“مساعدة مؤقتة” لموظفي الدولة: رشوة على أبواب الانتخابات

لمحاولة “الترقيع”، تبحث السلطة السياسية عن مخارج مجتزأة، ومنها تقديم تكتّل التغيير والإصلاح إقتراح قانون يقضي بـ”إعطاء مساعدة اجتماعية في القطاع العام وللمتقاعدين ورفع قيمة تعويض النقل اليومي المؤقت”. ويشترط الاقتراح الاستمرار بالدفع “إلى حين وضع قانون البطاقة التمويلية موضع التنفيذ الفعلي، واستفادة العاملين في القطاع العام والمتقاعدين من أحكامه”.

تختلف نسبة المئوية للمساعدة حسب الفئة الوظيفية وحجم الراتب أو المعاش التقاعدي. فيتلقّى “القضاة وموظفو الفئة الأولى والضباط العامين نسبة 25 بالمئة من الراتب الأساسي. والنسبة المئوية لموظفي الفئة الثانية والضباط القادة، تبلغ 30 بالمئة. ولموظفي الفئة الثالثة والضباط الأعوان، تبلغ النسبة 35 بالمئة. لموظفي الفئة الرابعة والرتباء تبلغ 40 بالمئة. ولموظفي الفئة الخامسة والأفراد تبلغ 45 بالمئة”. أما المتقاعدون فيستفيدون من “نسبة 60 بالمئة من المساعدة، كلٌّ بحسب الفئة الوظيفية التي تقاعد فيها”. وهذه المساعدات “تدفع شهرياً مع الرواتب لمدة سنة إعتباراً من تاريخ صدور القانون”. هذه المساعدة “ليست سوى ترقيع، لكنه مطلوب في ظل هذه الأزمة. فيما كان الأجدى إقرار التقديمات الاجتماعية قبل رفع الدعم، فيتراجع بذلك تأثير رفع الدعم”، وفق ما يقوله لـ”المدن”، المدير العام السابق للاستثمار في وزارة الطاقة، غسان بيضون، الذي يتناول الملف إنطلاقاً من كونه موظفاً متقاعداً.

خسرت رواتب وأجور موظفي القطاع العام بكافة أقسامه المدنية والعسكرية، نحو 90 بالمئة من قيمتها، وبات الموظفون والأجراء يعيشون على نحو 10 بالمئة من مستحقاتهم، ويواجهون به معدّل تضخّم للأسعار وصل خلال الأشهر الثمانية من العام الحالي إلى 99.85 بالمئة، وفق أرقام الإحصاء المركزي.

وهذا المعدّل العام، تقابله أرقام أعلى بالمفرَّق. إذ بلغ التضخّم في أسعار خدمات الاستشفاء نحو 200 بالمئة. وأسعار المواد الغذائية تضخّمت بنحو 290 بالمئة، وأسعار الألبسة والأحذية تضخمت بنحو 200 بالمئة.
علماً أن أرقام الإحصاء المركزي تستند إلى الأسعار الرسمية والمعلنة، ولا تأخذ بالحسبان أن الواقع يسجّل معدّل تضخّم أعلى، نظراً لشراء الكثير من السلع وفق أسعار السوق السوداء، وخصوصاً الأدوية والمحروقات (قبل ارتفاع أسعارها). وبالتالي، فإن المساعدة المقترحة، لن تصمد أمام معدّل التضخم المتزايد، وهي تكاد لا تكفي لشراء الخبز أو المحروقات شهرياً. ولتبديد إضافي لتأثير المساعدة “تُقتَرَح كمساعدة شهرية مؤقتة ولا تدخل ضمن الراتب، وهذا امر مقصود لعدم ترتيب حق دائم للموظف بالحصول على معاش تقاعدي لاحقاً، وفق الراتب الجديد الذي يشمل قيمة المساعدة”.

يرفض الكثير من موظفي القطاع العام هذه المساعدة، انطلاقاً من مضمونها الفارغ والذي يشكّل “إهانة واستحقار واستغباء للشعب، ومحاولة لاسترضائه”، وفق ما تقوله عضوة التيار النقابي المستقل، الأستاذة المتقاعدة من التعليم الثانوي، بهية بعلبكي، والتي تلفت النظر خلال حديث لـ”المدن”، إلى أن “الهجوم على سلسلة الرتب والرواتب على مدى 5 سنوات، وإقرارها بشكل منقوص، تُوِّجَ اليوم بتخفيض فعلي لرواتب موظفي ومتقاعدي القطاع العام، بسبب التضخم والغلاء. والمساعدة التي يبحثونها لا تسد الفجوة. إذ أن راتب المتقاعد سيزيد بنسبة 65 بالمئة من نسبة الزيادة المقترحة، ما يُبقي الراتب منخفضاً”.

وتعتبر بعلبكي أن “الحلول لا تكون جزئية بهذا الشكل، بل بخطة متكاملة تشمل تصحيح الأجور، ليتماشى على الأقل مع ما تقوم به الكثير من مؤسسات القطاع الخاص التي تقسم رواتب موظفيها بين الدولار النقدي والليرة، فيما الجزء الأخير يتراوح بين أسعار الصرف، إما الرسمي أو 3900 ليرة أو أكثر وصولاً إلى أسعار السوق”. وإن كانت بعلبكي ترى المساعدة استرضاءً للناس، فيعتبرها بيضون “رشوةً على أبواب الانتخابات”.

مصدرالمدن - خضر حسان
المادة السابقة“قانون الشراء العام” أساس مكافحة الفساد: العبرة بالتنفيذ
المقالة القادمة170 دولاراً حداً أدنى لرواتب القطاع الخاص