منتدى أفريقي يناقش في مراكش مستقبل الاستثمار

اتجهت أنظار المهتمين بقطاع الأعمال إلى مراكش المغربية التي تستضيف حاليا نسخة جديدة من منتدى الاستثمار الأفريقي، وسط توقعات ببلورة مجموعة من الإجراءات التي تنهض بهذا المجال الحيوي.

ويتطلع المنتدى، الذي يحمل في دورة هذا العام شعار “تحرير سلاسل القيمة في أفريقيا”، إلى أن يكون أهم منصة للقاءات الاقتصادية في القارة، كما يسعى إلى تحقيق قيمة مضافة للمستثمرين عبر اطلاعهم على الفرص المتوفرة في وقت تشهد فيه أفريقيا تحولا مهما.

ويجمع الحدث، الذي تختتم فعالياته الجمعة ويستمر ثلاثة أيام، قرابة 600 مشارك، من بينهم رؤساء دول وصناع قرار وشركات متعددة الجنسيات ومستثمرون، بهدف تدعيم شراكات حيوية لتوفير فرص للمستثمرين في عصر التحول الذي تمر به القارة.

ويؤكد المنظمون أن المنتدى يهدف بشكل أساسي إلى توفير آليات الاستثمار المناسبة للمستثمرين الباحثين عن فرص في الأسواق الناشئة.

وأوضحوا أن من شأن ذلك تقديم حلول فعالة للمستثمرين الذين يسعون إلى توجيه رأس المال إلى القطاعات الحيوية، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة والبنك الأفريقي للتنمية وأجندة الاتحاد الأفريقي لعام 2063.

ويعقد المنتدى، وهو السوق الأولى في أفريقيا، طاولات مستديرة للمستثمرين لحشد الاهتمام بالصفقات القابلة للتمويل في مجالات الطاقة والأعمال التجارية الزراعية والتصنيع وغيرها من القطاعات التي تتمتع فيها أفريقيا بميزة نسبية.

وفي رسالة وجهها إلى المنتدى، قال العاهل المغربي الملك محمد السادس إن القارة “تواجه تحديات اقتصادية معقدة ناجمة عن التوترات الجيوسياسية التي تتجاوز الحدود الأفريقية”.

وأكد في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى، الذي عقد تحت شعار “إطلاق سلاسل القيمة في أفريقيا”، أن تغير المناخ وأسعار الفائدة المتصاعدة ودوامة التضخم المستمرة، جميعها شكلت تحديات أمام الاقتصاد الأفريقي.

وأشار الملك محمد السادس إلى أن المغرب دعا إلى تعزيز آليات التنسيق والتعاون فيما بين البلدان الأفريقية في إطار تحقيق التكامل الاقتصادي الإقليمي، وحث أيضا الدول على وضع تنمية البنية التحتية على رأس الأولويات.

وشكلت أهمية التصنيع المسؤول والمستدام في التنمية الاقتصادية لأفريقيا، محور نقاش نُظم الأربعاء الماضي في إطار الدورة الرابعة للمنتدى.

وأبرز المتدخلون خلال النقاش الفرص المتاحة في مجال الاستثمار في التصنيع المسؤول لاسيما من خلال اعتماد التكنولوجيا النظيفة، وتنمية نماذج الاقتصاد الدائري وتعزيز سلاسل التوريد المسؤولة.

وشددوا على ضرورة الاستثمار في البنيات التحتية باعتبارها وسيلة فعالة لتسريع التنمية الصناعية بأفريقيا واستكشاف الطريقة المثلى للرفع من القيمة المضافة والتشغيل في القارة.

وأكد رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب شكيب لعلج أن “التصنيع المسؤول لا محيد عنه”، مبرزا الثروات التي تزخر بها القارة، “والتي يجب الاستفادة منها بشكل كامل”.

ونسبت وكالة الأنباء المغربية الرسمية إلى لعلج قوله إنه “يجب الأخذ بعين الاعتبار آثار التغير المناخي خلال عملية التصنيع”.

وأشار إلى دور علامة المسؤولية الاجتماعية للشركات التي يمنحها الاتحاد العام لمقاولات المغرب بعد تقييم سلوكياتها في العديد من المجالات.

ولفت الرئيس المدير العام لـ”مجموعة سهام” حفيظ العلمي إلى مكتسبات المغرب في الصناعة، مشيدا بقطاع السيارات، الذي نجح في التوجه نحو إنتاج قرابة مليون سيارة بمعدل إدماج بلغ 69 في المئة.

وكان أحد تداعيات الأزمة الصحية، هو سعي الكثير من الجهات لتقليل الاعتماد على الدول الأجنبية في وارداتها، وبدت أفريقيا أيضا معنية بظاهرة تراجع العولمة وإعادة توطين الصناعات.

وبشكل عام، كانت القارة أقل تضررا من القارات الأخرى، فقد شهدت تباطؤا أضعف في نشاطها الاقتصادي في عام 2020 بنسبة انكماش بلغت 2.2 في المئة مقارنة بالمعدل العالمي الذي بلغ 3.3 في المئة.

والتوقعات لعام 2023 ليست شديدة القتامة رغم التهديد الذي لا يزال قائما بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا على كافة الاقتصادات.

وشدد الرئيس المدير العام لمجموعة أفريكا فينناس كوربوريشن سامايلا زوبايرو على ضرورة أخذ زمام المبادرة والعمل على تحويل المخاطر والفرص المتاحة إلى مشاريع ملموسة.

وأوضح خلال الجلسة أنه يجب الاستثمار في سلاسل القيمة، وتحسين الصادرات والحرص على جاذبية الرساميل المحلية.

وتبدو عملية تطوير البنى التحتية وكل المقومات المرتبطة بها مثل الطاقة وتوفير المواد الخام والتحول الأخضر عوامل رئيسية لجعل الصناعة الأفريقية تسير في منحى تصاعدي وبالتالي تحفيز أصحاب رؤوس الأموال على ضخ استثمارات جديدة.

واعتبر آلان إبوبيسي، المدير العام لصندوق أفريكا 50، وهو أحد المساهمين في المنتدى، أن تطوير البنية التحتية أمر مهم كونها العنصر الرئيسي لأجل “تحرير سلاسل القيمة بطريقة مسؤولة”.

وقال “علينا التزود بمزيج طاقي مهم لدعم التصنيع المستدام”. وأوضح أن الأمر يتعلق كذلك بتنمية إنتاج الكهرباء واستغلال الغاز الطبيعي بصورة نشطة من أجل تحقيق هذه الغاية.

ويعتقد البعض أن التضخم في أسعار المواد الخام المصدرة سيعوض التضخم في الواردات باعتبار أن بلدان القارة لم تكن الضحايا الأكبر للوباء، وتسعى الحكومات الأفريقية إلى بناء جدار صد لتأثيرات الحرب في شرق أوروبا.

وهناك إشارة إيجابية أخرى هي عودة ثقة المستثمرين في أفريقيا إلى مستوى أعلى مما كانت عليه قبل الجائحة.

ووفق مسح أصدرته شركة ديلويت للاستشارات قبل أشهر استطلع آراء 190 من أصحاب الأعمال الناشطين في القارة، أعرب 78 في المئة منهم عن ثقتهم بآفاق التنمية الخاصة بهم مقارنة بنحو 61 في المئة قبل أزمة كوفيد و40 في المئة خلالها.

ومنذ انطلاقه في العام 2018، جمع المنتدى الذي يعد مبادرة من البنك الأفريقي للتنمية وسبعة شركاء مؤسسين آخرين، منهم مؤسسة التمويل الأفريقية والبنك الأفريقي للاستيراد والتصدير وبنك التنمية للجنوب الأفريقي، نحو 143 مليار دولار من الفوائد الاستثمارية.

 

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةمباحثات اقتصادية أميركية صينية تمهيداً للقاء بايدن وشي
المقالة القادمةجبهة غربية لتخفيف قبضة الصين على سوق المعادن النادرة