة، الذي بدأته لتسوية ديون سريلانكا. وحضر الصينيون الجولة الأولى من المحادثات الثلاثاء الماضي كمراقب وليس كمشارك رسمي.

وتعليقا على ذلك قالت يلين الشهر الماضي “بصفتها (الصين) أكبر دائن ثنائي رسمي في العالم، فإنه عليها أن تشارك في إعفاء ذي مغزى من ديون البلدان التي تواجه مشاكل”، لكنها عملت لفترة طويلة على أنها “عقبة” أمام الإجراءات الضرورية.

وكان هناك عدم يقين بشأن ما إذا كانت جي 7 قادرة على إقناع الاقتصادات الناشئة بالمساعدة في بناء سلاسل توريد أقل اعتمادا على الصين، حيث تضرر الكثير منها بسبب الزيادات الشديدة في الفائدة الأميركية التي أدت إلى زيادة عبء ديونها المقومة بالدولار.

ونسبت رويترز إلى تاكاهيد كيوشي المحلل بمعهد نومورا للأبحاث قوله إن “مشاكل ديون الدول الناشئة أصبحت خطيرة بشكل متزايد بسبب الدولار القوي”.

وأضاف أن “أجندة المحادثات تظهر كيف أن المجموعة أصبحت ذات طبيعة سياسية بشكل متزايد، مع التركيز على مواجهة الصين”.

وبالنسبة إلى رؤساء البنوك المركزية في جي 7 يُرجح أن يظل التضخم هو القضية الرئيسية، إذ يكافح صناع القرار النقدي دون جدوى منذ أشهر في السيطرة على أسعار الاستهلاك، والتي تسببت في اضطرابات.

وتواجه الكثير من اقتصادات المجموعة نقطة انعطاف، فقد بدأت الزيادات الحادة السابقة في الفائدة بتهدئة نمو الناتج المحلي الإجمالي، وإثارة عدم استقرار النظام المصرفي.

وقلص صندوق النقد الدولي الشهر الماضي توقعاته للنمو العالمي لعام 2023 إلى 2.8 في المئة من تقديرات يناير الماضي البالغة 2.9 في المئة. وحذر من أن تصعيدا حادا لاضطراب النظام المالي قد يخفض الإنتاج إلى مستويات قريبة من الركود.

وأظهرت بيانات صادرة الثلاثاء الماضي أن واردات الصين تقلصت بشكل حاد وتباطأ نمو الصادرات في أبريل الماضي، ما أدى إلى تبديد آمال صانعي السياسة في أن حدوث انتعاش قوي في الاقتصاد الصيني سيعوض التباطؤ المتوقع في مناطق أخرى من العالم.

المادة السابقةزيادة الدولار الجمركي وتمديد عقوبات قيصر يهويان بالليرة السورية
المقالة القادمةارتفاع أسعار الذهب وسط مخاوف اقتصادية