“ميتافيرس”: تحديات سياسية وقانونية أمام مشروع زوكربيرغ الجديد

علن الرئيس التنفيذي لشركة “فيسبوك” مارك زوكربيرغ أن شركته أعادت تسمية نفسها باسم “ميتا” في محاولة لتضمين رؤيتها للواقع الافتراضي للمستقبل “ميتافيرس”. ويشير المشككون إلى أن الأمر يبدو أيضاً وكأنه محاولة لصرف الانتباه عما باتت تعرف بـ”أوراق فايسبوك”، وهي وثيقة مسربة كشفت الطرق التي تتجاهل بها الشركة التقارير الداخلية والتحذيرات من الأضرار التي أحدثتها شبكتها الاجتماعية أو تضخيمها في جميع أنحاء العالم، حسبما أوضحت وكالة “أسوشييتد برس”.

وذكر زوكربيرغ أنه يتوقع أن يصل “ميتافيرس” إلى مليار شخص في غضون العقد المقبل، مضيفاً أن المشروع “سيكون مكاناً يتمكن فيه الناس من التفاعل والعمل وخلق المنتجات والمحتوى” فيما يأمل أن يكون نظاماً بيئياً جديداً يخلق ملايين الوظائف للمبدعين، علماً أن “ميتا” تعني “ما بعد” باللغة اليونانية القديمة، ما يوحي بأن “هناك ثمة أشياء ينبغي بناؤها”.

وظهر مصطلح “ميتافيرس” للمرة الأولى في رواية الخيال العلمي “Snow Crash” للكاتب نيل ستيفنسون العام 1992. ويتكون المصطلح من جزئين: “meta” وتعني ما وراء، و”Verse” التي تعني مصاغ من الكون. وبالتالي فإن التسمية الجديدة تشير إلى تفاعل البشر كـ”أفاتار” مع بعضهم البعض في فضاء افتراضي ثلاثي الأبعاد يشبه العالم الحقيقي.

يأتي هذا الإعلان وسط أزمة وجودية بالنسبة لـ”فايسبوك”، حيث كشفت وثائق مسربة أن الشركة كانت على علم بالأضرار التي تسببها منتجاتها لكنها غالباً ما تتجاهل الباحثين والعاملين لديها الذين يحاولون إصلاحها.

وستحافظ شبكة “فايسبوك” وتطبيق “إنستاغرام” وخدمة “واتس اب” على أسمائها. وقال زوكربرغ خلال مؤتمر للمطورين: “تعلمنا كثيراً من المشاكل المتعلقة بمسائل مرتبطة بالتواصل الاجتماعي والعيش ضمن منصات مغلقة، وحان الوقت الآن للاستفادة من كل هذه العبر للمساهمة في بناء الفصل الجديد” حسبما نقلت وكالة “فرانس برس”.

وفيما تبدو “ميتافيرس” لغير المدركين في هذا المجال كنسخة من تقنية الواقع الافتراضي Virtual Reality، لكن متخصصين يرون أنها ستكون مستقبل الإنترنت، فبدلاً من استخدام جهاز الكومبيوتر، سيتمكن الأشخاص في “ميتافيرس” من استخدام سماعات الرأس للدخول إلى عالم افتراضي، يربط بين جميع أنواع البيئات الرقمية، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”.

ومن المنتظر أن يستخدم العالم الافتراضي عملياً لأي شيء بدءاً من العمل واللعب والحفلات الموسيقية، إلى التواصل الاجتماعي مع الأصدقاء والعائلة.

ويجتمع في “ميتافيرس” العالمان المادي والرقمي، وتتفاعل فيه التمثيلات الرقمية للناس، وعبرها يمكنهم العمل واللعب والاجتماع في مكاتبهم وحتى الذهاب إلى الحفلات الموسيقية. ويتيح “فايسبوك” حالياً نسخة من “ميتافيرس” تدعى “Horizon Workrooms”، وهو تطبيق يتيح للموظفين دخول المكاتب الافتراضية وعقد الاجتماعات.

وقال نيك كليغ، نائب رئيس “فايسبوك” للشؤون العالمية، أنه يعقد اجتماعات فريقه، كل يوم إثنين، في مكتب “ميتافيرس”، مضيفاً أن المشروع سيستغرق 10 سنوات ليكون جاهزاً، وسيكون سلسلة من العوالم المترابطة، حيث يمكن للمستخدم الانتقال من عالم “فايسبوك” إلى عالمَي “أبل” أو “غوغل”.

وخلال الإعلان عن الاسم الجديد، عرض “فايسبوك” سلسلة من مقاطع الفيديو المفاهيمية التي سلطت الضوء على رؤيته للميتافيرس، مثل إرسال صورة ثلاثية الأبعاد لنفسك إلى حفلة موسيقية مع صديق يحضر في الحياة الواقعية، أو الجلوس حول طاولات اجتماعات افتراضية مع زملاء بعيدين، أو الخوض في ألعاب مثيرة مع الأصدقاء. علماً أن الشركة ستوظّف 10 آلاف شخص في أوروبا لبناء هذا المفهوم. وقال زوكربيرغ: “لن تكون أجهزتك هي النقطة المحورية لاهتمامك بعد الآن… لقد بدأنا نرى كيف أن الكثير من هذه التقنيات ستتجمع معًا خلال السنوات الخمس أو العشر المقبلة. وسيصبح الكثير من هذا سائدًا، وسيخلق الكثير منا ويسكنون في عوالم مفصلة ومقنعة تمامًا مثل هذا، على أساس يومي”.

لكن هذه الطموحات تصطدم بمخاوف قانونية، خصوصاً استهداف القراصنة المدعومين من الدول لخصوصية وأمن المستخدمين. ففي “ميتافيرس” يمكن للقراصنة أن يستهدفوا ليس فقط المعلومات التي كانوا يحصلون عليها في السابق مثل العمر والجنس، بل قد يكون بإمكانهم الحصول على بيانات خاصة جداً مثل لغة الجسد، واستجابات المستخدم الفيزيولوجية، ومعرفة من يتفاعل معه وكيف يتم ذلك.

وأمام هذه المخاوف، أعلنت “فايسبوك” بالفعل عن برنامج استثماري بقيمة 50 مليون دولار “لضمان تشييد ميتافيرس بمسؤولية”. وخصصت الشركة مليارات الدولارات للاستثمار في المشروع، ما يقلل أرباحها بمقدار 10 مليار دولار في 2021.

مصدرالمدن
المادة السابقةمصرف لبنان يطلق يد المصارف لزيادة الرسوم والعمولات
المقالة القادمةالدائنون ينتهجون النمط الأرجنتيني لملاحقة السلطات اللبنانية