مثّل ضعف سوق الأسهم الأخير عقبة في مسار صعود دفع الأسهم إلى سلسلة من الارتفاعات القياسية، لكن العديد من المستثمرين يعتبرون هذا التراجع بمثابة استراحة، وليس علامة على تفاقم المتاعب.
وانخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 2.4 في المئة خلال الجلسات الثماني الماضية، مع قلق المستثمرين إزاء حالة الاقتصاد الأميركي وارتفاع تقييمات أسهم الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، وهما القطاعان اللذان حرّكا السوق هذا العام.
وقال رحيل صديقي، كبير استراتيجيي الاستثمار في قسم أبحاث الأسهم العالمية في نيوبرغر بيرمان “إنها مطب سرعة. إنها ليست جدارًا ستصطدم به السيارة وتتكبد أضرارًا أكبر مما يُخطط له”.
رحيل صديقي: ما نراه هو مجرد مطب سرعة وليس جدارا قد يكبد الأضرار
وأضاف لوكالة رويترز “سواء كان الأمر أكثر من مجرد تصحيح بسيط، أو ركودًا، أو سوقًا هابطة، أو أمرًا أكثر خطورة؟ لا أعتقد أن لدينا الشروط اللازمة لذلك.”
وعلى الرغم من القلق بشأن التقييمات وتركيز السوق، فإن السوق الصاعدة تتمتع بأسس قوية تشجع على المخاطرة.
ويرى المستثمرون أن تخفيف مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) للشروط المالية، والطفرة في الإنفاق الرأسمالي المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وبيئة اقتصادية داعمة، تبدو أسباب جوهرية لذلك.
وقال كريس داير، الرئيس المشارك لشركة إيتون فانس إكويتي ومدير محفظة محافظ الأسهم العالمية في لندن “لا أرى تغييرًا كبيرًا في التوجهات الاستثمارية، ولا أرى تغييرًا كبيرًا في المعنويات”. وأضاف “هذا لا يعني أن ذلك لا يمكن أن يحدث. لا أعتقد أننا نشهد هذا في هذه المرحلة.”
ويعتقد البعض أن أحد أسباب لفت تراجع سوق الأسهم الانتباه هو ندرة انخفاضات السوق منذ انحسار موجة البيع المكثفة التي سببتها الرسوم الجمركية في أبريل. ولم ينخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بأكثر من ثلاثة في المئة عن أعلى مستوى له منذ أبريل.
وقال مايك رينولدز، نائب رئيس إستراتيجية الاستثمار في شركة جلينميد لإدارة الثروات، إن موجة البيع المكثفة “كانت مجرد تذكير بأن التقلبات موجودة وطبيعية.” وأضاف “المستثمرون أن التقلبات لا تنبع من تحول جوهري في توقعات الأسهم.”
وقال توبياس هيكستر، الرئيس التنفيذي المشارك للاستثمار في ترو بارتنر كابيتال “ما بدأنا نراه الآن هو بعض الخوف من الارتفاعات وجني الأرباح”. وأضاف “لا أعتقد أننا نشهد أي تراجع ملموس حتى الآن.”
وقال ديفيد واجنر، رئيس قسم الأسهم ومدير المحافظ في أبتوس كابيتال أدفايزرز، إن “الخطر الأكبر هو المبالغة في رد الفعل تجاه ضعف السوق.” وأضاف “أعتقد بحق أن أحد أكبر… من المخاطر التي قد يواجهها المستثمر حاليًا سحب أمواله من التداول.”
كريس داير: لا أرى تغييرًا كبيرًا في التوجهات الاستثمارية، أو في المعنويات
وفي حين أن المخاوف على المدى القريب ربما تكون قد أثرت سلبًا على الأسهم في الجلسات الأخيرة، إلا أن التوقعات على المدى الطويل لا تزال إيجابية، وفقًا لفيل أورلاندو، كبير استراتيجيي السوق في فيدريتد هيرمس.
وقال “هل من الممكن أن يكون هناك انخفاض طفيف في الأسعار وزيادة طفيفة في التقلبات خلال الربعين المقبلين؟ بالتأكيد، لكننا نعتبر ذلك فرصة للشراء.”
ويرى شق من المحللين إن الاقتصاد الأميركي ينشط ضد انهيار السوق رغم الإغلاق الحكومي، مع نمو أسرع في الربع الثاني من 2025 مما كان مُتوقعًا سابقًا وسط إنفاق استهلاكي قوي.
ومن المتوقع أن يُعوّض ارتفاع استثمارات الأعمال ضعف نمو الاستهلاك والتجارة العالمية، وأن يُحافظ على نمو الاقتصاد، وفقًا لدراسة أجرتها الجمعية الوطنية لاقتصاديات الأعمال.
وقال فيكتور تشانغ، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة أمريكان سينشري للاستثمارات، التي تُدير حوالي 300 مليار دولار “بالنظر إلى أساسيات الاقتصاد حول العالم، وخاصةً في الولايات المتحدة، تشهد الأسواق الناشئة نموًا قويًا، ورغم وجود بعض الضعف، إلا أن هذا النمو يبقى عند مستوى صحي”.
ومع ارتفاع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 14 في المئة خلال العام، وارتفاع مؤشر ناسداك بنسبة 19 في المئة، اتفق المحللون على نطاق واسع على أن عمليات البيع المكثفة قد تكتسب زخمًا، وأن الأخبار الاقتصادية قد تتحول إلى سلبية.
وفي ظل غياب البيانات الرسمية الجديدة عن الاقتصاد بسبب إغلاق الحكومة الأمبركية، يتعين على المستثمرين تحديد الثقل المناسب لكل تقرير غير رسمي جديد، مما يزيد من خطر المبالغة في رد الفعل.
وقال سام ستوفال، كبير استراتيجيي الاستثمار في شركة سي.أف.آر.أي، والذي يرى احتمالًا لمزيد من ضعف السوق، “لا يموتون من الشيخوخة؛ بل يموتون من الخوف. ما يخشونه أكثر في الوقت الحالي هو الركود”.



