على رغم الجهود الكبيرة التي بذلها مصرف لبنان لتجنّب إدراج لبنان على اللائحة الرمادية، وما تقوم به المصارف من تدقيق في التحويلات، فإن التحديات لا تزال كبيرة، ولبنان لا يزال تحت المجهر الدولي، وأمامه استحقاق اجتماع FATF في الخريف المقبل. هذا ما أكده الأمين العام لجمعية مصارف لبنان، فادي خلف، في افتتاحية التقرير الشهري لجمعية المصارف عن شهر تموز 2024.
وحسب خلف، يبقى على الدولة اللبنانية ومؤسساتها الرسمية ومختلف القوى السياسية تحمّل مسؤولياتها في مكافحة الفساد، والحدّ من هيمنة الاقتصاد النقدي، وذلك لضمان عدم وقوع لبنان في المزيد من الأزمات المالية، التي قد تكون عواقبها كارثية على البلاد.
مخاطر اللائحة الرمادية
وذكّر خلف بأنه خلال الأشهر الأخيرة، انشغل القطاع المالي اللبناني بمخاطر إدراج لبنان على اللائحة الرمادية من قبل مجموعة العمل المالي (FATF). وهو ما قد يهدد النظام المالي اللبناني المتأزم أساساً. وقد حذرت جهات دولية ومحلية من تأثيرات هذا الإدراج على التعاملات المالية والاقتصاد اللبناني. كما تم تسليط الضوء على الدور الذي لعبه حاكم مصرف لبنان بالإنابة الدكتور وسيم منصوري، في تجنيب لبنان هذا الإدراج حتى الآن.
ورأى أن إدراج لبنان على اللائحة الرمادية، يعني وضع النظام المالي اللبناني تحت مراقبة شديدة، مما سيزيد من تعقيدات التعاملات المالية، وسيكون لذلك تأثيرات سلبية على التعاملات المصرفية مع الخارج. وسيفاقم الإدراج من أزمة الثقة التي يعاني منها الاقتصاد اللبناني، بما سيؤثر حكماً على إمكانية استقطاب الأموال من الخارج في المستقبل.
المساعي اللبنانية
وحسب خلف، قام مصرف لبنان بتحركات سريعة وفعالة لتجنب إدراج لبنان على اللائحة الرمادية، ونجح حتى الآن في المهمة، حيث تم العمل على عدة صعد، منها الاتصالات مع الجهات الدولية، تقديم التقارير الدورية، تقوية آليات الرقابة على التحويلات المالية.
وبدورها، واكبت المصارف هذه الجهود بإجراءات مُكَمِّلة، ما ساهم حتى الآن في تجنيب لبنان إدراجه على اللائحة الرمادية.
ملاحظات سلبية
إلا أنه على الرغم من الإجراءات المذكورة أعلاه، تم توجيه عدد من الملاحظات المهمة للبنان في ما يتعلق بجهوده في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. ومن هذه الملاحظات، حسب خلف:
الاقتصاد النقدي: استمرار توسع الاقتصاد النقدي في لبنان لا يزال يمثل مصدر قلق رئيسياً لمنظمة FATF، حيث يسهم في صعوبة تتبع الأموال ومكافحة النشاطات غير المشروعة. هذا الوضع يفاقم التحديات، ويضع جزءاً كبيراً من التعاملات المالية خارج نطاق رقابة مصرف لبنان والمصارف.
مكافحة الفساد: تم التأكيد على أن الفساد في المؤسسات الحكومية يشكل تحديًا كبيرًا أمام تنفيذ الإصلاحات المطلوبة لضمان التزام لبنان بالمعايير الدولية. وطلبت FATF من لبنان اتخاذ خطوات سريعة وفعالة لمعالجة هذا الأمر.
الملفات العالقة في القضاء: عبّرت FATF عن قلقها بشأن الملفات العالقة في النظام القضائي اللبناني، مشيرة إلى أن التأخير في معالجة هذه القضايا يُضعف الجهود المبذولة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وأكدت FATF على أهمية استقلالية القضاء وتسريع البت في القضايا الحساسة لضمان تنفيذ الإصلاحات المطلوبة بشكل فعال.
الخلاصة: في الختام، ورغم الجهود الكبيرة التي بذلها مصرف لبنان لتجنب إدراج لبنان على اللائحة الرمادية، وما تقوم به المصارف من تدقيق في التحويلات، فإن التحديات لا تزال كبيرة ولبنان ما زال تحت المجهر الدولي، وأمامه استحقاق اجتماع FATF في الخريف المقبل. يبقى على الدولة اللبنانية ومؤسساتها الرسمية ومختلف القوى السياسية تحمل مسؤولياتهم في مكافحة الفساد والحد من هيمنة الاقتصاد النقدي، وذلك لضمان عدم وقوع لبنان في المزيد من الأزمات المالية التي قد تكون عواقبها كارثية على البلاد.