على جدول أعمال اللجنة المكلّفة متابعة الأمن الغذائي قرار بمنع تصدير السلع الغذائية إلى الخارج بهدف الحفاظ على موارد لبنان للاستهلاك المحلّي. قرار كهذا يأتي متأخراً جداً. إذ كان يجب أن يصدر فور انهيار سعر الليرة مقابل الدولار. وكان يفترض أن يكون قراراً ملحاً يوم تقرّر دعم بعض أنواع السلع الغذائية والشخصية والأدوية وسواها. اليوم، تلقي الحرب الروسية – الأوكرانية وزراً جديداً على لبنان، وسط تأخّر حكومي في التهيؤ لتداعيات الحرب على سلاسل التوريد وأسعار السلع الأساسية وسواها. تضع اللجنة الوزارية على جدول أعمالها بند منع التصدير من دون أي درس لجدوى المنع. إذ لم تجر أي دراسة لحاجات السوق المحلية والفترة اللازمة تغطيتها، ولا للكميات المنتجة محلياً وتلك المتاحة للتصدير. كما لم تؤخذ في الاعتبار أي دراسة حول أكلاف الإنتاج، وكلفة المواد الأولية المستوردة بالدولار التي لا يمكن تمويلها من دون تصدير قسم من المنتجات المحلية، لا سيما في مجال الصناعات الغذائية. باختصار، لم يدرس شيء، بل اتخذ قرار عشوائي بالمنع كخطوة غرائزية. علماً أن ما يصدّره لبنان في هذه الفترة من السنة، أي بعد انتهاء المواسم الشتوية، يكاد لا يذكر. فخلال الشهر المقبل تحلّ مواسم الاكيدنيا والكرز واللوز وسواها، وبعض هذه الأنواع يصدّر إلى الخارج في العادة من دون أن يؤدي إلى حرمان السوق المحلية من حاجات الاستهلاك. صحيح أن التصدير يرفع الأسعار المحلية قليلاً، لكن منعه من دون دراسة أمر اعتباطي.
في الجدول المرفق أبرز صادرات لبنان، وغالبيتها تتعلق بموسم الصيف لا الربيع. وتمثّل الصناعات الغذائية النسبة الأكبر من الصادرات، إذ تصل قيمة صادراتها من معلّبات خضر ومربيات وكبيس (باستثناء الصلصة) إلى نحو 101 مليون دولار. وتحل الأغنام ثانية في لائحة الصادرات اللبنانية رغم أنه ليست في لبنان مزارع تربية، بل تتم تربية الأغنام في الجرود بين لبنان وسوريا. وغالبية المزارع السورية القريبة من الحدود اللبنانية تسجّل أغنامها في المزارع اللبنانية للاستفادة من خطوط التصدير في لبنان.
كما أن هناك مواسم لا يزال مبكراً الحديث عن منع تصديرها كالعنب والصنوبر الحب وزيت الزيتون، وأخرى انتهى موسمها كالبرتقال الذي لم يتمكن لبنان من تصدير كميات كبيرة لأن السوق الأساسية لمزارعي الحمضيات هي السعودية. كما أن الموسم ليس موسم بطاطا. فهل زار وزير الزراعة برادات البطاطا ومنع تصدير الكميات المخزنة إلى الخارج؟ وهل يمكنه أن يمنع تدفق البطاطا المصرية إلى لبنان، أم أن مصر ستوقف تصدير الكميات إلى لبنان بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية؟ هل هناك حاجة، مثلاً، لمنع تصدير البن المحمّص، علماً أننا نستورد البن ونحمّصه ونطحنه ونعلّبه ونصدّره إلى الخارج؟ هل يريد لبنان منع تصدير النبيذ مثلاً؟ وهل ستُمنع إدارة حصر التبغ والتنباك المرتبطة بعقود إنتاج لحساب شركات عالمية من تصدير السجائر التي تصنّعها لها؟
قرار منع التصدير مهمّ، لكن كان الأجدى دراسته وتنفيذه سابقاً عندما استعرت الأزمة واحتكر التجار الكثير من السلع الغذائية وصدّروا المدعوم منها، لا اتخاذه بعشوائية وخفّة كما هي الحال اليوم.