يعود عنوان الإتفاق مع صندوق النقد الدولي إلى الواجهة مع تعيين ممثل للصندوق في بيروت واستعداد وفد منه لزيارة لبنان خلال أيام، في الوقت الذي لا يزال أي تقدّم في المفاوضات، مرهوناً بخطوات إصلاحية واضحة من قبل الحكومة، وفق ما يكشُف الباحث الإقتصادي جاسم عجاقة، والذي يشدّد على أنه “لا يمكن للصندوق إكمال طريق المفاوضات، قبل إقرار موازنة العام 2022 وقانون “الكابيتال كونترول” وخطة التعافي، وتقييم الموجودات الخارجية لمصرف لبنان، وربما من بينها تقييم 14 مصرفاً ورفع السرية المصرفية، علماً أن هذه الخطوات مرهونة بالعمل التشريعي ويفترض وجود حكومة أصيلة، ما يعيد الأمور إلى الخانة السياسية”.
ويؤكّد عجاقة لـ “ليبانون ديبايت”، أن “خطة التعافي ما زالت بعيدة جداً، والأهمّ أن كل ما يُطرح في الإعلام لا علاقة له بمالية الدولة، أي أن موازنة 2022 غير مرتبطة بمالية الدولة والتي تتجاهل وجود دين عام يتجاوز المئة مليار دولار”.
ورداً على سؤال عن اعتبار تعيين ممثل للصندوق، مؤشراً على استئناف التفاوض، يشير عجاقة، إلى أن “صندوق النقد يتفاوض فقط مع حكومة أصيلة، وإن كان يرغب بالمضي قدماً بالمفاوضات مع الدولة اللبنانية، وهذا هو الأمر الذي يدفع الدول الخارجية للضغط على لبنان للإسراع في تشكيل حكومة”.
ولفت إلى أن “نائب رئيس الحكومة سعاده الشامي والذي يرأس الوفد المفاوض، يتحدّث بلغة الصندوق وتطلّعاته، متوقعاً ضغطاً دولياً باتجاه عودة الفريق المفاوض نفسه نظراً للتناغم الكبير بين الصندوق وهذا الفريق”.
وعن مصير الإتفاق على برنامج تمويل مع الصندوق، يكشُف عجاقة، عن “إشكالية تتمثّل بارتباط أي اتفاق مع وجود حكومة أصيلة، لأنه سيُعرض في مرحلة من المراحل على الحكومة لكي توافق عليه، لأن خطة التعافي التي أُقرّت هي خطوط عريضة، وكل بند فيها يجب أن يتم تحويله إلى مشروع قانون ليقرّه المجلس النيابي، وبالتالي، وبمجرد أن توافق الحكومة على الإتفاق تحيله إلى البرلمان، كما يُرفع إلى مجلس إدارة الصندوق للموافقة عليه، وعندها بالإمكان القول أنه بات للبنان إتفاق نهائي”.
ورداً على سؤال، عن مقاربة المجلس النيابي لخطة التعافي، يلاحظ عجاقة، أنه “في قراءة أولية، يبدو المجلس النيابي مشرذماً، وما من كتل قادرة على فرض إرادتها إلاّ إذا تكتّلت مع بعضها، وعملت ضمن إطارٍ واحد ورؤية واحدة، علماً أنه في المطلق، فإن خطة التعافي كارثية، خصوصاً بالنسبة لإستهداف الودائع التي تتخطى المئة ألف دولار، وتكمن الخطورة فيها أنها لم تحدّد في مصير ودائع الشركات والمؤسّسات والجمعيات والمستشفيات التي تملك ودائع تتخطى هذا المستوى، فالخطة ضربت جوهر الإقتصاد اللبناني وقلبه، ولم يتوقع إجماعاً نيابياً عليها”.