قال نائب رئيس المصرف المركزي الأوروبي، لويس دي غيندوس، امس الاثنين إن «الأسوأ في التضخم انتهى». فيما رجح عضو المصرف، بيتر كازيمير، أن يكون رفع المصرف لأسعار الفائدة يوم الخميس الماضي، الأخير في الوقت الحالي، قائلاً في الوقت نفسه إن صناع السياسات سيحتاجون إلى الانتظار حتى مارس (آذار) المقبل للتأكد من ذلك، ولا يمكن استبعاد المزيد من رفع أسعار الفائدة.
وأوضح غيندوس أن أجزاء من التضخم باتت معتدلة، لافتاً إلى أن ارتفاع أسعار الطاقة يغذي حالة عدم اليقين.
وكان غيندوس قال لمحطة الإذاعة الإسبانية «كوب» يوم الجمعة: «نعتقد أنه مع الزيادة الأخيرة، قد يكون مستوى أسعار الفائدة، إذا تم الاحتفاظ به لبعض الوقت، كافياً لتلاقي التضخم إلى هدف 2 في المائة».
ورفع المصرف المركزي الأوروبي سعر الفائدة على الودائع إلى مستوى قياسي بلغ 4 في المائة الأسبوع الماضي، وألمح إلى توقف مؤقت، مما رفع التوقعات في السوق بأن الخطوة التالية ستكون التخفيض، ربما في أواخر ربيع عام 2024.
وقال كازيمير في مقال رأي: «توقعات شهر مارس فقط هي التي يمكن أن تؤكد أننا نتجه بشكل لا لبس فيه وثابت نحو هدف التضخم لدينا. لهذا السبب لا أستطيع الآن أن أستبعد إمكانية زيادة أسعار الفائدة في المدى القريب».
وكان كازيمير، محافظ المصرف المركزي السلوفاكي، واحداً من صانعي السياسة القلائل في الفترة التي سبقت اجتماع السياسة في سبتمبر (أيلول) الذين دعوا علناً إلى رفع سعر الفائدة، بحجة أن التضخم الأساسي لا يزال ينضج، والمصرف المركزي الأوروبي لا يزال معرضاً لخطر التعثر قبل بلوغ الهدف.
وأضاف كازيمير أنه حتى لو كان المصرف المركزي الأوروبي عند ما يسمى بـ«المعدل النهائي»، أو ذروة أسعار الفائدة، فسيحتاج المصرف إلى رسم مسار ثابت لفترة ممتدة. وقال: «لنفترض أننا بالفعل في القمة. إذا كان الأمر كذلك، فقد نضطر إلى البقاء في هذا النطاق لبعض الوقت، بما قد يمتد إلى الشتاء والربيع والصيف». وأضاف «لذلك من السابق لأوانه وضع رهانات السوق على موعد إجراء أول تخفيض لأسعار الفائدة».
وستؤدي نهاية رفع أسعار الفائدة أيضاً إلى بدء مرحلة جديدة من مناقشة السياسة، وسيحتاج صناع السياسات بعد ذلك إلى مناقشة ما يجب فعله مع برنامجي شراء السندات التابعيْن للبنك، وهما برنامج شراء الطوارئ الوبائية، وبرنامج شراء الأصول.
وقال كازيمير: «بمجرد أن تؤكد البيانات والتحليلات الاقتصادية الواردة أن مزيداً من التشديد ليس ضرورياً، أرى مجالاً لنقاش حول تعديل وتيرة التشديد الكمي لدينا».
ومن المقرر إعادة استثمار الديون المستحقة في برنامج شراء الطوارئ الوبائية حتى نهاية عام 2024، ويقول بعض صناع السياسات إنه يجب إعادة النظر في هذا التاريخ. وفي الوقت نفسه، يجادل آخرون بأن السندات في برنامج شراء الأصول يمكن الآن بيعها.
وفي هذا الإطار، قال عضو مجلس محافظي المصرف المركزي الأوروبي ماديس مولر، إن هناك ضرورة كي يبحث المصرف تسريع عملية تقليص محفظة سنداته الآن، بعدما وصلت أسعار الفائدة إلى مستوى ربما يكون مرتفعاً بما يكفي للسيطرة على التضخم.
وأشار مولر، وهو محافظ المصرف المركزي الإستوني، في مقابلة في سانتياغو دي كومبوستيلا بإسبانيا، إلى أن أحد الخيارات يتمثل في البدء بالتخلص من 1.7 تريليون يورو (1.8 تريليون دولار) من الأوراق المالية التي جُمعت خلال الجائحة في إطار ما يسمى «برنامج شراء السندات الطارئ لمواجهة آثار الجائحة»، إذ من المقرر حالياً إعادة استثمار العوائد بالكامل حتى نهاية 2024.
وأضاف على هامش اجتماع وزراء مالية منطقة اليورو «يجب أن نجري نقاشاً قريباً بخصوص كيفية المضي قدماً في إعادة استثمار عوائد برنامج شراء السندات الطارئ لمواجهة آثار الجائحة وإلى متى… هناك حجة قوية لصالح وقف إعادة استثمار عوائد البرنامج قبل نهاية العام المقبل. وسيكون ذلك متسقاً مع سياسة سعر الفائدة لدينا»، وفق ما نقلته «بلومبرغ».
وينضم مولر بتعليقاته إلى مجموعة متزايدة من صناع السياسات الذين يضغطون من أجل تخفيض أسرع لمحفظة سندات المصرف المركزي الأوروبي. وتوقفت بالفعل عمليات إعادة الاستثمار في إطار برنامج شراء الأصول البالغ حجمه 3.1 تريليون يورو، الذي دشنه المركزي الأوروبي عندما كان التضخم منخفضاً للغاية، ولذا لا يمكن تسريع عملية التقليص إلا من خلال المبيعات.
وأشار بوستغان فاسلي، رئيس المصرف المركزي السلوفيني، إلى أنه يفضل استهداف برنامج شراء الأصول من أجل تشديد كمي أكثر قوة. وفي مقابلة أجريت معه يوم الجمعة؛ قال إنه يجب على المسؤولين الاحتفاظ – على الأقل في الوقت الحالي – بالمرونة التي توفرها عمليات إعادة الاستثمار في برنامج شراء السندات الطارئ لمواجهة آثار الجائحة في إبقاء عوائد السندات قيد السيطرة.
وكانت رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد قالت الأسبوع الماضي إن المسؤولين لم يناقشوا أي تغييرات على سياساتهم الحالية بشأن التشديد الكمي. كما أكد مولر، وهو عادة أحد المسؤولين الأكثر تشدداً في مجلس إدارة المصرف المركزي الأوروبي، على أنه يعتقد بأن تكاليف الاقتراض من غير المرجح أن ترتفع أكثر.
وقال إن «هناك فرصة جيدة بألا نضطر إلى رفع أسعار الفائدة أكثر، لكن بالطبع يمكن أن يتغير ذلك إذا لم ينخفض التضخم بالسرعة المتوقعة». وأضاف أن المسؤولين ربما يكونون قادرين على السيطرة على نمو أسعار المستهلكين دون التسبب في تباطؤ بمنطقة اليورو المكونة من 20 دولة حتى مع تزايد المخاوف بشأن التوقعات الاقتصادية.
وأضاف مولر «بالطبع لا نريد أن نتسبب في ركود، لكن من غير المرجح للغاية أن يحدث ذلك الآن. إنها فترة صعبة بالنسبة لاقتصاد منطقة اليورو، لكن لا يزال يتعين علينا أن نتوقع انتعاشاً تدريجياً قرب نهاية العام».