“مطاعم المطار” على مأدبة “الأشغال”: الأرقام تُثير النوّاب

حطّ ملف مطار رفيق الحريري الدولي أمس، على طاولة لجنة الأشغال العامّة والنقل والمياه، للبحث في مسائل طرحت علامات استفهام حول جناحين أساسيّين. يتعلّق الأوّل بالسلامة العامّة للطيران المدني، لا سيّما بعد ورود تقارير محليّة ودولية تُثير الشكوك والمخاوف. ويرتبط الثاني بالبلبلة التي حرّكها تلزيم شركة «نيفادا» التابعة لوسام عاشور لإشغال وإدارة واستثمار مطاعم وكافيتيريات مبنى الركّاب في نيسان الفائت، لا سيّما وأن الأخيرة قد فازت على الشركة المُنافسة (LBBAC) التابعة لرئيس مجلس إدارة «الميدل إيست» محمّد الحوت، بفرق شاسع، فيما استبعدت شركة FHB MENA franchise من المزايدة لعدم استيفائها الشروط المطلوبة.

إزاء هذه الإشكالية التي ناقشتها لجنة الأشغال، عرض المدير العام للطيران المدني فادي الحسن لمراحل التلزيم، بدءاً من القيمة التقديرية للمزايدة وصولاً إلى مسار الإجراء والتنفيذ، ردّاً على تساؤلات بعض النوّاب المشاركين حول الفرق الكبير في العروض، إشارة إلى أنّ سعر الإفتتاح قد حُدّد بـ700 ألف دولار أميركي، لترسو المزايدة على شركة عاشور بمبلغ 3 ملايين و473 ألف دولار سنويّاً لمدّة أربع سنوات، مقابل أقل من مليون دولار للحوت. هذه الهُوّة أثارت جملة تساؤلات لدى النوّاب: هل يكمن الخلل في العرض الأدنى للدولة أم في الرقم الأعلى للفائز؟ ولماذا رفعت «نيفادا» السعر 4 أضعاف لضمان رسوّ المزايدة عليها؟ ومن أين سيحصّل المستثمر ربحه؟ من الركّاب والمسافرين؟ هل يرفع أسعار السلع في مطاعم وكافيتريات المطار وضمن أي حدود؟

في هذه القضية، تطرّق رئيس «هيئة الشراء العام» جان العليّة إلى الواقع القانوني، إذ اوضح أنّ لكلّ مزايدة «سعر الإفتتاح»، وعلى أساسه تتقدّم العروض ومن يُعطي الرقم الأعلى يفوز بالمناقصة. وأوصى العلية في جلسة الأشغال، الإدارات كافّة بوضع القيمة التقديريّة لأي مشروع، سواء أكان شراء أم مزايدة، بالإستناد إلى دراسات علمية تنطلق من واقع السّوق والبيانات المالية.

وأوضح أنّ «الهيئة» لا يمكنها رفض التلزيم حتى لو كان السعر مضاعفاً، طالما أنّ المزايدة خضعت للمسار القانوني الذي أُعلن عنه على موقع «الهيئة» وأُحيل إلى ديوان المحاسبة، معتبراً أنّ هذه المناقصة مُفيدة لخزينة الدولة. أمّا عن المخاوف لناحية عدم الإلتزام بالتنفيذ وفق دفتر الشروط، فلفت العليّة إلى «أننا نتسلّح بالقانون، الذي يجيز لنا وفق المواد، اعتبار الملتزم ناكلاً، وإعادة التلزيم على حسابه، ويحقّ للأدارة اقتطاع المبلغ من الكفالة ودعوته إلى إكمالها ضمن مهلة معيّنة».

وشدّد خلال الجلسة على مدى التنفيذ وفقاً لأحكام دفتر الشروط. ولهذه الغاية، أشار العليّة إلى أنّ «الهيئة» باشرت التدقيق وأرسلت خبيراً لمعاينة مساحات العمل في المطار، كما وجهت كتاباً إلى وزراة الأشغال العامّة والنقل والمديريّة العامة للطيران المدني، طلبت فيه بيانات حول المساحات المُستثمرة من قبل المُشغّل السابق بالمقارنة مع المساحات المُستثمرة من المُشغّل الحالي، مع تبرير الفارق إذا وُجد. وتوضيح مدى أهميته على الاستثمارات. كما طلبنا بيانات بجميع التعاقدات من الباطن التي أقدم عليها المُستمثر، خصوصاً بعد حديث أُثير عن أنّ شركة «نيفادا» التي استحصلت على الإلتزام، قد أوكلت التنفيذ إلى جهات أخرى. فشروط «التعاقد في الباطن»، تستوجب تقديم طلب من قبل الشركة إلى المديريّة العامّة للطيران، شرط موافقة الأخيرة بردّ معلّل بالمصلحة العامة، وبحسب قانون الشراء العام لا يجوز التنازل عن 50% من قيمة العقد».

لم يقف تدقيق هيئة الشراء عند هذا الحدّ، إذ طالب بتقرير يُفيد مدى التزام المُشغِل الحالي بدفتر الشروط الذي ينصّ على توظيف العاملين (إذا أرادوا) لدى المُشغّل السابق. وعلى ضوء الردّ المنتظر من الجهات المعنية، سنرسل خبراء لمعاينة الواقع والتأكّد من حسن تطبيق كامل الالتزام».

في سياق القضية، أشارت مصادر مطلعة إلى أنّ سعر الافتتاح الذي وضعته الدولة أي الـ 700 ألف دولار، لم يكن جديّاً ولا يعكس الواقع، فإذا كانت مأخوذة من «دفاتر الحوت»، فهذا يُشير إلى وجود خللٍ في استثماره، أما إذا كانت اعتباطية، فتكمن المشكلة بالجهة التي حدّدت السعر، وليست عند الشركة السابقة أو الحالية. فلا يُمكن التصويب على عاشور في هذه المسألة. وشدّدت على أهمية رقابة المديرية العامّة للطيران في التثبّت من لائحة أسعار السلع والمأكولات والخدمات في المطاعم والكافيتيريات وضبط «جنوحها»، وفق شروط ولوائح أسعار على الوزارة المعنيّة الموافقة عليها، إضافة إلى تحديد المساحات التشغيلية وعدم تبديلها أو التلاعب بها.

أمّا على المقلب الثاني من الملفات الجويّة للمطار، فبرز ملف السلامة العامّة، إذ لفت النائب وضّاح الصادق على هامش الجلسة، إلى أنّ الإتحاد الأوروبي منذ 2014 يرسل إنذارات الى المطار، إضافة إلى آخر تقرير صدر عن «اليازا» منذ 5 أشهر عن ما يحتاجه المطار ليتمكن من المرور على التدقيق الذي يتعرّض له خلال العام الحالي».

واعتبر أن «لا السوق الحرّة تُفيد ولا مطاعم ولا يبقى عندنا ركاب في المطار، وما يفيد هو أنّه يتمّ وضع المطار على لائحة المطارات غير المستوفية للشروط بالنسبة للإتحاد الاوروبي. وهذا يعني أمرين، أن شركات التأمين لن تؤمّن على الرحلات الجوية في المطار، وأنّ الخطوط الدولية لن تحطّ في مطار رفيق الحريري الدولي وبالتالي المطار تبقى حركته مقتصرة ربما على «الميدل ايست» وبعض حركة الطيران القليلة جدّاً».

مصدرنداء الوطن - طوني عطية
المادة السابقة“حزب الله” يخاطر بإخراج لبنان من النظام المالي العالمي
المقالة القادمةتقريرٌ لحميّة حول مطار رفيق الحريري