مزارعو التّبغ بين وعود “الرّيجي” والبحث عن بدائل

البحث عن زراعات بديلة، بات الشغل الشاغل لمزارعي التبغ هذه الأيام، فالزراعة لم تعد منتجة. كلفة الدونم الواحد تصل إلى 450 دولاراً أميركياً الذي يعطي 100 كيلو أي 500 دولار، ما يعني في حسابات المزارعين «مش ظابطة».

جرّبوا زراعة القمح، فأصيبوا بخيبة أخرى، فلا سوق لتصريفه في ظل منافسة «السميد» المستورد، كما يشير معظمهم.

يجد مزارعو التبغ في بلدة عيتا الشعب، التي تُعد البلدة الثالثة في إنتاج التبغ في الجَنُوب، يُقدر انتاجهم السنوي بـ13 ألف طرد تقريباً، ويصل عدد رخص التبغ فيها حوالى ألف رخصة، أنّهم تُركوا لمصيرهم، إذ يتوجسون من سعر كيلو التبغ اليوم. كثر منهم تخلوا عن شتلة التبغ وتحوّلوا إلى زراعة القمح في العام الماضي، ظنّاً منهم، أن وزارة الزراعة ستؤمّن لهم سوق التصريف، فكانت النتيجة تكديس الإنتاج وبيعه لمزارع الدجاج.

يتحدّث مختار عيتا الشعب وأحد مزارعي التّبغ ماجد طحيني عن حجم المأساة الزراعية اليوم، فهو يبحث كما غيره عن زراعة بديلة منتجة. حاول المختار زراعة القمح والشعير والسمسم، لكن المنافسة الخارجية المستوردة كانت بالمرصاد. يقول: «ينافسوننا في إنتاجنا ويطلبون منّا الزراعة، ما بتظبط»، مضيفاً أنّ «الوزارة تركتنا نتخبط من دون دعم»، والأنكى بنظره أنّها «شجّعت على زراعة القمح ولكن بذور قمح الطحين لم تصلهم، ما اضطرهم إلى زراعة القمح العادي».

إبان «ثورة التبغ» التي شهدتها القرى الحدودية قبل عامين، جرّاء أسعارها المجحفة، تحوّل عددٌ من المزارعين نحو زراعة القمح، ظنّاً منهم أنه أكثر إنتاجية، وأن تصريفه مؤمّن، راكنين وقتها إلى «تحفيزات» وزارة الزراعة. لكن النتيجة كانت مغايرة تماماً. وما حصدوه هو «تكدّس إنتاجهم في المخازن وتسجيل خسائر بالجملة، ما اضطرهم إلى العودة على مضض إلى التبغ».

يعتمد 85% من سكّان عيتا الشعب على شتلة التبغ، أو «اللقمة المرّة»، ويبحثون عن بدائل، لإنهاء رحلة معاناتهم مع «الحصرية والإجحاف». يشعرون أنه تمّ استغلالهم من قبل «الريجي، التي استغلّت الأزمة المالية وخفّضت سعر الكيلو من 9 دولارات عام 2019، إلى 2.5 دولار عام 2022، قبل أن تُقرّر رفعه إلى 5 دولارات كحدّ وسطيّ لسعر الكيلو هذا العام، بعدما قاطع المزارعون التبغ، ما أدّى إلى انخفاض ملحوظ في الإنتاج».

وردّت الريجي على مقاطعة الزراعة برفع السعر حوالى 5 دولارات، غير أنّ المزارعين وجدوه غير كاف. إذ يشير طحيني إلى أنّ كلفة إنتاج الدونم تصل إلى 450 دولاراً تتوزّع بين شراء المياه والأسمدة والأدوية واليد العاملة وغيرها، في حين يبلغ انتاج الدونم الذي يعطي 100 كيلوغرام 500 دولار، أي «راس براس».

ويضيف أنّ «هذا السعر لا ينفع، وقد يدفعنا إلى التوقّف في العام المقبل، ما لم يتمّ رفع سعر الكيلو هذا العام إلى 9 دولارات. ما تعطيه الريجي مجحف جدّاً، ولا يسدّ تعب العام». ويلفت طحيني إلى «انتشار مرض أصاب شتول التبغ من الناقورة حتى مرجعيون، وضرب 65% من موسم التبغ، وهي كارثة حقيقية حلّت بالمزارعين»، والأخطر برأيه أنّ «الريجي تعمد إلى سحب رخصة التبغ من كل مزارع لم يسلّم محصوله خلال عامين متتاليين».

مصدرليبانون فايلز
المادة السابقةمستقبل تجارة الشيكات باللولار
المقالة القادمةالدولار الأميركي بخطر: هل يستفيد لبنان ام يتضرر؟