انخفض معدل التضخم في أوروبا في يناير (كانون الثاني) إلى 2.8 في المائة، مما أبقى التكهنات حية بشأن التخفيضات السريعة في أسعار الفائدة التي من شأنها خفض تكاليف الاقتراض للشركات والمستهلكين والمساعدة في تعزيز الاقتصاد الراكد.
ويتوافق الرقم السنوي الذي نشره مكتب الإحصاءات الأوروبي (يوروستات) يوم الخميس، مع ديسمبر (كانون الأول)، وهو ما يتماشى أيضاً مع ما توقعه محللو السوق، وفق وكالة «أسوشييتد برس».
وانخفضت أسعار الطاقة بنسبة 6.3 في المائة، مما أسهم في انخفاض التضخم في دول الاتحاد الأوروبي العشرين التي تستخدم عملة اليورو. ويؤدي الانخفاض العام إلى اقتراب المصرف المركزي الأوروبي من هدفه البالغ 2 في المائة الذي يعد الأفضل للاقتصاد.
ومن شأن انخفاض التضخم المستمر أن يساعد الاقتصاد الأوروبي الراكد على إظهار نمو أقوى في وقت لاحق من هذا العام، إذ تساعد الأسعار المعتدلة وزيادات الأجور المستهلكين على تعويض القوة الشرائية التي فقدوها عندما ارتفع التضخم إلى مستويات قياسية بلغت رقمين في أواخر عام 2022.
وانخفض التضخم بشكل مطّرد مع قيام «المركزي الأوروبي» برفع أسعار الفائدة بسرعة، وهو الترياق المعتاد لمواجهة ارتفاع الأسعار غير المنضبط.
وقال المحلل الاقتصادي الكلّي في بنك «دي زد»، كريستوف سوانكي، «إن ارتفاعات الأسعار في ألمانيا تراجعت على الرغم من انتهاء كلٍّ من معدل الضريبة المنخفض على فواتير المطاعم وبعض إعانات الطاقة التي كان من المفترض أن تدفع الأسعار إلى الارتفاع، وهي علامة جيدة لبقية العام».
وكتب في تحليل بالبريد الإلكتروني: «حتى لو كان الربيع لا يزال بعيداً، فهذا أول خيوط الشمس من سماء الاقتصاد الحالية».
وانخفض التضخم إلى 3.1 في المائة في ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، من 3.8 في المائة في ديسمبر (كانون الأول)، وهو الأدنى منذ يونيو (حزيران) 2021، وانخفض التضخم في فرنسا، ثاني أكبر اقتصاد في أوروبا، إلى 3.4 في المائة من 4.1 في المائة.
وانخفض التضخم الأساسي، الذي يستبعد أسعار الأغذية والطاقة المتقلبة التي يراقبها «المركزي الأوروبي» عن كثب، إلى 3.3 في المائة من 3.4 في المائة.
هجمات الحوثيين تثير المخاوف
ومع ذلك، يواجه مسار التضخم النزولي مخاطرة ناتجة عن تعطيل الشحن عبر البحر الأحمر، وهي طريق رئيسية للبضائع والوقود المتجهة إلى أوروبا.
فقد أدت هجمات المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن على السفن إلى تحويل السفن حول الطرف الجنوبي من أفريقيا بدلاً من اتخاذ الطريق الأقصر عبر قناة السويس، مما أدى بدوره إلى ارتفاع تكاليف الشحن ويمكن أن يبطئ انخفاض التضخم.
ولم يؤدِّ تعطيل التجارة حتى الآن إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط والغاز الطبيعي، لكنّ هذا يظل احتمالاً إذا تصاعد الصراع الإسرائيلي مع «حماس» أو امتد إلى دول أخرى في الشرق الأوسط.
وأدى انخفاض التضخم إلى إثارة تكهنات بأن «المركزي الأوروبي» يمكن أن يبدأ في خفض أسعار الفائدة في أبريل (نيسان). ولم يلتزم مسؤولو «المركزي الأوروبي» بجدول زمني لخفض أسعار الفائدة، قائلين إنهم سيقررون بناءً على البيانات الاقتصادية الواردة للتأكد من أن التضخم يتجه بالتأكيد نحو هدفهم.
ويقول بعض المحللين إن التخفيض أكثر احتمالاً في اجتماع السياسة النقدية للمصرف في يونيو، في نفس الوقت تقريباً الذي يُتوقع فيه أن يقوم «الاحتياطي الفيدرالي» بخفض مماثل. ووصل سعر الفائدة القياسي للمصرف «المركزي الأوروبي» إلى مستوى قياسي بلغ 4 في المائة بعد أن جرى رفعه من المستويات السلبية خلال ما يزيد قليلاً على عام.
وتسهم أسعار الفائدة المرتفعة في مكافحة التضخم من خلال جعل الاقتراض أكثر تكلفة، مما يؤدي إلى تقليل الإنفاق. كما أنها قد تؤثر في النمو الاقتصادي، خصوصاً في القطاعات التي تعتمد على الإقراض، مثل البناء والعقارات.
وقد يحتاج النمو الأوروبي إلى دفعة قوية. وسجل الاقتصاد نمواً صفرياً في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2023، ولم يُظهر أي زيادة كبيرة في الناتج منذ الربع الثالث من عام 2022، على الرغم من أن البطالة لا تزال منخفضة.
ويتناقض الأداء الفاتر مع نمو أقوى من المتوقع في الولايات المتحدة بنسبة 0.8 في المائة في الربع الرابع، أو وتيرة سنوية قدرها 3.3 في المائة.