بعد ثماني سنوات من إنطلاق مشروع التعاقد مع الشركات(BUS، KVA، NEUC، وشركة مراد MRAD التي أدخلت في العام 2019 دون إجراء مناقصة) تبحث وزارة الطاقة “إمكانية تجديد عقود مقدمي الخدمات والآليات القانونية المطلوبة لذلك”. وهذا البحث، ليس إلاّ “تمهيد إعلامي للتجديد”، وفق ما تراه مصادر في مؤسسة كهرباء لبنان، إذ “هكذا تجري الأمور منذ العام 2012. فالتمديد ساد طيلة تلك الفترة، وسبقه بحث ومشاورات لم تأخذ بعين الإعتبار فشل الشركات في أداء المهام الموكلة إليها”.
تجديد العقد الذي تنتهي مفاعيله نهاية العام الجاري، يعني تجديد مأساة المياومين المأخوذين رهائن منذ لحظة التعاقد، فضلاً عن كونه يبتزّ الحكومة في هذا الظرف الإقتصادي الصعب. علماً أن التجديد يعني ترتيب أعباء على الدولة بالدولار، كونها تعيد دفع ما تصرفه الشركات لإصلاح الأعطال وشراء المعدات وما إلى ذلك.
يعيد التجديد طرح علامات الاستفهام التي دارت حول الشركات ومهامها. فإن أتت لتحسين الجباية، فقد تراجعت إلى نحو 60 بالمئة، فيما كانت نحو 90 بالمئة قبل المشروع، حين كان المياومون يعملون مباشرة لصالح مؤسسة كهرباء لبنان، ويطالبون بالتثبيت ضمن ملاكها. أما مشروع العدادات الذكية، فحدث ولا حرج، لم يُستَكمَل التركيب في كل المناطق، فضلاً عن عدم جدواه، إذا لم يتم إنشاء السنترال الرقمي المرتبط بالعدادات. كما أن الهدر الفني والتقني لم يتراجع.. فأي خدمات تبحث الوزارة ملف تجديدها؟”.
تؤكد المصادر أن “انتظار اللحظات الأخيرة لتجديد العقود، هدفه وضع الحكومة أمام خيارين، إما توقّف ما تبقّى من خدمات، وبالتالي تهديد الناس بحرمانهم ما يحصلون عليه من بقايا كهرباء، أو التجديد. على أن ورقة الابتزاز الأكبر، هي تهديد فرص عمل ما تبقّى من مياومين. ففي ظل الأوضاع الصعبة، لن يغامر أحد في تهديد الأمن الاجتماعي لأي موظف، علماً أن مياومي الشركات يتقاضون 40 ألف ليرة عن كل يوم عمل. وهذا الأجر الزهيد لن يرتفع فيما لو حظي موظّفو مؤسسة الكهرباء بزيادة على رواتبهم أو نالوا بعض المكتسبات والمساعدات، كالتي تقدّمها الحكومة اليوم لموظفي ومستخدمي المؤسسات العامة”. وخلاصة القول بالنسبة للمصادر، هي “ابتزاز الحكومة للتجديد، بعد أخذ المياومين رهائن لدى الشركات. فإما التجديد أو يذهب المياومون إلى منازلهم”.
وأمام كل ما يحصل، يأسف أمين سر نقابة عمال ومستخدمي مؤسسة كهرباء لبنان، غسان حيدر، للتوجه نحو التجديد وإعطاء الشركات صلاحيات إضافية، الأمر الذي يؤثر على عمل موظفي المؤسسة، الذين قد يتحوّلون إلى مجرّد مشرفين على أعمال الشركات. إلى جانب تحويل الكثير من موظفي قسم التوزيع، إلى عاطلين عن العمل بفعل توسيع الصلاحيات، ولا يمكن نقلهم إلى أقسام أخرى بموجب مذكرات إدارية، إذ ترتفع الأعداد في تلك الأقسام”، وفق ما يقوله لـ”المدن”.
ويشير حيدر إلى أن “ما حققته الشركات حتى الآن، ليس سوى الفشل، والمراقبة المستقبلية ستبيّن فشلاً إضافياً. علماً أن شركة نييدز الاستشارية (جرى التعاقد معها سابقاً لتقييم مشروع مقدمي الخدمات) أوصت بوجوب وقف المشروع لأنه فشل. ومع ذلك استمر”. ويوضح حيدر أن النقابة طلبت مؤخراً من الحكومة “تشكيل لجنة من مجلس الوزراء لتقييم أعمال الشركات على الأرض، قبل اتخاذ أي قرار بالتمديد أو التجديد. ولا جواب حتى الآن”.
ويطالب حيدر بـ”النظر في وضع المؤسسة وإعلاء مصلحتها قبل مصلحة الشركات. فمبنى المؤسسة ما زال حتى الآن متضرراً جرّاء تفجير مرفأ بيروت، والموظفون يعملون داخل غرف تشبه الحاويات (كونتينر)، وهي غير ملائمة للعمل. علماً بأن هناك 15 مليون دولار في مجلس الإنماء والإعمار مرصودة لتجديد مبنى المؤسسة”. ويدعو حيدر إلى “الشفافية في هذا الملف. فإن كان الهدف هو بيع المؤسسة، فليكن ذلك بعد إعطاء الموظفين والمياومين حقوقهم، من دون لفّ أو دوران”.