يواجه قطاع السفر العالمي مستقبلا ضبابيا في ظل حالة عدم اليقين، التي تطبع الأوضاع في الكثير من بلدان العالم نظرا لاستمرار القيود المفروضة للتنقل بسبب المخاوف من انتشار مرض فايروس كورونا.
ويؤكد المختصون أنه لا يُعرف بالضبط متى يمكن أن يكون استئناف السفر الدولي عملية آمنة أو كيف ستبدأ الحكومات في إلغاء القيود التي فرضتها على السفر، ولكن الثابت هو أن الرحلات الدولية ستكون مختلفة عما كانت عليه في السابق.
وشرحت وكالة بلومبرغ في تقرير كيف أن شركات الطيران والمطارات والخطوط البحرية والفنادق، ستحتاج كلها لوضع توجيهات استرشادية جديدة تتعلق بالتباعد الجسدي بين الأشخاص والنظافة وخدمات الأطعمة والالتزام بها، إلى جانب أن الشفافية التي لم تكن المنظومة الأقوى في هذا القطاع.
وبالنظر للسياسات غير الفعالة للتأمين على السفر وقواعد حماية الركاب الغامضة، ستصبح الشفافية من القواعد الأساسية كما ستكون الشركات بحاجة إلى تغيير الأسعار لتستطيع استضافة عدد أقل من الركاب في الرحلة الواحدة الأمر الذي يمكن أن يجعل قضاء العطلات الصيفية اقتراحا مكلفا، إذا ما فكر الناس في ذلك.
وتتجه الأنظار إلى الأثرياء لكي يضعوا المعايير لمستقبل السفر غير الضروري ويمكنهم تجنب الكثير من المشكلات والصعوبات بعد انتهاء الجائحة سواء عن طريق السفر بالطائرات الخاصة أو شراء الحصص الكاملة لغرف الفنادق، بشكل يمنع الحاجة إلى النزول في مكان يوجد به آخرون.
وقد يثبت ذلك أن الحلول التي يمكن لأموالهم أن تحققها قابلة للزيادة، وربما تعكس طلباتهم الشعور العام للمستهلكين، حتى على الرغم من أن حتى الأشخاص الأكثر ثراء سيكونون مقيدين بالسفر المحلي في المستقبل المنظور.
وتؤكد الجهات الحكومية أن مجرد التخطيط لرحلات مستقبلا في خضم توزيع لقاحات كوفيد – 19، يمكن أن تدعم الأنشطة التجارية ورحلات الطيران في الكثير من مناطق العالم بعد أن عانت طيلة أشهر من الركود الإجباري.
ومن المتوقع أن تصل خسائر قطاع السفر إلى 3.3 تريليون دولار، حال استمرار تراجع رحلات السفر الدولية بغرض الترفيه حتى مارس 2021.
وتشير الأرقام التي رصدتها إدارة أمن النقل في المطارات الأميركية، إلى أن متوسط العدد اليومي للمسافرين اعتبارا من أول يوليو الماضي وحتى 27 من نفس الشهر وصل إلى نحو 648.4 ألف راكب، بتراجع نسبته 75 في المئة مقارنة بنفس الفترة من العام السابق.
كما أن البيانات تظهر أن حوالي 86 في المئة من الأفراد قد يؤجلون السفر حتى بعد التأكد من أنه تم احتواء العدوى بفايروس كورونا على نطاق واسع.
ويؤكد المحللون أن الصدمة الناجمة عن قطاع السفر الذي يشكل عادة ما نسبته 10 في المئة من الاقتصاد العالمي، يمكن أن تمتد لتؤثر على أبعد مناطق العالم، كما أن كل رحلة يقوم بها فرد ما تؤدي إلى حدوث رد الفعل المتسلل، الذي يعرف باسم “تأثير الدومينو” على الاستهلاك.
وفي العادة توجه الدولارات الناجمة عن نشاط السفر إلى شركات الطيران وأصحاب الفنادق والمطاعم وسائقي سيارات الأجرة والمرشدين السياحيين وأصحاب المتاجر والحرف اليدوية، هذا البعض من المستفيدين من قطاع السفر.
ويعمل بقطاع السياحة 300 مليون شخص على مستوى العالم وهذه الوظائف وخاصة في الدول النامية، تمثل سبلا للخروج من دائرة الفقر، وأيضا للحفاظ على التراث الثقافي.
وأدت الجائحة إلى تعريض ثلث إجمالي الوظائف في قطاع السياحة للخطر، وقالت شركات الطيران في مختلف أنحاء العالم إنها تحتاج إلى ما يصل إلى 200 مليار دولار حزمة إنقاذ.
وعلى الرغم من أن الدول بدأت في إلغاء الأمر بالبقاء بالمنازل وهو إجراء احترازي لحماية الأفراد من العدوى، ثم إعادة فتح قطاع السياحة بحذر أمام الزوار المحليين وأحيانا على المستوى الإقليمي، فإن القطاع الذي تبلغ تعاملاته السنوية محو 1.7 تريليون دولار يتوقع حدوث خسائر سنوية تصل إلى 80 في المئة، وذلك وفقا لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية.
وهذا الوضع يمكن أن يتضاعف إلى حدّ كبير في ظل استمرار الضربة التي تلقاها السفر بغرض الترفيه، ولكن أي تحسن سيكون تأثيره كبيرا.
وتظهر بيانات المجلس العالمي للسفر والسياحة، إلى أن كل زيادة بنسبة واحد في المئة في السفريات الدولية، تضيف ما يصل إلى 7.23 مليار دولار للناتج المحلي الإجمالي العالمي المتراكم
وقد ثبت أن تحريك هذه النسبة بات من المستحيل على أرض الواقع، حيث إن المخاوف من تفشي موجة ثانية من الجائحة تهدد التقدم الذي تحقق على مستوى كل قارة تقريبا.