موريتانيا تحصي أصولها المعدنية بحثا عن بوصلة جديدة

كشفت الحكومة الموريتانية أنها تعكف على وضع اللمسات الأخيرة استعدادا للقيام بأول إحصاء شامل بقطاع المعادن في تاريخ البلاد، والذي يتوقع أن يعطي ملامح دقيقة عن حجم الأصول في هذا القطاع الاستراتيجي.

ولطالما أكد خبراء بأن موريتانيا، أضعف اقتصادات دول المغرب العربي، بحاجة ماسة لوضع استراتيجية شاملة لتطوير القطاع ومعالجة الاختلالات التي يعاني منها والتي تفاقمت بدرجة خطيرة خلال السنوات الماضية بسبب ارتباك السياسات الحكومية.

وبدأت نواكشوط في ضبط إيقاع عمليات التنقيب عن المعادن الزاخرة في أراضيها بعد أن كانت تسودها الفوضى، بهدف تنظيمها واستقطاب الشركات الاستثمارية العالمية لاستخراجها.

وحتى تسير الأمور وفق ما هو مخطط أسست وزارة النفط والطاقة والمعادن شركة تحت اسم “معادن موريتانيا” في مارس الماضي، لتنفيذ الإصلاحات الهادفة للنهوض بنشاطات التعدين التقليدي، وشبه الصناعي في البلاد، فضلا عن تنظيم قطاع التعدين بشكل عام، ورقابة أدائه.

وتأتي هذه الخطوة في سياق برنامج الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي تعهد بتوسيع البنية التحتية الداعمة للقطاع المعدني والرفع من جاذبيته ومردوديته وانعكاساته الاقتصادية، كما التزم بتحفيز مشاركة الاستثمار المحلي في القطاع، وتنويع الإنتاج، وتشجيع الصناعات التحويلية.

وذكرت وكالة الأنباء الرسمية الأربعاء أن شركة معادن موريتانيا فتحت 11 منطقة تنقيب جديدة أمام المنقبين عن الذهب في البلاد، كانت مصنفة في السابق “مناطق عسكرية مغلقة”.

وقالت الشركة في بيان صادر عنها أنها ستسهر على “توفر الحاصلين على رخص التنقيب على الظروف الملائمة للنشاط دون مضايقة”، كما ستعمل على “تطبيق القانون بكل حذافيره”.

وحذرت الشركة، التي يديرها حمود ولد امحمد من أي “مخالفة للقوانين أو احتيال عليه”، معبرة عن أملها في “ألا تدفع لتطبيق العقوبات الصريحة، والصارمة في هذا المجال على المخالفين”.

ووفق دراسات أجرتها وزارة النفط، فإن البلاد ترزح تحت احتياطات كبيرة من أنواع مختلفة من الثروات المعدنية وهي تحتاج لاستثمارات ضخمة من أجل استخراجها.

وتشير البيانات الرسمية إلى أن موريتانيا لديها أكثر من 1.5 مليار طن من خامات الحديد، واحتياط من الذهب يزيد على 25 مليون أونصة، ونحو 28 مليون طن من النحاس، إضافة إلى أكثر من 140 مليون طن من الفوسفات، إلى جانب معادن أخرى كثيرة.

وأكدت معادن موريتانيا أنها حريصة على أن تتوفر للحاصلين في البلاد على رخص التنقيب، الظروف الملائمة للنشاط دون مضايقة، وستعمل على تطبيق القانون، موضحة أن هذا هو الكفيل بخدمة الجميع.

وقالت الشركة إن هدفها العمل على تحقيق مصلحة الجميع، مشددة على أهمية إنجاز مختلف الإجراءات القانونية ومراعاة كل ضوابط العمل واحترام قواعد السلامة.

ويقول محللون إن هذه التحركات تشي بأن هناك تغيرا قد يطرأ على إدارة القطاع مستقبلا بما أنه رافد مهم لخزينة الدولة بعد الثروة السمكية.

ولكنهم أشاروا في المقابل إلى أن نواكشوط عليها وضع معايير وحوافز حتى تستقطب المستثمرين المحليين والأجانب باعتبار أن عمليات التنقيب تحتاج إلى أموال طائلة وكذلك الوقت من أجل بلوغ النتائج المرجوة.

وتقول اللجنة الوطنية لمبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية إن هذه الصناعة جزء كبير من الاقتصاد الموريتاني. وتشير اللجنة إلى أن القطاع يساهم بنحو 38 في المئة إلى الناتج المحلي الإجمالي بما في ذلك خام الحديد.

وتصدر موريتانيا مواد خاما من المعادن بقيمة سنوية تبلغ أكثر من 2.5 مليار يورو، أي حوالي 80 في المئة من إجمالي الصادرات.

وتلقت جهود الحكومة لإنعاش الاقتصاد المتعثر ضربة موجعة بسبب أزمة كورونا التي خلفت آثارا واضحة على أضعف اقتصادات دول المغرب العربي.

وقال وزير الاقتصاد عبدالعزيز ولد الداهي في يونيو الماضي إن الحكومة تتوقع عجزا في الميزانية قد يصل إلى 5 في المئة بسبب تداعيات الوباء.

ونسبت وكالة الأنباء الرسمية لولد الداهي قوله حينها إن “الحكومة استطاعت تعبئة 55 في المئة من الموارد المالية لخطتها بشأن مواجهة كورونا”، مشيرا إلى أن الترتيبات جارية للحصول على النسبة المتبقية.

من بين النقاط التي ناقشها اجتماع لجنة اليقظة الاقتصادية، التابعة للجنة الوزارية التي شكتلها الحكومة لمواجهة كورونا قيام مجموعة العشرين بتجميد الديون وجدولة
تسديدها.

وطالبت موريتانيا أكثر من مرة على لسان رئيسها محمد ولد الشيخ الغزواني، وعدد من الوزراء في مناسبات وقمم مختلفة، بإلغاء كامل ديون القارة الأفريقية حتى تتسنى لها مواجهة الواقع الذي فرضته مواجهة الوباء، وتحديات التنمية والأمن.

وكانت الحكومة قد قالت العام الماضي إن ديون البلاد، التي تمثل 73 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، أخذت بشروط ميسرة وهو ما أكده صندوق النقد الدولي.

وقالت حينها إن القروض التي حصلت عليها أنفقت في مشاريع وبنى تحتية، وليست من أجل الدراسات والدعم المؤسسي واقتناء السيارات وتأثيث المكاتب.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةأبو حيدر: سنكون أمام أزمة كبيرة جداً في حال رفع الدعم
المقالة القادمةإعادة إعمار مرفأ بيروت محور جاذب للاستثمار الدولي