كان من الطبيعي ان يشعر اللبنانيون بالغبن بعد إقرار موازنة “فرض الضرائب” للعام 2024 والتي أقرها مجلس النواب، بالرغم من غياب الإصلاحات الحقيقية والمشاريع الإنمائية، التي من شأنها ادخال مليارات الدولارات الى خزينة الدولة. وقد يكون تشريع الموازنة العامة في موعدها الدستوري هو العامل الإيجابي الوحيد في كل ما تقدم. فآراء الخبراء الاقتصاديين تلتقي عند نقطة، ان العجز في الموازنة الحالية قد يصل الى حدود الـ 40% إذا استمر الفارق في النسب بين زيادات الأجور ومضاعفة الرسوم والضرائب، ما قد يجعل عملية متابعة تحصيل مدفوعات الديون المستحقة على الافراد والشركات متعثرة، وهذا يؤدي الى مزيد من الشلل في الإدارات العامة.
عود على بدء!
في موازاة ذلك، عاد موظفو القطاع العام الى الاضراب أمس، بعد ان أعلنت “رابطة موظفي الإدارة العامة” اضرابا لمدة اسبوع في كافة الدوائر والوزارات، على ان ينضم الى الاحتجاج مستخدمو الضمان الاجتماعي وتعاونية الموظفين، وذلك بدءا من يوم الخميس المقبل. ووفقا لمصادر رسمية “فإن الأمور ذاهبة باتجاه التصعيد، بعد ان اكدت كل قطاعات الإدارة العامة الالتزام بالتعطيل الشامل”.
لا ارقام دقيقة لأعداد
الموظفين في القطاع العام
بالمقابل، لا يوجد إحصاء رسمي دقيق حول عدد العاملين في مؤسسات الدولة، لكن بحسب تقرير نشرته “الدولية للمعلومات” في العام 2021، فان ذلك يعود لعدة أسباب “منها تعدد التسميات الوظيفية (موظف، متعاقد، أجير، متعامل) ، وتعدد الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات، ولكن عدد هؤلاء التقريبي يُقدّر بنحو 320 ألفا تقريباً . ويتوزع العاملون بالقطاع العام على النحو الاتي: 30 ألفا في الوزارات والإدارات العامة، 120 ألفاً في القوى الأمنية والعسكرية، 40 ألفاً في التعليم الرسمي، 130 ألفاً في المؤسسات العامة والبلديات، ويضاف إلى هؤلاء نحو 120 ألفاً من المتقاعدين أكثريتهم من العسكريين والمدرسين”.
وفي الإطار، قال أحد الموظفين في الإدارة العامة لـ “الديار”: ان الموازنة “لم تلحظ حقوقنا قط، وقيمة رواتبنا تتآكل بوتيرة قياسية، فالسلطة السياسية اقرت الموازنة وجعلت منها دولار السوق مرجعية لتحصيل كل مفاصل الاستهلاك والخدمات، بالإضافة الى الضرائب والرسوم. والانكى ان فواتير الدولة تضخمت عشرات المرات، ورواتب الموظفين بقيت على سعر 10 الاف ليرة مقابل الدولار الواحد”.
اضاف: “الواضح ان الدولة تتهرب من إقرار الزيادة المحقة للموظفين في الدوائر الرسمية والخدمة العامة، ونعتقد ان الضغط قد يضع السلطة امام الامر الواقع، وندعو المسؤولين للعمل على إيجاد الحلول المنصفة، سواء من خلال إعادة النظر في سلسلة الرتب والرواتب، او حتى استنباط تعديل جديد ضمن آلية قانونية معينة”.
الغاء مواد واستحداث غرامات
فوق ذلك، يؤكد خبراء اقتصاديون ان موازنة العام 2024 هي موازنة لفرض الرسوم، خاصة بعد ان تم الغاء 46 مادة من مشروع الحكومة ومواد كثيرة اخرى، كانت تتعلق باستحداث ضرائب جديدة عشوائية ولا تراعي الأوضاع الاقتصادية المزرية.
تنقيْح اجر الساعة!
في سياق يتصل بالقطاع التربوي وتعديل بدل اجر الساعة في كافة المراحل التعليمية، قال عضو لجنة الأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي في لبنان الدكتور حسين محمد سعد لـ “الديار”: “طلبت بشكل شخصي من وزير التربية زيادة أجور الساعات، ووعدنا بإجراء تعديل في هذا المجال. لكن حتى الساعة لم نحصل على الخبر اليقين، ونحن على تواصل دائم مع الوزير. ونطمح الى رفع اجر الساعة في الأساسي من 150 الى 700 ألف ليرة لبنانية، وفي الثانوي من 270 الى مليون ليرة لبنانية وهو الحد الأقصى، ونأخذ حاليا بدل إنتاجية 300 دولار وذلك بحسب عدد الساعات التي تنفذ كل شهر”.
أضاف: “نحن ندفع الضرائب التي أضحت مضاعفة على سعر الصرف الرسمي، أي بحسب منصة صيرفة، ورواتبنا تضاعفت 7 مرات، لذلك توجد فجوة كبيرة ما بين سعر الصرف والأجور التي نتقاضاها”. وتابع “المداخيل اليومية بالإجمال لا تتخطى مليون ليرة لبنانية حتى وان دَرّسنا 7 ساعات في اليوم، وقد تتجاوز المليون في حال علّمنا 7 ساعات في الثانوي”. وأشار الى “ان وضع الفئات الأخرى في الإدارات العامة يعتبر أفضل، ويتقاضى هؤلاء على اليومية بدلا أعلى كما هو مذكور في الجدول الرسمي”.
في اضراب او ما في!
وأوضح سعد “ان العلاقة طيبة مع وزير التربية الذي يعمل جاهدا على مضاعفة اجر الساعة، لذلك نحن بانتظار خبر من معاليه. وبتّ هذا المطلب يكون اثناء جلسة اقرار الموازنة في مجلس الوزراء، ولا معلومات إضافية لدينا بعد حول هذا الموضوع. لذلك نرجو اثارة هذه المسألة عبركم للضغط على المعنيين، على امل التجاوب مع مرادنا المحق. ولكن اجزم ان الأجواء لا تزال إيجابية مع الدكتور عباس الحلبي الذي يلبي حاجاتنا، ولا نريد التصعيد او العودة الى الإضرابات، وهذا العامل اساسي جدا لانتظام سير العام الدراسي الراهن”.
ماذا لو لم يُصحّح او يُعدّل اجر الساعة؟ يجيب سعد “نحن متفائلون، لان روح التعاون قائمة بين مختلف الجهات، وفي حال كان اجر الساعة اقل من 700 ألف نرضى ولن نذهب الى الاضراب والتصعيد، ونترقب حاليا اتمام التعديل فقط”. أضاف “المرسوم يصدر من جانب وزير التربية بالاتفاق مع وزير المال، وهذه القضية مرهونة بقرار الاخير. كما ان التريث لجهة اتخاذ خطوات مستقبلية متعلق بالقرار ذاته. ونحن طالبنا الوزير في الاجتماع الأخير باجراء تصحيح عادل للأجور من خلال سلسلة رتب وراتب جديدة للقطاع العام”.
وختم “بصراحة رواتبنا هي الأدنى في القطاع العام كأساتذة ومتعاقدين، بينما الوضع في الخاص أفضل، فالحد الأدنى للأجور يبدأ من 550 دولارا وما فوق، الى جانب جزء يدفع بالعملة الوطنية بحدود الـ 20 مليون ليرة لبنانية، أي ان معاش الأستاذ يصل الى حوالى الـ 800 دولار شهريا”.