تستغل المصارف انشغال البلد بالوضع الأمني، مع تصاعد المخاوف من اتساع نطاق الحرب الواقعة في الأراضي الفلسطينية وعلى الحدود اللبنانية الجنوبية، فتُمعن بإجراءات تعسفية بحق موظفيها، ضاربة عرض الحائط كل اتفاقات وبروتوكولات سابقة.
تقوم بعض المصارف بصرف موظفين من دون مراعاة الحد الأدنى من حقهم بالتعويضات، وسط عجز وزارة العمل عن التدخل، وفي ظل محاولات من اتحاد موظفي المصارف ونقابة موظفي المصارف لإحداث أي تغيير في قيمة أو سياسة التعويضات.
صرف عشرات الموظفين
حسب المعلومات، فقد تم صرف ما لا يقل عن 20 موظفاً من بنك الاعتماد اللبناني في الفترة الأخيرة، ومن البنك الإسلامي التابع له “البنك اللبناني الإسلامي”. أما الضربة الكبيرة فمتوقع أن تأتي من بنك سرادار، الذي يخطط لعملية صرف كبيرة، قد تطال ما لا يقل عن 50 إلى 60 موظفاً، وفق ما يؤكد مصدر مصرفي.
الموظفون المصروفون من بنك الاعتماد اللبناني لم يحصلوا على تعويضات عادلة، ولا حتى على تعويضات مقبولة. بل كل ما حصلوا عليه لا يتعدى راتباً واحداً عن كل سنة عمل، على أن لا تزيد سنوات العمل عن 12 سنة. بمعنى آخر، لم يحصل أي مصروف من العمل على أكثر من 12 راتباً فقط، وبالليرة اللبنانية، كتعويض.
وحسب عضو اتحاد موظفي المصارف، أسد خوري، فإن التعويضات التي تمنحها المصارف للموظفين المصروفين غير مرئية حتى بأيام العز “وهي تستند إلى المادة 50 من قانون العمل التي تحتمي بها المصارف”. علماً أن المصارف قبل الأزمة لم تكن تلتزم بقانون العمل فحسب، بل ببروتوكولات تعطي الحق للموظف المصروف بتقاضي 3 أضعاف التعويض بالحد الأدنى، على ما يقول خوري في حديث لـ”المدن”.
التعويضات التي تعطى اليوم شحيحة جداً وظالمة بحق الموظفين. وبالعودة إلى عملية الصرف الأخيرة التي جرت قبل نحو شهرين، وتم حينها صرف موظفين من مصرف IBL، فقد حصّل اتحاد الموظفين والنقابة حينها 36 راتباً للمصروفين بالإضافة إلى راتب شهر عن كل سنة عمل لغاية 12 شهراً.
ويقول خوري أن تلك التعويضات لم تكن عادلة او منصفة، لكنها تبقى أقل سوءاً من تلك التي يتم التعويض بها حالياً عن عمليات الصرف. فالتعوضيات المستندة إلى المادة 50 من قانون العمل مجحفة جداً، ولم تعد أي من المؤسسات تعمل بها.
مساعي النقابة
“ثمة موجة صرف واسعة في القطاع المصرفي، والتعويضات الممنوحة للموظفين المصروفين عير عادلة على الإطلاق”. هذا ما أكده أيضاً النقيب المنتخب حديثاُ لموظفي المصارف، ابراهيم باسيل. والتعويضات تتم حسب قانون العمل وليس أي بروتوكولات أخرى. ويذكّر باسيل أن نقابة موظفي المصارف سبق لها أن تقدمت باقتراح إلى جمعية المصارف، مفاده أن يتم التوصل إلى بروتوكول موحد لكافة عمليات الصرف من كل القطاع المصرفي، “لكن الجمعية لم تتعامل بجدية مع المطالب ولم تلبها حتى اللحظة”.
وإذ يؤكد باسيل في حديثه إلى “المدن”، أن النقابة تتلقى شكاوى عديدة من موظفين بحق المصارف، بصفة إفرادية وليس جماعية حتى اللحظة، يشير إلى متابعة النقابة مسألة الصرف والتعويضات، ومحاولة رفع الظلم والإجحاف بحق الموظفين المصروفين.
وحسب مصادر المصارف، فالاخيرة تعتبر أن أزمة الصرف وتدني التعويضات ترافق القطاع كله وليس مصرفاً دون آخر، باعتبار أن القطاع يعاني من أزمة وجودية، ولا يمكن حل أزمة الموظفين بمعزل عن أزمة المصارف والمودعين.
من هنا، يمكن الاستنتاج أن المصارف تستضعف موظفيها وتحرمهم من حقوقهم البديهية بالتعويضات، بانتظار حل أزمتها مع الدولة اللبنانية ومصرف لبنان. والأمر عينه ينطبق على أزمة المودعين. فالمصارف تحمّل الجميع مسؤولية الانهيار المصرفي الذي جنته أيديها بتغطية من مصرف لبنان وشراكة مع السلطة السياسية.