مجموعة العشرين تضع خطة للتعافي الاقتصادي وتعليق الديون

أكثر 20 دولة صناعية في العالم تنازع للدفاع عن اقتصاداتها التي أصابتها إجراءات الحد من انتشار الفايروس في الصميم، وسط توقعات بتفاقم الركود الاقتصادي.

تواصل مجموعة العشرين بقيادة السعودية جهودها في وضع خطة للتعافي الاقتصادي لإخراج العالم من نفق الركود وتخفيف وطأة الديون على الدول الفقيرة في ظل استمرار ضغوط كورونا على مختلف مفاصل الاقتصاد.

 

أكد وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية في مجموعة العشرين الأربعاء خلال محادثات إلى ضرورة تحفيز مسار التعافي العالمي من الركود الناجم عن فايروس كورونا المستجدّ وتمديد إعفاء البلدان الفقيرة المتضررة.

وجاءت المحادثات عبر الفيديو التي تستضيفها السعودية، الرئيس الحالي لمجموعة العشرين، غداة تحذير صندوق النقد الدولي من أن الناتج المحلي الإجمالي العالمي سينكمش بنسبة 4.4 في المئة هذا العام وأنّ الضرر الذي يلحقه الوباء سيتواصل لسنوات.

وقاد المحادثات وزير المالية السعودي محمد الجدعان ومحافظ البنك المركزي أحمد الخليفي، في الوقت الذي يستمر فيه تفشّي الوباء في ضرب الاقتصاد العالمي، متسبّبا في بطالة على نطاق واسع.

وقال الجدعان في كلمته الافتتاحية “التعافي غير منتظم وغير مؤكد بدرجة كبيرة وتحكمه مخاطر تراجع متزايدة”. وأضاف “في الواقع، أدى الوباء إلى تعطيل النمو العالمي بشكل كبير وفاقم التحديات الهيكلية الموجودة، خاصة بالنسبة للبلدان منخفضة الدخل، لذلك يجب ألا نتقاعس”.

وذكر منظمو اجتماعات مجموعة العشرين في بيان أن الاجتماع ناقش “تطورات خطّة عمل مجموعة العشرين لدعم الاقتصاد العالمي خلال جائحة كوفيد – 19”.

وأضاف البيان أن المجموعة ناقشت أيضا “التقدّم المحرز في مبادرة تعليق خدمة الدين وتمديدها المقترح حتى عام 2021”.

وكانت الدول العشرون تعهّدت في أبريل بتعليق خدمة الديون لأفقر دول العالم حتى نهاية العام بينما تواجه هذه الدول انكماشا اقتصاديا حادّا.

 

ودعا البنك الدولي وناشطون إلى تمديد مبادرة تعليق الديون حتى نهاية عام 2021، بينما تقول المنظمات الخيرية مثل أوكسفام أن هناك حاجة إلى تمديدها حتى عام 2022.

لكنّ رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس حذّر الاثنين من أنّ دول مجموعة العشرين قد توافق فقط على تمديد تخفيف أعباء الديون لمدة ستّة أشهر لأنّه “ليس كل الدائنين يشاركون بشكل كامل” في مساعدة الدول الفقيرة على مواجهة الوباء.

وقال مالباس للصحافيين “أعتقد أنّه سيكون هناك حلّ وسط، ربما ستّة أشهر يمكن تجديدها بحسب القدرة على تحمّل الديون”.

والشهر الماضي أعلنت مجموعة العشرين أنّ مبادرة تعليق خدمة الديون تلقّت 46 طلبا من الدول المرشّحة لذلك في جميع أنحاء العالم، معظمها من أفريقيا.

لكن المبادرة غطت “نسبة ضئيلة هي 1.66 في المئة” من مدفوعات ديون الدول النامية هذا العام، وفقا للشبكة الأوروبية للديون والتنمية.

وقالت الشبكة في تقرير “من بين 46 دولة مستفيدة، كان هناك تأثير محدود للغاية بسبب فشل المقرضين من القطاع الخاص والمتعدد الأطراف في المشاركة”.

وتابعت “نتيجة لذلك، فإن 24 في المئة فقط من مدفوعات الديون التي كان من المقرر سدادها بين مايو وديسمبر 2020 من قبل البلدان المستفيدة هي في الواقع عرضة لتعليق محتمل للديون”.وتأتي المحادثات في الوقت الذي تستمر فيه الأزمة الصحية المتصاعدة في الإضرار بالاقتصاد العالمي متسببة ببطالة على نطاق واسع.

وقال صندوق النقد الدولي في أحدث تقرير له عن آفاق الاقتصاد العالمي الثلاثاء “إنّ الضخّ الضخم للمساعدات الحكومية منع الاقتصادات من انهيار أكبر في عام 2020، لكنّ استمرار وجود الفايروس يعني أنّ التوقّعات غير مؤكّدة إلى حدّ كبير”.

وأكّدت جيتا جوبيناث كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي أنّ الركود كان أقلّ حدّة ولكنّه لا يزال عميقا و”من المرجّح أن يكون الخروج من هذه الكارثة طويلا وغير منتظم وغير مؤكّد بدرجة كبيرة”.

ويحذّر نشطاء من أزمة ديون تلوح في الأفق في الدول النامية الفقيرة.

وذكر البنك الدولي الإثنين أنّ ديون الدول الـ73 الأفقر في العالم نمت بنسبة 9.5 في المئة العام الماضي إلى مستوى قياسي بلغ 744 مليار دولار، ما يظهر “حاجة ملحّة للدائنين والمقترضين على حدّ سواء للتعاون لدرء المخاطر المتزايدة لأزمات الديون السيادية”.

وبلغ عبء الديون المستحقة على الدول للدائنين الحكوميين، ومعظمها من دول مجموعة العشرين، 178 مليار دولار العام الماضي، وفقا لتقرير البنك الدولي.

والشهر الماضي قال وزراء مالية مجموعة السبع إنّهم “لا يزالون ملتزمين” بمؤشّر طلبات تعليق الديون بينما طالبوا مرة أخرى الدائنين من القطاع الخاص بتنفيذ الخطة.

لكنّ مالباس انتقد عدم مشاركة دائني القطاع الخاص، مشيرا إلى أنّ الدول الأكثر ثراء لا تتعاون بنصيبها الكامل.

وتنازع أكثر 20 دولة صناعية في العالم للدفاع عن اقتصاداتها التي أصابتها إجراءات الحد من انتشار الفايروس في الصميم، وسط توقعات بتفاقم الركود الاقتصادي.

وفي يونيو الماضي قالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إن إجراءات الحد من الوباء تسببت في انخفاض قياسي بنسبة 3.4 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي لاقتصادات مجموعة العشرين في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2020.

وسبق ودعت منظمة العفو الدولية من جهتها دول مجموعة العشرين إلى “إلغاء الديون المستحقة على الدول الأكثر فقرا على الأقل في العامين المقبلين”.

وقالت جولي فيرهار الأمين العام بالإنابة للمنظّمة حينها “كشَفَ كوفيد – 19 عن عدم المساواة الكبير في عالمنا”، مضيفة “إذا أردنا بناء القدرة على الصمود في مواجهة الأزمات المستقبلية، فنحن بحاجة إلى إجراء تغييرات هيكلية طويلة الأجل تتطلب الشجاعة والقيادة من دول مجموعة العشرين”.

وأعلن وزير الخارجية الأرجنتيني فيليبي سولا منذ أشهر أنه سيحث مجموعة العشرين على إنشاء “صندوق عالمي قائم على التضامن” لمعالجة زيادة الفقر في البلدان التي تعاني جراء الفايروس.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةشماس: لبنان بأكمله سيدخل في إقتصاد النّدرة
المقالة القادمةلبنان سيصبح الدولة العربية الثالثة بإنتاج الغاز