موازنة 2026 تكرار لما سبقها: ايرادات ونفقات لتسيير أمور الدولة بحدها الأدنى

بدأت الحكومة مناقشة مشروع موازنة العام 2026، والتي كان من المتوقع أن تكون مختلفة عن السنوات الماضية، ولكن هذا لم يحصل في الحقيقة، والنتيجة لم تكن على قدر التطلعات، فما تضمنته هو ايرادات ونفقات دون رؤية للمستقبل أو أي خطط استراتيجية…

“تُقدَّر إيراداتها بـ505.7 تريليون ليرة لبنانية، بزيادة كبيرة تبلغ 13.6% مقارنة بقانون موازنة 2025 (445.2 تريليون)”. هذا ما يراه الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة، لافتاً إلى أنها “زيادة تفوق بكثير إيرادات عام 2021 البالغة 18.8 تريليون ليرة”. الا أن المحامي نجيب فرحات يرى أنه ورُغم ذلك فلا زلنا في نفس إطار الموازنات، التي كانت تصدر في السنوات الماضية، ولا يوجد أي إبتكار فيها، وبالتالي لا زلنا بإطار تسيير أمور الدولة بحدها الأدنى، في ظلّ غياب المشاريع الاستثمارية.

ويشير عجاقة إلى أن “زيادة الايرادات بقيمة 18.8%، تعود إلى الايرادات الضريبية التي بلغت 416.1 تريليون ليرة، بزيادة توازي 15.1% عن موازنة العام 2025”. وفي هذا السياق يلفت فرحات إلى أنه “في موضوع الايرادات الضريبية لم يتم الذهاب إلى الضرائب التي يمكن أن تؤمن مصدر تمويل للدولة، كالاملاك البحرية والضرائب المفروضة على أصحاب المولدات وغيرها، وبالتالي لا يوجد تخطيط للقيام بالمشاريع الاستثمارية”.

على صعيد النفقات، فالتشغيلية منها تصل إلى حدود 88.9% و11.1% هي للاستثمارية. ويلفت فرحات إلى أن “الأرقام الموضوعة في الموازنة على صعيد النفقات هي فقط لتأمين كيفية صرف الدولة، ولا تتضمن أي وفر أو تقشف”، بدوره يشير عجاقة إلى أنه “في الموازنات السابقة كانت نسبة النفقات تبلغ بحدود 94%، وبالتالي إنخفاض الرقم إلى 88.9% في موازنة 2026 يعد أمراً جيداً”، موضحاً أن “من ضمن النفقات هناك المخصصات والرواتب والأجور وملحقاتها، والتي تبلغ 111.5 تريليون ليرة، بند التحويلات، الذي يصل إلى 63 تريليون ليرة، والذي يشمل دعم المؤسسات العامة، الدعم المباشر للقاعات الحيوية والتحويلات للخارج، إضافة إلى المنافع الاجتماعية وتشمل دعم المواد الأساسية، خدمات إستهلاكية بقيمة 4.8 تريليون ليرة، للنفقات الطارئة والاستثنائية التي خُصِّص لها 30.5 تريليون ليرة”.

إذا أردنا أن نتحدث عن موازنة شفافة علينا أن نلجأ إلى قطع الحساب، وحتى اليوم المشكلة الأساسية هي في غياب قطوعات الحسابات عن كلّ الموازنات. ويؤكد فرحات أن “الموازنة لا تعالج مشكلة الدين العام خصوصاً”. أما عجاقة فيشير إلى أن “هناك أموراً أخرى لم تلحظها، أبرزها مستحقات الدولة العراقية على الدولة اللبنانية من الفيول، والتي هي بالليرة وتبلغ ملياري دولار أميركي، كذلك لم تتطرق الدولة إلى مسألة إعادة هيكلة الدين العام، وظهر ذلك من خلال النفقات أيضاً، حيث ليس هناك قطوعات حساب”.

يبدو أنه وحتى الساعة الدولة لا زالت تعمل على قاعدة “سيري وعين الله ترعاكي”، ويبدو أيضاً أن الحكومة الحالية لا تنوي أن تخطو خطوات عملية الا بالكلام فقط، وموازنة 2026 أكبر دليل، والمثل السائد اليوم “شو ما كان مهم في موازنة”…

مصدرالنشرة - باسكال أبو نادر
المادة السابقةالتقلبات المزمنة تهيمن على ديناميكيات سوق النفط العالمية
المقالة القادمةمشروع “الانتظام المالي”: ملاحظات ومخاوف مشروعة