لا يزال مصير حاكمية مصرف لبنان، ما بعد إنتهاء ولاية رياض سلامة، مجهولاً، ولو أن رئيس مجلس النواب نبيه بري أعلن عن جلسة حكومية الخميس ووافاه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بالدعوة اليها. رُغم ذلك، لا يزال سيناريو تلك الجلسة مجهولاً، ففي الشكل أعلن عن الجلسة مرفقة بتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، لكن في الخفاء العمل على التمديد لرياض سلامة يجري على نار حامية، ليبقى الأهمّ: ماذا ستحمل جلسة مجلس الوزراء غداً؟.
المادة 25 من قانون النقد
غريبة كلّ الضجّة التي تثار خلف إنتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان وكأنها نهاية الدنيا، بينما القانون والمشرّع استدركوا لمثل هذه الحالة، أي الوصول الى إنتهاء ولاية حاكم المصرف المركزي دون إمكانية تعيين حاكم بديل.
وهنا تشرح الاستاذة في القانون المصرفي في الجامعة اللبنانية سابين الكيك، في حديث لـ”النشرة”، أن المادة 25 من قانون النقد والتسليف واضحة وتتحدث عن أنه في حالة الشغور في الحاكمية تؤول المهام الى نائب الحاكم الأول إلى حين تعيين الحاكم البديل، فلماذا كلّ هذه الضجّة حول الموضوع؟ لتعود وتؤكد أن “الاشكالية في هذا المجال هي سياسية بحت بينما القانون واضح”، معتبرةً أن “أسوأ ما في الموضوع أن نحوّل المؤسسات الى أشخاص، وهذا دفعنا ثمنه طيلة السنوات الثلاثين الماضية مع سلامة، واليوم عوضاً عن البدء بنهج جديد نقوم بادخال الشخصنة الى المؤسسات”.
وتؤكد الكيك أننا “نمرّ بمرحلة صعبة جداً وخطيرة بخروج حاكم مصرف مركزي، حتماً زرع “الالغام” في طريق من سيأتي بعده، وعوضاً عن التركيز على النقاش الجدّي حول النهج الجديد للشخص الذي سيتولى هذا المركز، نقوم بخلق الاشكاليات لغضّ النظر عن أمور أخرى، وبالتالي التوقعات ضبابيّة للمرحلة المقبلة”، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا “هل المقصود تأزيم الوضع بلبنان”؟.
دور حكومة تصريف الأعمال
وبالعودة إلى الدعوة التي وجهها رئيس حكومة تصريف الأعمال لمجلس الوزراء للانعقاد لتعيين حاكم مصرف مركزي جديد. يشرح الخبير الدستوري الدكتور عادل يمين أن “حكومة تصريف الأعمال وظيفتها أولاً تصريف الاعمال بحسب المادة 64 من الدستور، في حين أنّ التعيينات تعتبر من الأعمال التصرفيّة وليست ضمن نطاق تصريف الأعمال، الأمر الذي يعني أن التعيين يخرج عن نطاق اختصاص هذه الحكومة”، ويضيف يمين: “كذلك فإن رئيس الجمهورية هو صاحب الاختصاص للاستماع الى قسم يمين حاكم مصرف لبنان ولا يجوز أن يباشر أعماله قبل أن يقسم اليمين أمام الرئيس، وما دامت سدّة الرئاسة شاغرة فلا يستطيع الحاكم الذي يعين أن يباشر أعماله، وكذلك فإنه من غير الجائز أن تلزم الحكومة والعهد المقبلين بحاكم مصرف جديد لمدة ستّة سنوات مقبلة معيّنة من جانب حكومة غير مسؤولة أمام البرلمان وقاصرة”، ويعتبر أن “ليس من ضرورة للتفكير بحاكم جديد ما دام قانون النقد والتسليف واضح ويقول بأنه تؤول مهام الحاكم لنائبه الأول”.
مناورة سياسية
بالمختصر، يلفت عادل يمين إلى أنه “لا يوجد أي نصّ قانوني يسمح بالتمديد للحاكم ولكن قد يكون كل ما يحصل هو مناورة سياسية، الهدف منها القول إن الحكومة عاجزة عن التمديد والحاكم الأول استقال ويترك لوزير المال يوسف خليل اتخاذ القرار، وحتماً سيكون غير قانوني يكلف فيه الحاكم الحالي بالاستمرار بتسيير أعمال مصرف لبنان لحين تعيين حاكم جديد”.
كثيرة هي التكهنات بخصوص جلسة مجلس الوزراء غداً ولكن القانون واضح يتسلّم مهام الحاكم النائب الاول له، وفي النهاية على نواب الحاكم مسؤولية كبيرة وموقفهم يتضمن الكثير من الريبة ويحمل الشبهات، والأخطر من هذا كلّه أنهم يريدون الحصول على إعفاء مسبق… فلماذا يعتبرون سلفا أنهم سيخالفون القانون؟!.