حتى الآن كل النقاش المتعلق بتوزيع الخسائر محصور برساميل المصارف والمودعين. من خسر أكثر ومن خسر أقلّ. لكن مسألة توزيع الخسائر يجب أن تأخذ في الاعتبار أن عملية تعميم الخسائر التي مارسها مصرف لبنان بغطاء من قوى السلطة، أو بالأحرى عملية التوزيع المستترة للخسائر، تحمّل المجتمع خسائر لا يمكن حسبانها. الحسابات البسيطة تكمن في الخسارة اللاحقة بالناتج المحلي الإجمالي من 55 مليار دولار قبل الأزمة إلى 22 مليار دولار (وفق البنك الدولي) في 2021، أي خسارة بقيمة 33 مليار دولار. لكن هذه الطريقة فيها الكثير من التسطيح لمسائل أكثر عمقاً وتعقيداً في بنية المجتمع لأنها لا تأخذ في الاعتبار التداعيات الطويلة المدى للفقر على المجتمع وعلى نوعية التعليم والرعاية الصحية مثلاً. ولا تأخذ في الاعتبار أيضاً أن الهجرة ستكون لها مفاعيل سلبية على الاقتصاد. فالهجرة تعني خسارة هائلة في الاستثمارات التي وضعتها الأسر في أبنائها لتعليمهم وإكسابهم المهارات والخبرات المهنية، ولا تشمل كلفة إعادة تشغيل المؤسسات التي أغلقت جزئياً أو كلياً، ولا تشمل كلفة استبدال الخبرات التي هاجرت والتداعيات الملازمة لذلك، ولا تشمل كلفة إعادة تكوين الاحتياطات بالعملة الأجنبية… ثمة الكثير من العوامل التي تقول إن الخسائر التي حفّزها حاكم مصرف لبنان بغطاء القوى الحاكمة هي أكبر بكثير.