مدير الاعتماد المصرفي «هارب»: تحقيقات في شبهة اختلاس ملايين الدولارات

اختبأ رئيس مجلس إدارة بنك الاعتماد المصرفي طارق خليفة، خشية توقيفه من قبل فرع المعلومات إثر مذكّرة الإحضار الصادرة عن مدّعي عام التمييز جمال الحجّار، لكنه أرسل وكيله القانوني ليُفاوض نيابة عنه. المعلومات الأولية تُشير إلى شبهات بتورط خليفة في اختلاس ملايين الدولارات وتهريب أموال وتبييضها

لم تعثُر القوى الأمنية بعد على رئيس مجلس إدارة بنك الاعتماد المصرفي طارق خليفة، وهو توارى عن الأنظار فور علمه بصدور مذكّرة إحضار سطّرها بحقه مدّعي عام التمييز القاضي جمال الحجّار، على خلفية الاشتباه بتورطه في اختلاس وتهريب أموال من بنك الاعتماد المصرفي إلى مصرف آخر أنشأه خارج البلاد، وسط شكوك بتورطه في عمليات تبييض الأموال من أجل تحقيق منافع شخصية وأرباح مالية بملايين الدولارات.وإثر محاولة الإحضار التي باءت بالفشل، حضر وكيل خليفة القانوني مارك حبقة إلى مكتب مدّعي عام التمييز في قصر عدل بيروت نهار الخميس ليتعهّد بإحضاره نهار الإثنين المقبل. فأُبلغت القوى الأمنية بالتريّث ريثما يحضر ليُقدّم عرضه لحاكم المصرف المركزي بالإنابة وسيم منصوري من أجل تسوية الملف، كما بقصد عرض دفاعه القانوني.

القصة بدأت بعد قرار حاكم مصرف لبنان تعيين محمد بعاصيري مديراً مؤقتاً لـ«الاعتماد المصرفي»، وبدأ الأخير عملية التدقيق في مخالفات المصرف كما حدّدتها لجنة الرقابة على المصارف في وقت سابق، والتي عُرضت أيضاً على الهيئة المصرفية العليا. وتبيّن لبعاصيري وجود أدلة على مسؤولية خليفة عن العجز الذي يرزح تحت وطأته بنك الاعتماد المصرفي البالغ 309 ملايين دولار أميركي. وتشير المعلومات إلى أنّ خليفة أسّس مصرفاً في أرمينيا لكنه مُني بخسارة تفوق المئة مليون دولار. وقد بيّنت التحقيقات الأولية أنّ خليفة منح قروضاً لأشخاص في أرمينيا سُحبت لهم الأموال من المصرف في لبنان. وهناك معلومات تُشير إلى أنّه قام بالاستدانة من مصرفه بأسماء أشخاص آخرين. كما يجري التدقيق في بيانات حول استخدام أموال المودعين في شراكات تجارية من دون علمهم لتحقيق أرباح شخصية.

وكان قرار المصرف المركزي في تجميد عمل وصلاحيات خليفة، خطوة أساسية سمحت بالتدقيق في شبهات اختلاس، بعدما اتّهم أعضاء مجلس إدارة المصرف رئيس مجلس الإدارة بالتورط في عمليات مخالفة للقانون، وإخفاء معلومات عن لجنة الرقابة على المصارف، برغم أنّ موازنة المصرف كشفت عن العجز الكبير. وقد تركّزت التحقيقات حول كل المعاملات والتحويلات، ما دفع المدير المؤقّت محمد بعاصيري إلى الطلب من هيئة التحقيق الخاصة في المصرف المركزي إلقاء الحجز الكامل على ممتلكات خليفة وأمواله الموجودة داخل لبنان وخارجه. وقد أُرسلت نسخة من قرار هيئة التحقيق الخاصة إلى مدّعي عام التمييز. وقد بادر الأخير فور اطّلاعه على المعطيات إلى طلب إحضار خليفة فوراً. وبعد ساعات على صدور مذكّرة الإحضار من صباح نهار الأربعاء، أقفل خليفة هواتفه وهو متوارٍ عن الأنظار منذ ما بعد ظهر الأربعاء ولا يزال.

وفي هذا السياق، تكشف مصادر مطّلعة على الملف أنّ الحاكم بالإنابة سبق أن طلب من خليفة تأمين نحو مليون دولار أميركي، نقداً أو ما يوازيه من عقارات، ليكون بمثابة رهن ريثما ينتهي التحقيق القائم، لكنّ الأخير رفض ليعمد إلى ابتزاز حاكم المصرف المركزي وآخرين من أجل توفير مظلة سياسية تحميه من الملاحقة. وأطلق خليفة شائعات أنّ هناك سعياً لتسليم مصرفه إلى المسلمين. وعمد إلى تحريض البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي استضاف لاحقاً منصوري على الغداء، وسمع منه، تفاصيل المخالفات الموجودة والتي حتّمت قرار وضع مدير مؤقّت عليه، ليتبيّن لاحقاً أن جهات حقوقية أطلعت الراعي على تفاصيل الملف والتهم الموجّهة إلى خليفة.

وبحسب التحقيقات الجارية من قبل بعاصيري، فإن الملفات تشمل تحويلات وعمليات مالية أجريت في وقت سابق، لكنّ المصرف كان قد أخفى بعض الأسماء المستفيدة منها في التقارير التي حوّلها إلى لجنة الرقابة على المصارف. لكنّ بعاصيري فوجئ خلال مراجعته البيانات الأصلية الموجودة في محفوظات المصرف بوجود هذه الأسماء، والتي تخص شخصيات يُفترض أنها «ممنوعة من العمل المصرفي». وهو ما أثار شبهات إضافية حول عمليات «غير مشروعة» قد جرت بعلم خليفة نفسه، خصوصاً أن أعضاء في مجلس الإدارة نفوا أمام بعاصيري أنهم كانوا على اطّلاع على كثير من العمليات التي كان خليفة يتولى الإشراف عليها.

وفي السياق نفسه، طلب مصرف لبنان، عبر المدير المؤقّت لمصرف الاعتماد المصرفي، أن يقوم المساهمون بتوفير مبلغ عشرة ملايين دولار أميركي نقداً، من أجل تغطية برنامج الدفع الشهري لمبلغ المئة والخمسين دولاراً الذي يُدفع للمودعين، لكنّ خليفة تمنّع عن ذلك، قائلاً إنه لا يملك القدرة وإن أعضاء مجلس الإدارة الآخرين طالبوا المدير المؤقّت بالعمل على استيفاء المبلغ من خليفة نفسه. وتتحدّث المعلومات عن أنّ خليفة بصدد تقديم عرض، يكون بمثابة ضمانة عقارية ومالية لدى مثوله أمام مدّعي عام التمييز ليحول دون توقيفه بانتظار استكمال التحقيقات الجارية.

 

مصدرجريدة الأخبار - رضوان مرتضى
المادة السابقةمناقصتان للأدوية بقيمة 64 مليون دولار: «العرض الوحيد» نمطاً للشراء في «الصحة»
المقالة القادمةالنشاط التجاري الأميركي يرتفع لأعلى مستوى في 26 شهراً