لا تختلف موازنة العام 2025 عن بقيّة الموازنات، التي قدمتها الحكومة في السنوات الماضية، والتي يفترض فيها أن تحمل رؤية إقتصادية وتكون خطة الدولة التي ستساعد البلاد على الخروج من الإنهيار الذي تمرّ به، ولكن الواضح أن كلّ ذلك غير موجود حتى الساعة، لا بل على العكس فإنّ الموازنة هي موازنة ضرائب بامتياز.
لا تزال الحكومة، عبر وزارة المال، تبحث عن المزيد من الايرادات لتمويل الدولة منها، وذلك عبر زيادة الضرائب، وهذه المرة أيضاً من باب الرواتب والأجور عبر احتساب الضريبة المتوجّبة على الرواتب والأجور المدفوعة جزئياً أو كلياً بالعملات الأجنبية بالليرة اللبنانية، إنّما وفقاً لسعر الصرف المحدّد من مصرف لبنان، وهذا ليس كل شيء فهناك سعي لدى مصرف لبنان لجمع الليرة اللبنانية، وهذا يبدو واضحاً من خلال البند الذي أُضيف والذي فرض على أصحاب العمل تحويل المبالغ المقتطعة من أجور العمال إلى الخزينة، والتي كانت تدفع بالعملة التي يتم فيها الدفع إلى الليرة اللبنانية، وتسديدها بهذا الشكل إلى خزينة الدولة.
“لازلنا في إطار الموازنات السابقة نفسها”. هذا ما يؤكده المحامي نجيب فرحات، لافتاً، عبر “النشرة”، إلى أنه “لا يوجد في موازنة 2025 أي انفاق استثماري، كما لا يوجد مشاريع جديدة ولا انفاق يطور من الواقع الذي نحن فيه”، معتبراً أننا “في موازنة 2025 لا نزال في إطار الأجور والرواتب والضرائب والنفقات العادية، كما الضرائب التي يُحكى أن مقاديرها سترتفع”، مشدداً على أنه “لا يوجد موازنة تحمل مشروعا إقتصاديا أو رؤية إقتصادية تساعد على الخروج من الذي نحن فيه، هي ببساطة عبارة عن تعديلات على النفقات والضرائب بشكل عشوائي، في حين أن الموازنة يجب أن تكون خطّة الدولة المالية لإخراجنا من الذي نحن فيه”.
ويؤكد المحامي فرحات أن “الدولة قادرة على البحث عن إيرادات من خارج جيوب الناس، مثل الأملاك العامة البحريّة التي لم تطبّق القوانين فيها، أو الأملاك العامة النهريّة التي لا يوجد نصوص قانونيّة تحقّق للدولة إيرادات عبرها”، لافتاً إلى أن “الدولة إختصرت كلّ هذا المشوار برفع الضرائب، وهذا ليس من شأنه أن يخفف التضخم بل يزيده”.
بدوره، يشرح الخبير والباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين أن “الدولة هذا العام متساهلة في موضوع الرسوم على الاملاك البحريّة، لسبب بسيط هو أن الحركة السّياحية تأثرت كثيرا نتيجة الحرب في غزّة، وبالتالي كان متوقعاً، على سبيل المثال، في مكان أن يأتي 2000 شخص يومياً في حين بات العدد النهائي 200″، مشيراً إلى أنه “في الموازنة السابقة أعادت الحكومة الرسوم على الأملاك البحرية كما كانت بالدولار قبل الأزمة، ولكن المشكلة أن التخمين لا يزال منخفضاً، مثلاً متر الأرض في جبيل لا يزال بـ100 أو 150 دولارا، وهذا قليل وهنا المشكلة الحقيقية”.
إذاً، وبإنتظار جلاء كل بنود موازنة 2025، يبقى الأساس أنّ الحكومة لا تزال تسير على نفس المنحى، كما في السنوات السابقة، وتركّز على زيادة الضرائب لزيادة الايرادات، وتتغاضى عن فكرة أنه يجب وضع موازنة تتضمن رؤية اقتصادية تساعد على خروج البلاد من الدوامة التي هي فيها.