موجات استدانة جديدة للإمارات والسعودية والبحرين

دخلت الإمارات والسعودية والبحرين في موجات جديدة من الاستدانة وتراجع الاحتياطيات، الأمر الذي يعكس الصعوبات المالية التي تواجهها الدول الثلاث في ظل جائحة فيروس كورونا الجديد وعدم ملائمة عائدات النفط الاحتياجات التمويلة رغم ارتفاع أسعار الخام في الأسابيع الأخيرة.

وأظهرت وثيقة مصرفية، أن إمارة دبي، كلفت بنوكاً لترتيب اتصالات مع مستثمرين، قبل طرح صكوك وسندات (أدوات دين) بالدولار لأجل 10 أعوام و30 عاماً.

وأشارت الوثيقة، وفق وكالة رويترز، أمس الاثنين، إلى أن الاقتراض المنتظر، يأتي ضمن برنامج لإصدار صكوك بـ 6 مليارات دولار وسندات بـ 5 مليارات دولار. وفي مارس/ آذار 2019، جددت دبي المثقلة بالديون، قرضاً بقيمة 10 مليارات دولار لمدة خمسة أعوام مع المصرف المركزي الإماراتي، بينما كانت قد نالت في 2018 قروضاً بقيمة 10 مليارات دولار من أبوظبي لمدة خمسة أعوام أيضا.

وتعاني إمارة دبي من تداعيات أشد قسوة مقارنة بالإمارات الست الأخرى، في ظل جائحة فيروس كورونا التي عصفت بقطاع السياحة الحيوي بالنسبة للإمارة الصاخبة، وكذلك قطاعات العقارات والتجارة والبنوك.

وقالت مجموعة ميتسوبيشي يو.إف.جي المالية اليابانية، مؤخرا إن من المتوقع أن ينكمش اقتصاد دبي بنسبة 5.2% هذا العام بسبب تأثير جائحة كورونا، لكن ربما يشهد انتعاشا في النمو ليسجل 4.3 في المائة في العام المقبل.

وأضاف البنك في تقرير أنه في حين أن القطاعات الاقتصادية الحيوية في الإمارة تعرضت لضربة شديدة جراء الأزمة الصحية العالمية، فإن المؤشرات تنبئ بعودة النشاط الاقتصادي إلى طبيعته.

وكانت دبي تستعد لزيادة الدخل والنشاط الاقتصادي من استضافة معرض إكسبو دبي خلال العام الحالي، لكن تقرر تأجيله لمدة عام بسبب الجائحة. وتوقعت شركة داماك العقارية في بيان لها مؤخرا، فترة “صعبة” تمتد إلى عامين لسوق العقارات في دبي، حيث أدى تأثير فيروس كورونا إلى انخفاض أسعار العقارات.

ورغم تمتع إمارة أبوظبي بثروات نفطية كبيرة وصندوق سيادي ضخم، إلا أنها تسعى أيضا نحو مواصلة الاقتراض. فقد أظهرت وثيقة مصرفية أيضا، وفق رويترز، الثلاثاء الماضي، أن أبوظبي بدأت تسويق سندات مقومة بالدولار، تتوزع على ثلاث شرائح لأجل ثلاث سنوات وعشر سنوات ونصف السنة و50 عاماً، لتتخطى كلّاً من السعودية ومصر في طرح أدوات دين، هي الأطول زمنياً على الإطلاق في المنطقة العربية وبلدان الشرق الأوسط، وفق مسح لـ”العربي الجديد”، ما يؤشر إلى دخول الإمارة حقبة تاريخية جديدة تمتد لنحو نصف قرن من الديون.

وكانت السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، قد تقاسمت مع “مصر الفقيرة” على حد وصف رئيسها عبد الفتاح السيسي، لقب البلد الأطول في سنوات الاقتراض، بعد أن طرحت سندات دولية في إبريل/ نيسان الماضي يصل أجلها إلى 40 عاماً، وهي نفس المدة التي جعلت مصر حتى نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 صاحب لقب البلد الأول عربياً في مدة الاقتراض على الإطلاق.

وبدأت الإمارات، ثاني أكبر اقتصاد في منطقة الخليج، عام 2020 بإطلاق أكبر ميزانية اتحادية في تاريخها بمقدار 61 مليار درهم (16.6 مليار دولار) بعجز صفر، إلا أن جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية تتجه بالدولة إلى تسجيل أسوأ عام في تاريخها.

وحتى الآن، لم تصدر الإمارات أية بيانات رسمية تظهر التأثير الحقيقي للجائحة على ميزانيتها، وآخر بيانات نشرتها حكومة الإمارات في منتصف أغسطس/ آب الجاري تتناول أداء الميزانية في الربع الأول من 2020، وهي الفترة التي سبقت تفشي الجائحة.

لكن صندوق النقد الدولي توقّع في يونيو/ حزيران الماضي انكماش اقتصاد الإمارات بنسبة 4.3% في 2020، وارتفاع العجز بأربعين ضعفاً عنه في 2019.

ومؤخراً ذكرت وكالة موديز للتصنيف الائتماني العالمية أن الإمارات ستعاني من انكماش حاد، مشيرة إلى أن ديون الكيانات المرتبطة بحكومة دبي لا تزال أكثر عرضة للمخاطر الكلية بسبب حيازتها في قطاعات العقارات والنقل والسياحة.

وسجلت دول مجلس التعاون الخليجي الست عجزاً مالياً متفاقماً خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري بقيمة 180 مليار دولار، متأثراً بتهاوي عائدات النفط وتداعيات كورونا، التي شلّت مختلف الأنشطة الاقتصادية.

وتستأثر السعودية وحدها بنحو 55% من إجمالي العجز في دول الخليج، وفق تقرير صادر مؤخراً عن وكالة “ستاندرد آند بورز” للتصنيف الائتماني العالمية، التي توقعت ارتفاع العجز التراكمي إلى نحو 500 مليار دولار بحلول عام 2023.

وتمت تغطية عجز دول الخليج خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري باقتراض 100 مليار دولار، منها حوالي 60.3 مليار دولار على شكل سندات بارتفاع 10 مليارات دولار عن العام الماضي 2019، فيما تمت تغطية الجزء المتبقي (80 مليار دولار) بالسحب من الاحتياطيات العامة.

وأظهرت بيانات صادرة عن مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي)، اطلعت عليها “العربي الجديد”، تراجعا مستمراً في الأصول الاحتياطية، التي تشمل النقد الأجنبي والذهب والاستثمار في الأوراق المالية بالخارج.

وبلغت الأصول الاحتياطية، وفق النشرة الإحصائية الشهرية، الصادرة عن مؤسسة النقد، يوم الأحد الماضي، 1.67 تريليون ريال (447.7 مليار دولار) في يوليو/تموز الماضي، مقاربنة بنحو 1.88 تريليون ريال (503.4 مليار دولار) في نفس الشهر من العام الماضي.

وفي البحرين الأفقر خليجيا من حيث موارد النفط، تخطط الحكومة لطرح صكوك وسندات دولية خلال الفترة المقبلة، وفق رويترز، الأحد الماضي.

وكانت البحرين، قد حصلت على إنقاذ مالي في عام 2018 عبر حزمة مساعدات بقيمة 10 مليارات دولار من جيرانها الأثرياء لتفادي أزمة ائتمانية، كما جمعت المملكة ملياري دولار في مايو/ أيار الماضي لتقوية أوضاعها المالية التي عصف بها تراجع أسعار النفط وأزمة كورونا.

مصدرالعربي الجديد
المادة السابقةتراجع مبيعات التجزئة في اليابان خلال الشهر الماضي
المقالة القادمةبورصات الشرق الأوسط تنتعش تفاؤلاً بلقاح «كورونا» والنفط