بعد حديث حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري عن توجّه المصرف المركزي لتوفير منصّة تبادل جديدة عبر «بلومبرغ»، لتسهيل التداول وقلب الليرات إلى دولار، أسئلة كثيرة تُطرح عن دور المنصّة ومن سيكون المستفيد منها، هل ستكون لتمويل احتياطات الدولة من الدولار فقط ام ستكون مفتوحة للجميع؟ ولعلّ الأبرز مصير سعر الصرف في المرحلة المقبلة، وهل من متغيّرات مرتقبة في سعر دولار المصارف؟
للوهلة الاولى يعطي الحديث عن إنشاء منصّة تداول دولية «بلومبرغ» انطباعاً ايجابياً عن المرحلة المقبلة، لاسيما اذا كانت معطوفة على التصريحات المتلاحقة لحاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، وتأكيداته المتكرّرة بأنّ لا رجوع عن قرار عدم تمويل الدولة اللبنانية بالليرة أو بالدولار، وأنّه لم يعد بالإمكان الاستمرار في السياسات السابقة، الى جانب طمأنة منصوري الى أنّ إعادة الأموال للمودعين ليست مستحيلة، ولا ينبغي أن ينتظر المودعون لفترة أكثر.
هل يمكن التعويل على كلام منصوري لفتح نافذة جديدة على الشق المالي، لا سيما في ظلّ التحذيرات المتكّررة من خطورة التأخّر في إقرار القوانين الإصلاحية، وخطورة الاستمرار في الاقتصاد النقدي الذي يعرّض لبنان لمخاطر عزله عن النظام المالي الدولي؟ ومتى بدأ التداول عبر منصّة «بلومبرغ»، اي سعر صرف سيعتمد السعر الرسمي أي 15 الفاً أم السعر الذي توقفت عنده منصّة صيرفة 85 الفاً؟ وفي حال توحيد سعر الصرف، ما سيكون مصير سعر دولار المصارف، هل يبقى عند 15 الفاً أم سيرتقي لسعر السوق الحقيقي؟ واساساً، ما هو سعر الصرف الحقيقي الذي سيكشف عنه التداول عبر «بلومبرغ»، هل يتجاوز الـ 100 الف أم سيتراجع الى ما دون سعر صيرفة؟ وهل سيعتمد سعر التداول في الموازنة وتسعير الانترنت والكهرباء؟…
في السياق، يقول رئيس قسم البحوث والتحاليل الاقتصادية في بنك بيبلوس نسيب غبريل لـ«الجمهورية»، انّ هدف المنّصة الجديدة هو إضفاء نوع من الشفافية على العرض والطلب، الى جانب تحديد سعر الدولار الحقيقي في السوق اللبناني من دون اي دعم وتدخّل من مصرف لبنان.
أضاف: «انّ «بلومبرغ» هو اسم عالمي. لذا انّ الارتباط فيها اساسي»، موضحاً أنّ «آلية عمل المنصّة ستصدر عن مصرف لبنان وليس عن «بلومبرغ» التي ستكون المضيف الحاضنة للمنصّة».
وشرح انّ مصرف لبنان سيعطي الإذن للمصارف والمؤسسات المالية كما الصيارفة المرخّصين للتدخّل بشكل مباشر على هذه المنصّة طلباً للدولار باسم زبائنهم، مرفقاً بمعلومات كافية عنهم. وأشار الى اّن أكثر طرف يطلب الدولار هم كبار المستوردين الذين سيأتون بالدولار النقدي بغرض الاستيراد. وأشار الى انّ طلب الدولار سيكون وفق سعره في السوق السوداء وليس وفق سعر مدعوم. لذا ما من حافز يشجّع بقية الأفراد للتداول عبر هذه المنّصة على عكس منصّة صيرفة التي جذبت كل الافراد للتداول عبرها، مستفيدين من فارق الدولار بينها وبين سعر السوق السوداء.
ورداً على سؤال، أكّد غبريل انّه لا يمكن معرفة سعر الدولار الحقيقي في السوق قبل البدء بعملية التداول، لأنّ هذه المّرة سيكون سعر الدولار مبنياً على العرض والطلب الذي يمثل فعلاً الطلب بالاقتصاد اللبناني وليس الطلب على الدولار بغية تحقيق ارباح او المضاربة.
تابع: «يجب ان يستبق التداول عبر «بلومبرغ» تعاون السلطات التنفيذية والتشريعية لتطبيق الاصلاحات للخروج من الأزمة. لكن، وبما انّ الجو اليوم غير مؤاتٍ لتمرير القوانين الاصلاحية التي ينتظر إقرارها انتخاب رئيس للجمهورية، لذا يبدو انّ منصة التداول ستنطلق قبل ذلك».
وعمّا اذا كان التداول عبر «بلومبرغ» هو ممر لتوحيد سعر الصرف أكان سعر الصرف الرسمي او سعر دولار المصارف او دولار الموازنة وغيرها، قال: «انّ توحيد سعر الصرف هو أحد الإجراءات المطلوبة من صندوق النقد الدولي، وعندما رفع المصرف المركزي سعر الصرف من 1500 ليرة الى 15 الفاً أصدر التعاميم اللازمة لتوحيد بعض الاسعار، مثل اسعار السحوبات من المصارف والاسعار الواردة في التعميمين 151 و 158 على 15 الفاً، لكنه لا يزال من المبكر الحديث عن توحيد سعر الصرف، رغم انّه هدف منشود على المدى الطويل. لذا، تبقى انّ اول خطوة مطلوبة اليوم هي اطلاق المنصّة ولننتظر لنرَ الاجراءات التي يمكن اتخاذها لمواكبة هذه الخطوة، وصولاً الى توحيد سعر الصرف، اذا كان الهدف السير بالبرنامج الاصلاحي».